السؤال
السلام عليكم.
أنا أعاني من الوسواس القهري، والاكتئاب، وعدم الإحساس بالواقع كأن بيني وبين الواقع حاجزا، أو كأني في فقاعة، ولكني أتفاعل مع الآخرين بشكل عادي، وتحسن عندي الوسواس مع دواء (أنافورنيل).
ولكن مشكلة تسرب البول جعلني أوقفه؛ لأنه ينيمني بعمق فيتسرب البول أثناء النوم، فأنا الآن أعاني من عدم التحكم في البول، فعندما أشعر بأني أريد الدخول إلى الحمام أجلس أولا وأرتعش كثيرا إلى أن تؤلمني ساقاي محاولة أن أوقف تسرب الحمام، وإذا لم أستطع الجلوس والارتعاش يخرج البول ولا أستطيع حبسه، وأنا في حالة طبيعية، فهل يوجد علاج للتخلص من هذا الحالة كليا، أم أني لن أستطيع التحكم في البول مدى الحياة؟ وما هو تفسير الإحساس النفسي الأخير الذي تم ذكره؟ وهل له صلة بتسرب البول؟ وأيضا أحيانا كثيرة أضطر إلى تدليك المثانة لإخراج باقي البول، وهل كل تلك الأمراض تورث إذا تزوجت؟ لأنني لا أريد لأطفالي أيا من تلك الأمراض.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت لديك وساوس قهرية - كما تفضلت - وغالبا يكون نتج عنها اكتئابا ثانويا، وعدم الإحساس بالواقع - أو ما يسمى باضطراب الأنية - هو جزء من القلق النفسي الذي يكون مصاحبا للوسوسة وللاكتئاب.
موضوع تسرب البول وعدم التحكم فيه: حقيقة شيء غريب بعض الشيء، لم أجد له تفسيرا علميا، ربما يكون هو جزء من الوسوسة، وربما يكون أن المثانة والسبيل قد حدث له نوع من البرمجة التي جعلتك تكونين على هذا النمط، وربما تكون هنالك حالة عضوية مرضية، وأرجو ألا تنزعجي لكلامي هذا؛ حيث إن التهابات المثانة قد تكون سببا في ذلك، التهاب السبيل أيضا قد يكون سببا في ذلك، وبالمناسبة مجرى البول عند المرأة قصير جدا، طوله أربعة سنتيمترات فقط، وعند الرجل خمسة وعشرون سنتيمترا؛ لذا الإصابة بالالتهابات البولية كثيرة جدا عند النساء.
الذي أراه - أيتها الفاضلة الكريمة - هو أن تذهبي لطبيبة متخصصة في المسالك البولية، لتقوم بفحصك بصورة صحيحة، ويتم تحليل البول، ويتم إجراء صورة موجات صوتية للمثانة، وكذلك السبيل، وإن شاء الله تعالى نتأكد تماما أنه لا توجد علة عضوية. هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: الوسواس يجب أن تتعاملي معه من خلال الرفض التام له، وتحقيره تماما، ويجب ألا يكون جزءا من حياتك أبدا، التجاهل، التحقير، التنفير، وصرف الانتباه من الوسواس هي المبادئ العلاجية.
والاكتئاب اسألي نفسك: لماذا الاكتئاب أيتها الفاضلة الكريمة: أنت في بدايات سن الشباب، وأنت طالبة جامعية، وأنا متأكد أنه لديك أشياء كثيرة وجميلة في حياتك. فيجب ألا تتركي مجالا للفكر السلبي التشاؤمي ليستحوذ عليك؛ لأن علماء النفس والسلوك يرون أن معظم حالات الاكتئاب النفسي ليس علة في المزاج في حد ذاته، إنما هي علة في التفكير وطريقة التفكير، وحين تستحوذ الأفكار السلبية هذا يؤدي إلى تغير كبير في المزاج، فيجب أن نكون متفائلين.
عليك بالتوكل على الله، عليك بأن تعيشي على الأمل والرجاء، وأن تحسني إدارة وقتك، وأن تتجنبي السهر، وأن تمارسي أي نوع من الرياضة التي تفيدك.
بقي أن أقول لك أن العلاج الدوائي مهم جدا، الـ (أنفرانيل) بالفعل دواء جيد لعلاج الوساوس، لكنه يزيد من النوم، ولذا إيقافك له كان قرارا سليما، لكن يجب أن تستبدليه بدواء آخر مثل الـ (فلوكسيتين) مثلا، الـ (بروزاك) رائع جدا، ولا يؤدي إلى زيادة النوم أبدا، بل من الأفضل أن يتم تناوله نهارا؛ لأنه قد يضعف النوم ليلا، والجرعة المطلوبة في حالتك هي كبسولة واحدة في الصباح، وقوة الكبسولة هي عشرين مليجراما، يتم تناولها لمدة شهر، ثم كبسولتين في اليوم - أي أربعين مليجراما يوميا - وهذه قد تحتاجينها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تخفضيها إلى كبسولة واحدة لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.
وتوجد أدوية أخرى أيضا رائعة جدا مثل عقار (سيرترالين) والذي يعرف تجاريا باسم (لوستيرال)، وكذلك عقار (اسيتالوبرام) والذي يسمى تجاريا (سيبرالكس)، وعقار (فلوفوكسامين) والذي يسمى (فافرين) كلها أدوية رائعة، وأكثر حداثة من الأنفرانيل، وفائدتها وقيمتها العلاجية عالية جدا.
لا تخافي حول المستقبل، إن شاء الله الحالة سوف يتم علاجها، وإن شاء الله لا توجد أي تأثيرات وراثية، وليس هنالك ما يمنع من الزواج.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.