السؤال
السلام عليكم.
أنا مبتلاة بالرهاب الاجتماعي، وابتلاءات أخرى روحية مثل الحسد والسحر والمس، ولكني شفيت من السحر -الحمد لله-، ولكن تعبه وآثاره وتعب الأمراض الروحية الأخرى ما زالت موجودة، أنا ألجأ إلى الله وآخذ بالأسباب الدنيوية، ولكن تأتيني حالات هلع أعلم أنها وهمية، ولكن لا أستطيع السيطرة عليها.
سؤالي هو: أنا آخذ بأسباب الأرض، ولكن هذا يؤثر على علاقتي مع الله وتتزعزع كثيرا بسبب الابتلاء، ويدخل الشيطان والوساوس وسوء الظن، وعندما أرجع إلى الله أشعر أنني منافقة، وأن الله يراني منافقة، أنا ما زلت أحبه حقا، وأشعر عندما أرجع وأنا متعبة أن الله يراني أرجع لمصلحة دنيوية، كيف أتعامل مع هذه الابتلاءات وأصبر عليها؟ وهل ستزول؟ لأني أشعر أني سأظل هكذا للأبد، وهل تنصحوني بدكتور نفسي عن طريق أون لاين؟ لأن لي 6 سنوات أتعالج بدون فائدة.
كما أنني أعاني من فتور في الطاعة، وأمر بفترة انتكاسة شديدة، فانصحوني كيف أرتب حياتي؟ وكيف أتصالح مع الله وأجعله يرضى عني؟ وكيف أتعامل مع الابتلاء؟
سؤال آخر: ما فضل التسبيح 33 بعد كل صلاة؟ جزاكم الله خيرا وأتأسف على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Soo حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ابنتنا العزيزة – في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى أن يمن عليك بالعافية والشفاء من كل داء ومرض.
ثانيا: وصيتنا ونصيحتنا لك – ابنتنا العزيزة – بأن تأخذي بالأسباب، وأن تدفعي أقدار الله تعالى بأقداره، فإذا كان الله قد قدر المرض فإنه أيضا قد قدر الدواء، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (تداووا عباد الله).
وما ذكرته من الأمراض الروحية – من الحسد والسحر وغير ذلك – إن كانت هذه حقائق وليست مجرد أوهام فإن دواءها سهل يسير بإذن الله تعالى، وذلك بالدوام على الرقية الشرعية، والرقية الشرعية ما هي إلا أذكار وأدعية، فتناولها وتعاطيها ينفع ولا يضر، وهي تنفع بإذن الله تعالى مما نزل بالإنسان من الأدواء والأمراض فتدفعه، وتنفع مما لم ينزل بالإنسان بعد فتدفعه قبل وقوعه، وهذا شأن التحصينات الربانية كلها.
فداومي على استعمال الرقية الشرعية، وأفضل من يرقيك أنت، فاقرئي على نقسك القرآن، وخصوصا أوائل سورة البقرة، وخواتيمها، وآية الكرسي، والموعظتين (قل أعوذ برب الفلق) و(قل أعوذ برب الناس) وسورة الإخلاص (قل هو الله أحد)، واقرئي الآيات التي فيها إبطال السحر من سورة الأعراف ومن سورة يونس، واقرئي الآيات التي فيها ذكر أن القرآن شفاء، كقوله سبحانه وتعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة}، وكقوله سبحانه وتعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور}، وكقوله سبحانه وتعالى: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء}.
واستعملي أيضا الأحاديث النبوية التي وردت في رفع الأدواء والأمراض، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما)، فأكثري من هذه الأدعية وهذه الأذكار، واقرئيها في كفيك، وانفثي – يعني أخرجي قليلا من الهواء مع قليل من الريق – وامسحي جسدك، ولو قرأته على شيء من الماء فشربت بعضه واغتسلت ببعضه فإنه نافع بإذن الله تعالى.
هذا عن الرقية الشرعية، وأما ما يأتيك من الوساوس والأوهام أنك إذا رجعت إلى الله تعالى وحاولت التقرب إليه فإن ذلك إنما تفعلينه من أجل المصلحة الدنيوية، فهذه أوهام يحاول الشيطان أن يصدك بها عن ذكر الله تعالى وعن التقرب إليه، فلا تبالي بها، وافعلي ما يقربك إلى الله، واقصدي بذلك وجه الله وإرادة ثوابه، ولا مانع أبدا من أن تقصدي بعملك أن يؤتيك الله تعالى فضله في الدنيا والآخرة، فإن الثواب كله من الله تعالى، كما قال الله سبحانه في كتابه الكريم: {من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة}، فالمصالح الدنيوية تطلب من الله، والمصالح الأخروية تطلب من الله.
والمؤمن لا شك أنه لا يطلب الدنيا لذات الدنيا وحدها، وإنما يقصد بعبادته إرضاء ربه، ويطلب ثوابه، ولا مانع من أن يطلب شيئا من الدنيا من ربه، وقد وصف الله عباده بأنهم يقولون: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}.
فدعي عنك هذه الوساوس، وتقربي إلى ربك بما تقدرين عليه، أولا الفرائض، ثم الإكثار من النوافل، فهذا هو الطريق للقرب من الله تعالى.
وأما ما سألت عنه من فضل التسبيح؛ فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن من فعل ذلك فإنه يكون متصدقا وسباقا لغيره من المتصدقين، فقد أخبر عليه الصلاة والسلام عمن سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) بأن أصحاب هذا الذكر يلحقون من سبقهم ولا يدركهم من بعدهم، يعني من السباقين الذاكرين الله كثيرا.
نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير.