السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ سنوات ذهبت أنا وأسرتي عند راقي، وبعد القراءة أخبرنا أننا نعاني من السحر والمس، وقد انتظمنا على العلاج والرقية لفترة، فخفت الأعراض، لكننا توقفنا بعد ذلك وأهملنا العلاج، ففي الفترة الأخيرة عندما أصبحت أعيش لوحدي زادت الأعراض علي كثيرا، وأصبحت أشعر أن هناك من يلمسني أثناء اليقظة، وغير ذلك أرى خيالات وأسمع أصوات أهلي يقومون بمناداتي، على الرغم أنهم لا يسكنون معي!
حتى أن هناك غرفة أستعملها للتخزين أسمع فيها الأصوات، فأذهب فأرى أن ما أخزنه قد تحرك من مكانه، فصرت أشغل سورة البقرة بانتظام طوال الليل والنهار، وغطيت مرآة كبيرة عندي، وحتى أنني أحافظ على أذكار النوم، لكن منذ شهر أصبحت أستيقظ على كوابيس مفزعة على الرغم من محافظتي على الأذكار وعلى صلاتي، أرى أن الجن يحومون في المنزل بالذات في هذه الغرفة، وكل يوم أستيقظ على الساعة الثانية بعد منتصف الليل، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك عاجل العافية من كل الأدواء والأمراض والأوهام.
ونحن لا نستطيع أن نشخص الحالة التي تعانينها على جهة التحديد والدقة، ولكننا نخشى عليك من الاسترسال مع الأوهام، وأن تتسلط عليك أفكار المس والسحر، وتسلط الجن ونحو ذلك، فهذه الأوهام مجرد أن يعيش الإنسان متوهما لها فإنه يعاني بسبب هذه الأوهام أكثر من المعاناة الحقيقة لو كانت هناك حقيقة، أي لو كان مصابا بشيء من ذلك.
ولهذا نحن ننصحك بأن تدركي تمام الإدراك أولا أن قوة النفس من أعظم الأسباب في مدافعة المكروهات والأمراض، فلا تستسلمي لهذه الأوهام، وأن الشياطين تحوم حولك وأنها متسلطة عليك وإلى آخر ما ذكرت في هذه الاستشارة، ننصحك ألا تستسلمي لهذا.
ونحن نؤمن كامل الإيمان ونتيقن تمام اليقين أن الشياطين مخلوقات موجودة حولنا، وأننا لا نراها، في حين هي ترانا، ولكن هذا لا يعني الخوف منها، ولا يعني أن نعيش رعب تسلطها علينا وإيذائها لنا، فهي مخلوقات لله سبحانه وتعالى، لا تستطيع أن تفعل شيئا إلا بإذن الله وقدره، فلا تستطيع أن تضر أحدا إلا بإذن الله، فالله تعالى متصرف فينا وفيهم، وقد أخبرنا الله تبارك وتعالى في كتابه بأن كيد الشيطان ضعيف، وأن المؤمن أقوى منه، إذا كان واثقا بربه، ذاكرا له، فإنه أقوى منه، بل يفر الشيطان منه، وأنت تعلمين أن عمر – رضي الله تعالى عنه وأرضاه – أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا يسلك فجا إلا سلك الشيطان فجا آخر، يعني: يفر منه الشيطان ويهرب منه لقوة إيمانه وقوة اتصاله بالله سبحانه وتعالى ولمجاهدته لنفسه.
وهكذا المؤمن دائما قوي يهابه الشيطان ويخافه، كلما كان كثير الذكر الله سبحانه وتعالى، متعلق بالله، وقد ذكر الإمام ابن القيم –رحمه الله تعالى– أن الإنسان إذا أكثر من ذكر الله فإنه إن دنا منه الشيطان صرعه، أي أن الإنسان هو الذي يصرع الشيطان، قال ابن القيم: (فيجتمع عليه الشياطين) يعني على هذا الشيطان المصروع (فيقولون: ما لهذا؟ فيقال: قد مسه الإنسي).
فهذا حال الإنسان المؤمن حينما يكون معتمدا على الله متوكلا عليه واثقا بقدرته كثير الذكر له، فهذه الأرواح الشيطانية كلها يتضاءل حجمها ويتناقص حجمها، فقد أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الشيطان إذا قلت أيها المؤمن (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) يتضاءل حتى يكون كالذباب.
فنصيحتنا لك إذا أن تكثري من ذكر الله تعالى، وتحصني نفسك بأداء الفرائض واجتناب المحرمات، والإكثار من الذكر وملازمة الأذكار اليومية خلال اليوم والليلة، ولا بأس من استعمال الرقية الشرعية، وأفضل من يرقيك أنت بنفسك، فداومي على الرقية بنفسك، وهناك كتيب صغير فيه بيان كيفية الرقية الشرعية، موجود على شبكة الإنترنت، للشيخ سعيد بن وهف القحطاني، ستستفيدين منه كثيرا.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصرف عنك كل سوء ومكروه.