السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي لا أعلم ما هي! حيث إنني منذ ثلاث سنوات تقريبا مر والدي بأزمة صحية كبيرة أدت إلى وفاته بعدها بسنتين، ثم مرضت والدتي بسبب الحالة النفسية السيئة، وانتقلت إلى العمل في مدينة أخرى.
منذ شهرين تقريبا بدأت تظهر علي أعراض غريبة مثل الفزع ليلا وكأني أحتضر، وتسارع في ضربات القلب، وتعرق، وثقل شديد بالرأس، وزغللة في العين لدرجة أنني أخرج في الشارع هائما بلا هدف، ثم أشعر بعدها بالراحة الشديدة، وتتكرر هذه الأعراض عند التفكير أو العصبية، وفي إحدى المرات أتتني نفس الأعراض مع ضيق في التنفس، فذهبت لإجراء رسم قلب، وكان سليما -الحمد لله-، وقياس الضغط سليم وطبيعي، والسكر طبيعي -الحمد لله-.
ذهبت لدكتور أنف وأذن أخبرني أنني أعاني من انحراف الحاجز الأنفي، وأن كل هذه الأعراض نتيجة انقطاع النفس المفاجئ، وعندما تحدثت مع صديق لي قال لي: إن هذه أعراض نوبة هلع واضحة، وأن علي عدم التفكير، فأصبحت أبحث على الإنترنت وأجد أمراضا خطيرة متعلقة بهذه الأعراض، فلا أستطيع النوم خشية ذلك.
عرضت نفسي على دكتورة نفسية، وأخبرتني أن كل ذلك بسبب الكبت نتيجة السنوات السابقة والأزمات المتتالية، ونصحتني باتباع أسلوب حياة صحية، وعدم التفكير الزائد، فاتبعت أسلوب حياة صحية، ولكني شعرت بثقل في نفسيتي، نعم الأعراض اختفت ولكن عادت للأسف منذ يومين، فذهبت إلى الطوارئ، وتحدث معي الدكتور عن الأعراض، وقال لي: لن أقوم بأي أكشف؛ لأنها أعراض نفسية واضحة، ولن يتم إجراء أي تحاليل؛ لأن ذلك سيزيد من قلقي؛ لأنها ستظهر سليمة، أرجو الإفادة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لوالدك الرحمة والمغفرة ولجميع موتى المسلمين.
أيها الفاضل الكريم: الحالة التي حدثت لك بالفعل هي نوع من القلق النفسي الحاد وغير المسبب، والذي يسمى بنوبة فزع أو هرع أو هلع، وهي حالة معروفة جدا وسط الناس، هي مزعجة لكنها ليست خطيرة أبدا، أؤكد لك ذلك، وفي معظم الأحيان أسبابها غير معروفة، لكن عددا من الذين يصابون بها لديهم شخصيات حساسة، وربما تعرضوا لبعض الصدمات النفسية السابقة.
عموما: الحالة تعالج من خلال التجاهل، التجاهل التام، ولن يحدث لك شيء أبدا، وبالفعل لا تحتاج لأن تجري أي فحوصات تخصصية. بعض الذين يصابون بهذه الحالة تجدهم يذهبون إلى أطباء القلب وهنا وهناك، وهذا كله حقيقة مضيعة للوقت وللمال.
كل الذي تحتاجه هو أن تحقر هذه الأفكار وتتجاهلها تماما، وطبعا ليس هنالك ما يمنع أن تجري الفحص الدوري الطبي العادي، مرة واحدة كل ستة أشهر مثلا عند طبيب الأسرة، أو طبيب الباطني، أو حتى تذهب للمختبر تتأكد من نسبة الدم – أي نسبة الهيموجلوبين – لديك، ونسبة السكر، ووظائف الكلى، ووظائف الكبد، ومستوى الدهنيات، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (د) وفيتامين (ب12)، هذه فحوصات روتينية من المفترض أن يجريها الإنسان مرة أو مرتين في السنة، وهي لا علاقة لها بحالتك، لكن الإنسان حين يتأكد أن صحته ممتازة هذا يمثل دافعا نفسيا يقلل كثيرا من القلق والتوترات.
أنت محتاج أيضا أن تقلل من تناول الشاي والقهوة إذا كنت من المكثرين، وتحتاج أيضا أن تمارس رياضة المشي أو أي نوع من الرياضة، وهنالك تمارين تخصصية لعلاج حالات الهرع، هذه التمارين تعرف بتمارين الاسترخاء، هنالك تمارين التنفس المتدرجة، وتمارين شد العضلات وقبضها ثم استرخائها. طبعا الأخصائيون النفسيون هم أفضل من يدرب الناس على هذه التمارين، لكن إن كان ليس بالإمكان أن تذهب وتقابل أحد المختصين النفسيين فيمكنك أن تستعين بأحد البرامج الموجودة على اليوتيوب والتي توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء بصورة علمية، مفيدة جدا أيها الأخ الكريم، وإسلام ويب أيضا أعدت استشارة رقمها (2136015) يمكنك الرجوع إليها والاطلاع عليها وتطبيق الإرشادات الواردة فيها.
بقي أن أقول لك: من الأفضل أن تتناول أحد الأدوية البسيطة والسليمة جدا لعلاج مثل هذه الحالات، الدواء يعرف باسم (سيبرالكس) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (اسيتالوبرام)، وربما تجده في مصر تحت مسمى تجاري آخر. هنالك حبة تحتوي على عشرة مليجرام، وأخرى تحتوي على عشرين مليجرام، أنت تحتاج للجرعة الصغيرة – أي الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – وتبدأ في تناول الدواء بجرعة نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم تجعل الجرعة حبة واحدة يوميا – أي عشرة مليجرام – لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
إذا هذه هي السبل الإرشادية لعلاج حالة الفزع والهرع التي تعرضت لها، ومجمل القول: هي حالة بسيطة ويجب ألا تزعجك، وأرجو أن تطمئن، وعليك – يا أخي – أيضا بالدعاء، الدعاء عظيم جدا في إجهاض هذه الحالات.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.