السؤال
السلام عليكم.
أنا طالبة، وكنت دائما متفوقة في دروسي، وأحصل على المرتبة الأولى في صفي، ولكن عندما بدأت سنة دراسية جديدة أصابني النسيان الشديد لأبسط الأمور، حتى أصبحت بطيئة الحفظ والفهم، ومشتتة الذهن، غير مركزة بأي شيء أكتبه أو أدرسه.
كما أصابني صداع في إحدى الفترات عندما كنت أبدأ بالدراسة، ويحصل نفور منها، وأنا أكتئب من حالتي هذه التي وصلت لها، وأصبحت لا أحصل على العلامة الكاملة إلا نادرا، وأصبحت جميع علاماتي ناقصة، ليست كالسابق.
أصبحت مهمومة من هذا الوضع، أدرس ولا ينفع، وأنسى بسرعة، وغير هذا أترك بعض الصلوات وأتكاسل، أريد حقا أن أكون قريبة من الله، وأن أقوم الليل، وأن أحسن حياتي على النهج الديني أكثر وأكثر، الحمد لله، قلبي معلق بالله، لذلك أندم عند ترك الصلاة، أو عند فعل أي ذنب.
أريد أن أصبح مطمئنة، والله راض عني، ولا أعلم كيف ألتزم، أو من أين أبدأ! أخشى أني أصلي من أجل شيء، وإذا تحقق أتوقف عن الصلاة، ولكن أنا حقا لا أفعل ذلك عن قصد.
هذا الأمر هو الذي جعلني أقترب إلى الله، وغير ذلك أمي مريضة مرضا شديدا، وأنا أعيش ظروفا صعبة جدا، وأخاف أن أفقدها بأي لحظة، وكل شيء أصبح سيئا، لا أعرف من أين أبدأ، أو ماذا أفعل، أو ماذا أصابني؟! أنا يائسة من كل شيء حولي، كل شيء أصبح سيئا، هل هو عقاب على شيء أنا لا أعلم عنه، أم ماذا؟
أنصحوني، ماذا أفعل؟ أنا مقبلة على فترة تحديد مصير في العام المقبل، ولا أريد أن تبقى أوضاعي هكذا، أريد أن أقترب إلى الله، وأن أشعر بالراحة، أن تكون حياتي كلها لله، أن أفعل جميع الأمور التي ترضي الله عز وجل، وأن يحبني الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -ابنتنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وأن يوفقك للعمل الصالح، إنه مجيب الدعوات.
ابنتنا: من الطبيعي أن تقل معدلات الدراسة لمن تشتت ذهنها، فأنت اليوم تذاكرين وعقلك مشوش، تقرئين في الكتاب وعقلك هناك حيث المشاكل الموجودة، وتضخيمها من الشيطان، فمثلا والدتك مريضة، نسأل الله لها الشفاء العاجل، يستغل الشيطان هذا الحدث حتى ينقلك من عالم الواقع أنها بجوارك، وأنها مريضة، وأن الشفاء موجود بأمر الله، إلى عالم الخوف والوهم والفزع والقلق والاضطراب، حيث: ماذا لو حدث لها كذا؟ ماذا لو أصابها كذا؟ هذه وحدها كفيلة أن تشتت ذهنك، وأن تصرفك عن هدفك، فإذا أضفنا إلى ذلك ضعف التدين القائم، وتأخير بعض الصلوات، لعلمنا أن ما أنت فيه هو طبيعي، لكنه مؤقت، وستعودين -إن شاء الله- إلى معدلاتك الطبيعية إذا فعلت ما نوصيك به.
ابنتنا الفاضلة: قبل أن نتحدث عن الخطوات، نحب أن ننبهك إلى خطر وسائل الشيطان في صدك عن الطريق الصالح، مثلا: أتاك من زاوية خبيثة، مفادها (أخشى أن يظن الله أنني أصلي من أجل الشيء، وإذا تحقق أوقف الصلاة)، هل هذه الكلمة تقال في حق الله الذي خلقك وسواك، ويعلم مستقرك ومستودعك، ويعلم سرك ونجواك؟!
إنها إحدى وسائل الشيطان، فانتبهي لها، فأنت -والحمد لله- على خير، ومحبة لدينك، ومحبة لنبيك صلى الله عليه وسلم، والله يعلم ذلك عنك، فلا تقلقي.
أما عن النصائح والبدايات:
أولا: إعلان التوبة إلى الله عز وجل، عن كل تقصير وقعت فيه، مع التزام تام، وعهد عليك بالصلاة في وقتها مع النوافل، والاجتهاد في الصلاة، ولو ركعتين اثنتين قبل النوم.
ثانيا: المحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم، فهي الحصن الحصين لك.
ثالثا: الإيمان التام بأن الله لا يقضي إلا الخير، والظن الجميل في أن الله سيشفي والدتك، وتذكري دائما قول الله في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن عبدي ما شاء) فظني بالله تعالى الخير.
رابعا: قراءة كتاب، أو الاستماع إلى حديث حول القضاء والقدر، وتحديدا حكمة الله في القضاء والقدر، حتى تؤمني يقينا بأن أقدار الله هي الخير لك وأنت لا تشعرين.
خامسا: الابتعاد عن الهزيمة النفسية التي يحاول الشيطان إيهامك بها بأن الوصول صعب، هذا وهم، أنت فتاة متميزة، وقدراتك العقلية جيدة، وعلاقتك بالله من حيث الأصل جيدة، وهذا يعني أن الوصول إلى ما تريدين قريب جدا منك.
سادسا: اعتمدي أسلوب التركيز المبصر، وخلاصته: أن تقرئي في الكتاب مدة محددة لا تتجاوزيها، وأن تلخصي ما قرأت في ورقة منفصلة، وأن تضعي أسئلة على كل ورقة تنتهين منها، وأن تجيبي على الأسئلة فور الانتهاء من المذاكرة، على أن تظل هذه الأوراق عندك.
هذه هي الخطة -ابنتنا الكريمة-، ونحن واثقون أنك ستحظين بأعلى الدرجات العلمية، وأنك ستتجاوزين هذه المرحلة -إن شاء الله-.
ونسأل الله أن يشفي والدتك، ويوفقك، إنه جواد كريم.