السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب، دخلت الثامنة عشر من العمر قبل فترة -تحديدا ١٠/٣١-، والحمد لله ملتزم دينيا، مشكلتي هي أني قد كذبت على والدي ووالدتي، وكانت الكذبة تخص تأديتي للامتحانات النهائية للعام الدراسي، حيث إنني لم أقم بالدراسة وذلك بسبب ظروفي النفسية.
كنت منذ البداية عازما على الرسوب لكي أعيد هذه المرحلة الدراسية، ولكني لم أستطع إخبار الوالدين؛ خوفا من غضبهم، ولأنهم يعانون من الأمراض، وقد كنت أمارس نوعا من التمثيل أمامهم بأني أقرأ بجد ولكنني كنت أكذب، فلما جاء يوم النتائج انصدموا بنتيجتي، وقد كنت راسبا، فأنكرت، وقلت لهم إن هذه ليست درجاتي، والوزارة سرقت الدرجات فصدقوا كلامي، ورفعوا شكوى ضد الوزارة، ووصلت القضية إلى القضاء، فاضطررت أن أحلف على المصحف كذبا عندما كنت في الـ١٧ من عمري، لكي أتفادى غضب أبي وأمي، وبعد فترة من الزمن اكتشفا الحقيقة بأنني قد كنت أكذب عليهم طول الوقت فأصبحا لا يتحدثان معي طول هذه الفترة، لدرجة أصبح لدي وسواس ينتابني من أنني قد أموت وهم لم يرضوا عني، وكذلك الله لا يرضى عني، ولا يقبل صلاتي واستغفاري وقراءتي للقرآن.
أرجو أن تجيبوا على هذه الأسئلة:
س1/ هل من الممكن أن الله -عز وجل- لا يقبل توبتي وصلاتي واستغفاري وقراءتي للقرآن بعد الآن؟
س2/ هل من الممكن أن الله لا يوفقني بتوفيقه (يرفع توفيقه عني)؟
س3/ هل يحاسبني الله إذا مت على هذا الذنب العظيم، على الرغم من أنني لم أبلغ الـ١٨ من العمر؟
طمئنوني وفقكم الله لكل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الكريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نحن سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يوفقك. وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فأقول:
بداية أخي الحبيب: اعلم أن الكذب معصية لله تعالى، وأنه ذنب يجب التوبة منه؛ فقد قال الله عز وجل: (فنجعل لعنة الله على الكاذبين)، وقال: (ويل لكل أفاك أثيم). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، ...)، وقال: (لا يكون المؤمن كذابا).
كذبك هذا جر إلى معصية أخرى ومشكلة جديدة وهي عقوق الوالدين وإغضابهما، والذي كان عليك فعله أن تخبر والديك بظروفك النفسية وتطلعهم عليها أولا بأول، وتسترشد برأيهما، ثم إن القرارات الفردية الذي تتخذ دون العودة للأهل أو لأهل العلم والمعرفة كثيرا ما تجر على الشخص ويلات وطوام.
أخي، تجب عليك التوبة النصوح إلى الله، والتي تعني الندم على الوقوع في هذه المعصية، والإقلاع المباشر عنها، وعدم العودة إليها مرة أخرى، ومتى كنت صادقا مع الله، فإن الله يغفرها لك، ويرضي عنك والديك، ويوفقك فيما يستقبلك من حياتك، وقد قال الله: (والذين عملوا السيئات ثم تابوا من بعدها وآمنوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) وأخبر الله عز وجل عن سعة رحمته ومغفرته فقال: (ورحمتي وسعت كل شيء).
• أوصيك بالاهتمام بالصلاة وأدائها في وقتها، والإكثار من قراءة القرآن.
• الإكثار من الأعمال الصالحة من النوافل والصدقات، ودعاء الله عز وجل، والاعتصام به، وقد قال الله تعالى: (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ۚ إن الحسنات يذهبن السيئات).
• احرص على الصحبة الصالحة؛ لأن الصحبة الصالحة من أكثر ما يعين الشخص على الطاعة والثبات.
• اسع إلى إرضاء والديك؛ بأن يروا تغير حالك إلى الأفضل، ويروا ندمك على فعلك، واعتذر منهما، ووضح لهما الدافع، وأنه الخوف من غضبهما، وأنك لا تقصد الإساءة لهما أو عدم احترامهما، وعدهما بأنك ستكون عند حسن ظنهما، ويمكن أن تبدأ بالاعتذار للوالداة، ثم تنتقل للوالد، وقد تساعدك الوالدة في ذلك، واستصحب في ذلك الدعاء أن يرقق الله قلب والديك فيقبلان منك عذرك.
• اجتهد في دراستك مستعينا بالله، وأفرح قلب والديك كما أحزنتهما.
أسال الله أن يغفر لك، وأن يتوب عليك، وأن يتقبل توبتك، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.