مغترب وأرغب بالعودة خوفًا على ديني، فما توجيهكم؟

0 24

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 22 سنة، نشأت وترعرعت في سوريا، وبعدها ذهبت مع عائلتي إلى لبنان بسبب الحرب، كنت متفوقا جدا في دراستي، وملتزما بواجباتي الدينية، كان حلمي الدراسة في بلاد الغرب، وفعلا حصلت على منحة دراسية إلى كندا في مدرسة داخلية مختلطة في سن السابعة عشر، عندما سافرت أدركت أنني أخطأت في اختياري، فلم أستطع التأقلم مع الثقافة الغربية، ولا مع عاداتهم، ولا حتى الطقس، وبدأ التزامي في الصلاة يخف يوما بعد يوم؛ بسبب وتيرة الحياة السريعة التي تجعل الفرد مثل الروبوت.

كانت المدرسة مختلطة والطلاب يمارسون جميع أنواع الفواحش مثل اللواط والخمر، بعد انقضاء عامين نصحني والدي بتقديم اللجوء لتجنب الخدمة الإلزامية في سوريا، وفعلت ذلك، كان تركيزي أن أكمل تعليمي الجامعي، وصعقت عندما علمت أن التعليم يمول بقروض ربوية من الدولة، فقررت تأجيل تعليمي، واشتغلت لفترة حتى جمعت مبلغا من المال ليتم إعفائي من الخدمة العسكرية.

دخلت الجامعة ثم تركتها خوفا من مسألة القروض الربوية من جهة، وبسبب عدم تأقلمي مع الجو العام في البلد، وشوقي لأهلي أيضا، ولكن ما فعلته أثار غضب والداي وأقاربي بحجة أنني يجب أن أحقق المستقبل، ولا يوجد مستقبل في سوريا، ويجب علي أن أنتظر ريثما أحصل على الجنسية، لكني تعبت، وأصابني اكتئاب حاد قد يؤدي بي إلى الجنون؛ لأن صدري ضاق من وتيرة الحياة الغربية، والمناخ السيء، والتشرد، ونظام البطاقات الائتمانية، والقروض الربوية، كل ما أريده هو حياة زهيدة مع أهلي، أخطط للعودة، فهل عودتي تعتبر عقوقا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك اهتمامك بأمر الدين، ونسأل الله أن يعيدك إلى التزامك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أحسنت عندما قدمت أمر الدين، والذي نريد أن تحافظ عليه، وطاعتك لرب العالمين؛ لأن هذه هي الغاية التي خلقنا لأجلها، وأتمنى أن تتفاهم مع الوالدين بهدوء، وتشرح لهم الصعوبات التي تواجهك، ونتمنى أن يتفهموا هذا الوضع الذي أنت فيه.

وحقيقة: الإنسان ينبغي أن يجتهد أيضا في دراسته، ويسدد ويقارب، ومثل هذه الأمور الإنسان يشاور فيها أهل الخير، فأرجو أن تشاور الفضلاء والعلماء وأئمة المساجد الموجودين هناك، وتطلب مساعدة إخوانك من الأخيار والصالحين، وتنحاز إليهم، حتى لا تتأثر سلبا، وعلينا أن ندرك جميعا أن أغلى ما نملك هو هذا الدين، والإنسان ينبغي أن يحافظ على دينه ويحافظ على قيمه وثوابته.

وكل ما يهدد هذا حقيقة لا ربح بعده ولا خير في الاستمرار، إذا كان الدين هو الثمن، وإذا كان الإنسان سيفقد التزامه وطاعته لله تبارك وتعالى، فالمسلم لا يملك أغلى من دينه، ونتمنى أن تجد من يتفاهم مع الوالدين ويعينك على إكمال هذا المشوار بالطريقة الصحيحة، وهناك أيضا رغم وجود هذا الشر ستجد هناك أخيار في مراكز إسلامية وفي مساجد، سيكونون عونا لك، وهم أهل مكة، وهم أدرى بشعابها، فالإنسان عليه أن يستشير إخوانه ويستخير ربه ويجتهد ويسدد ويقارب، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يعينك على حفظ دينك أولا وثانيا وثالثا، وأن يلهمك السداد والرشاد.

وبالنسبة للوالدين أرجو أن تجد من يتفاهم معهم ويقنعهم بوجهة نظرك، ونسأل الله أن يردك سليم الدين سليم العقيدة، ناجح في حياتك، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات