السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة، أبلغ من العمر 17 عاما، وأدرس في السنة الأخيرة من الثانوية العامة، أعاني من عدة أمور وهي:
شهوتي الجنسية تزداد يوما بعد يوم رغما عني؛ حيث إنني أغض البصر، ولا أتابع الأفلام ولا المسلسلات -بفضل الله-، ولا أمارس العادة السرية، بحكم أنها تضر على المدى البعيد أكثر مما تنفع لدقائق معدودة، ولكن بمجرد دخولي غرفتي تبدأ وساوس الشيطان، وأبدأ الجهاد لأحارب الشهوة، وأتم دراسة مناهجي الصعبة، وأعرف جيدا أنه على الإنسان أن يتحكم بمشاعره وشهواته وليس العكس.
وأعرف أيضا أن على الإنسان أن يستعفف، وأن يصوم إن لم يمكن له الزواج، ولكنني لا أستطيع الصيام؛ فلدي أعذار صحية تمنعني منه مؤقتا، وبالتالي بدأت أشعر بالتشتت المرتفع، لدرجة أن درجاتي انخفضت ورسبت ببعض امتحانات المدرسة، ولم تبق لي إلا فرصة الامتحانات النهائية الوزارية.
حتى أن علاقتي بالمولى -سبحانه وتعالى- بدأت تتراجع، فقد كنت أقوم الليل بركعتين خالصتين لوجه الله الكريم، وأقرأ خمس صفحات من القرآن عند كل فرض، وأحافظ على السنن الرواتب والشفع والوتر وصيام الاثنين والخميس والأذكار، أما الآن فأستثقل أداء الفروض، بل حتى أستثقل الوضوء لغير صلاة، تراجعت كثيرا، رغم أنني منذ شهرين ارتديت النقاب -بفضل الله-.
أريد حلا، فالبعد عن الله مصيبة تجر كل المصائب، وإن لم نكن مع الله لن يكون الله معنا، ضعت فأرشدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يثبتك على الطاعة إنه جواد كريم.
ما أجمل عبارتك الأخيرة أختنا الفاضلة: (البعد عن الله مصيبة تجر كل المصائب) وهذا حق، وما دمت قد وصلت إليه، وعلمت عاقبة الطريق الصحيح، وارتديت النقاب رغبة في الصلاح، فاعلمي أن المعركة معك قد بدأت، وأن الشيطان لن يسلمك لتحظين بمرضاة الله تعالى، لن يسلمك لنيل أعلى الدرجات العلية في الجنة، لن يسلمك لتستقيم لك الحياة وتفوزين معها بالآخرة، وعليك -أختنا- أن تكوني مستعدة، فقد اخترت الله ورسوله، واخترت مرضاته، ولابد لك من الاستعداد لذلك، فليس من طلب العلا كمن طلب غيره أختنا.
ثقي أنك بالله منصورة، وأنت في حصن حصين ما دمت مع الله، وثقي أن العاقبة للمتقين، وأن الفوز الحقيقي هو فوز مرضاة الله والجنة، إذا ما وصلنا لتلك القاعدة سنصل إلى أمرين مهمين:
1- أن الشيطان سيظل متربصا بك، وأنه يعمد إلى الخطوات البسيطة من أجل الاستدراج الكلي، فمثلا إذا أراد أن تقصري في صلاة الفرض بدأ بتهوين صلاة النفل، وإثقالها على قلبك حتى يحظى بمراده؛ لذا علينا الانتباه لخطواته.
2- أنك بهذا الجهاد مأجورة وأن الله سيعينك متى ما تحصنت به.
أختنا الكريمة: لكل معصية أسباب دافعة إليها، ووسائل يستخدمها الشيطان، فإذا تعرفنا على الأسباب والوسائل استطعنا التغلب على الشيطان، وبالعودة إلى سؤالك فأنت -والحمد لله- قد حصنت عينك مما حرم الله، وهذا نصف العلاج، بقي أن نعلم أن الشيطان عمل معك على محورين:
1- الوسوسة ساعة الخلوة.
2- إضعاف همتك للنافلة.
فإذا أردت بطريقة عملية القضاء على وسوسته تلك فعليك بما يلي:
1- لا تدخلي غرفتك إلا لحاجة، وإذا دخلت الغرفة فاتركي بابها مفتوحا إن أمكن، أو استصحبي معك من أهلك من يجلس معك.
2- قسمي عملك في الغرفة على الوقت، بمعنى الساعة الأولى لمادة كذا، والساعة الثانية لكذا، والثالثة لكذا.
3- كوني على وضوء أثناء وجودك على قدر المستطاع.
4- تجاهلي الوسوسة واستحضري في ذلك مراقبة الله لك.
إذا فعلت ذلك سيقل الوسواس كثيرا، لكن إن تمكن أكثر منك فاعمدي إلى أحد ما يلي:
1- الخروج بالكتاب من الغرفة.
2- التحدث مع الأهل ولو لعشر دقائق.
3- الوضوء ولو بدون صلاة وإن أتبعته بركعتين فهذا خير.
4- قراءة صفحة من كتاب الله تعالى.
5- الاستماع لمحاضرة، أو مشاهدة موعظة دينية ترقق القلب على ألا تكون طويلة حتى تعودي لمذاكرتك.
وهكذا أختنا تعاملي مع الشهوة، وستنتصرين عليها إن شاء الله.
أختنا الفاضلة بقي أن نوصيك عدة وصايا:
1- حافظي على النوافل مع الفرائض وتذكري هذا الحديث، واكتبيه واجعليه أمامك، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعـطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه} وهذا الفضل العظيم لا تجعليه يفوتك.
2- المحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية وأذكار النوم.
3- لا تذهبي للنوم إلا وأنت مرهقة جدا، وكوني على وضوء ولا تنسي آية الكرسي مع أذكار النوم.
4- اجتهدي أن تقرئي سورة البقرة كل ليلة أو على الأقل الاستماع لها.
5- أكثري من الدعاء لله -عز وجل- وثقي أن الله سيعينك أختنا، فإذا ضعفت همتك أو قلت عبادتك أو غير ذلك فاهرعي فورا للتوبة وجددي الأوبة، واعلمي أن الله قريب مجيب أختنا الفاضلة.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.