السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طرحت مشكلتي سابقا، وهي حب الطعام، أنا لا أجد من يساعدني في المنزل؛ لأنه ببساطة جوابهم استنكاري بأنه ليس هناك أحد ليس لديه قدرة على ضبط نفسه، اغلق فمك وانتهى الموضوع.
أنا الآن وصلت لمرحلة أشتري فيها طعاما، وأتخلص منه، أو آكل كثيرا وأستفرغ، ولا أتعمد الاستفراغ، لكن يحدث بسبب الأكل كثيرا.
أشعر براحة أن الطعام لم يبق في جوفي، وأعتقد أني لو لدي قدرة على الاستفراغ بنفسي لأفعل، ولا أريد أن أسمن.
الآن لدي بطن كبير، لم أعد أستطع ارتداء ما كنت أرتديه سابقا، أنا أيضا حزينة جدا، لأني سأبلغ أربعين سنة قريبا، وحزينة؛ لأني أصبحت عجوزا وأتصرف كالأطفال تماما، ولم أتقدم، أو أفعل أي شيء مثمر، وما آخذه من العمل يغطي تكاليف سكني فقط.
أنا لا زلت أطلب من والدي مالا للطعام والحياة اليومية، ولست متزوجة، وأرفض؛ لأني لا أريد أن أظلم رجلا معي، فأنا لا أطيق فكرة العلاقة، ولكن ما يعجبني في فكرة الزواج أن يقول الناس إني طبيعية.
أنا حزينة جدا؛ لأني صرت عجوزا وفاشلة، وسمينة وشرهة، أصبحت أسرف في المال على الطعام حرفيا، وأهلي لا يعرفون بأني أتخلص من الطعام لأشتري مرة أخرى، وإيماني قل كثيرا.
أريد حلا أرجوكم، هل من الممكن أن أحفظ القرآن؟ كنت متحمسة في السابق، والآن لم أعد أحب سوى الطعام، وتفكيري مشلول في الطعام والريجيم، وتخفيف وزني.
أنا أحاول لزوم الصوم، وعند الإفطار تحدث كارثة، أعتقد أن من الأسباب أني لا آكل مدة محددة، وفور انتهاء المدة ألتهم ضعف الطعام المفترض، فما الحل؟ كيف أرجع شغفي لعمل شيء مفيد، وأبتعد عن الإسراف في الطعام؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
من الواضح -أختي الفاضلة- أنك تعانين مما نسميه بـ (الشره العصابي)، أو (Bulimia Nervosa) وهو أحد الاضطرابات النفسية المتعلقة بتناول الطعام، وهو غالبا يصيب السيدات، حيث تقلق المرأة على وزنها، إلا أنها في نفس الوقت تكون عندها نوبات الشره، حيث يمكن أن تأكل كل ما يمكن أن تضع يدها عليه، وما هي إلا دقائق حتى تشعر بالامتلاء وتأنيب الضمير، فتحاول التخلص من الطعام الذي تناولته، سواء بالتقيؤ الطبيعي، أو بالتقيؤ المفتعل، ولذلك في هذا الاضطراب نجد وزن المصابة إما أنه طبيعي أو زائد قليلا.
بعكس مرض (القهم العصابي) أو (فقدان الشهية العصابي)، والذي هو الـ (Anorexia Nervosa)، والذي أيضا تكون المصابة مشغولة البال جدا بوزنها وشكل جسمها، إلا أنها تمتنع عن الطعام كليا، والغالب أن يكون وزنها ناقصا بشكل كبير جدا، بل حتى بعض المصابات تكون أجسادهن كالهيكل العظمي، ليس هذا الذي تعانين منه، وإنما أنت تعانين من الشكل الأول (الشره العصابي).
لا شك أن هذا الاضطراب مزعج جدا للسيدة ولأسرتها، وهو من الاضطرابات النفسية المزمنة، والتي في الغالب تحتاج إلى تدخل علاجي متخصص، وإلا فستجدين نفسك في دائرة معيبة من الانزعاج من الوزن، وفي نفس الوقت نوبات الشره، وتناول الطعام الكثير، ثم التقيؤ بشكل أو بآخر، وهكذا دواليك.
أختي الفاضلة: أنت في أمريكا، وهناك عيادات نفسية متخصصة في اضطرابات تناول الطعام، أو ما يسمى (Eating Disorders)، فأنصحك بأن تراجعي إحدى هذه العيادات؛ لأن علاج الشره العصابي ليس بالأمر السهل، ويحتاج إلى تدخل علاجي متخصص، ليس فيه في الغالب علاج دوائي، ولكنه علاج نفسي، وأفضل النتائج عن طريق استعمال العلاج المعرفي السلوكي، والذي لاحظت أن الأخصائية الفاضلة -هبة الأصفري- قد شرحت لك ذلك في إجابتها على سؤال سابق كنت تواصلت معنا به عبر إسلام ويب، هذا العلاج المعرفي السلوكي له جانبان: جانب ذهني معرفي، وجانب سلوكي، والخبر الجيد أن نتائج علاج الشره العصابي أفضل من نتائج علاج القهم العصابي، أو الجوع العصابي، كما يسميه البعض.
أختي الفاضلة: هذا الاضطراب له علاقة بالحالة النفسية للمصابة، والوضع الأسري، والوضع الاجتماعي، أيضا له أبعاد طبية، فعندما يتخلص الإنسان من الطعام عن طريق التقيؤ؛ فالذي يخرج ليس فقط الطعام، وإنما تخرج أيضا بعض المواد الكيميائية التي يحتاجها الإنسان، وخاصة البوتاسيوم، ولذلك تكون هناك مضاعفات طبية بدنية، علينا أن ننتبه إليها، وهذا كله تأخذه بعين الاعتبار المعالجة في المركز المتخصص لعلاج اضطرابات تناول الطعام.
أدعوك -أختي الفاضلة- ألا تتأخري أو تترددي في طلب الاستشارة النفسية عن طريق زيارة العيادة النفسية.
الأمر الآخر: أنت ما زلت -ولله الحمد- في سن الأربعين، ولكن يبدو أن عندك نظرة سلبية، وهذا ليس بمستغرب؛ لأن الشره العصابي يمكن أن يرافقه شيء من الاكتئاب، والذي سيؤخذ بعين الاعتبار أثناء الجلسات العلاجية.
أدعو الله تعالى لك بالصحة والسلامة والعافية.