الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بضيق وحزن وشيء يضغط علي أثناء النوم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا فتاة في الثانوية، أثناء النوم ينتابني شعور بأن شخصًا ما يجلس عليّ أو يضغط على يدي. في بعض الأحيان كنت أصرخ، وفي الفترة الأخيرة، أجد نفسي تلقائيًا أقرأ المعوذات وجزءًا بسيطًا من سورة البقرة؛ وذلك حتى أشعر بأن الأمر قد انتهى، وأستيقظ وأتحرك.

منذ فترة تتراوح بين 3 أو 4 سنوات، أحاول الانتظام في الصلاة، وخاصة عندما كنت في الصف الثالث الإعدادي، كنت أبكي من شدة عجزي عن الصلاة، ولكن الوضع الآن أفضل قليلًا، فأنا أستطيع الصلاة، ولكن بشكل متقطع.

أشعر دائمًا بضيق وحزن، ولا أستطيع تحديد ما إذا كان ذلك بسبب ضغط نفسي أم ماذا. حياتي كلها متدهورة، فقد تبقى على الامتحانات أقل من 10 أيام، ولم أنتهِ من المناهج ولم أراجعها، والوضع سيئ للغاية.

صراحةً أنا عاقة للوالدين، وأحاول ألَّا أفعل ذلك، ولكنني عصبية. صراحةً والداي يتحدثان عن مصلحتي، ولأني لم أكن أذاكر، ولكن أيضًا، كلما أمسكت الكتاب، شعرت بضيق وملل ورغبة في النوم، فكنت أقول ربما بسبب كثرة الأكل، وفي بعض الأحيان كنت أمتنع عن الأكل، ولكن الضيق كان يستمر.

كنت متفوقة جدًّا في المرحلة الابتدائية والإعدادية، وحتى المرحلة الثانوية الحالية، وكنت من الأوائل، وذلك بفضل الله بالتأكيد، ولكن القصد أنني لست مهملة، ولذلك لا أعرف لماذا لا أستطيع المذاكرة! لا أستطيع تحديد السبب أصلًا، وأشعر برغبة في البكاء.

بالأمس حدث موقف غريب، وهو أني كنت في الحمام، وعندما خرجت وجدت جزءًا من وجهي محمرًا جدًا، وكأنه حرق، ولكن والدتي قالت لي إنها في نفس الوقت كانت تدعو: "يا رب احمِ ابنتي من شياطين الإنس والجن"، ولا أعرف ما إذا كان ذلك وهمًا أم حقيقة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريتاج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في إسلام ويب، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيتها الفاضلة الكريمة: طبعًا أنت لا زلت في مرحلة التكوين والتطور النفسي، ومرحلتك العمرية قد يحدث فيها شيء من عدم الاستقرار النفسي، والقلق والتوتر والمخاوف، وشيء من عُسر المزاج، وهذه أعراض -إن شاء الله تعالى- تكون عابرة، لا تستمر طويلًا أبدًا.

هذه الظاهرة التي تحدث لك في بدايات النوم معروفة لدينا في الطب النفسي، وهي نوع من الهلوسات الكاذبة، قد يحسُّ الإنسان -كما تفضلتِ- أن شخصًا ضاغطًا أو جاثمًا عليه، والبعض قد يحسّ بشيء مثل التيار الكهربائي يسري في جسده، أو قد يسمع وشوشات وطنيناً وأصوات، أو قد يرى شيئًا ما ماثلاً أمامه، مثل صور لا وجود لها على الحائط الرخام المبعثر خطوطه ماثلة أمامه وهو يصلي (مثلًا) ... إلخ، هذه كلها نوع من الهلوسات الكاذبة، وهي دليل على وجود إجهاد أو قلق نفسي.

لذا نقول للناس دائمًا حين يذهب الإنسان إلى فراشه من أجل النوم: يجب أن يكون في حالة هدوء، وفي حالة استقرار وفي حالة تأمُّل إيجابي، وأن يخلد الإنسان إلى الفراش وهو في مزاج طيب، وطبعًا قراءة شيء من القرآن الكريم، كسورة الملك (تبارك الذي بيده الملك) مثلًا، شيء حسن.

أيضًا قراءة أذكار النوم، وهذه يجب أن تكون محفوظة، وهي سهلة جدًّا، وإن لم تقرئي أيضًا أذكار المساء في تلك الليلة يجب أن تقرئيها قبل النوم، وعوّدي نفسك أن تأخذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، واحصري الهواء في صدرك قليلًا، ثم أخرجي الهواء بقوة وببطء عن طريق الفم، ويُكرر هذا التمرين من أربع إلى خمس مرات متتالية.

الشهيق -وهو إدخال الهواء في الصدر- يجب أن يكون بقوة وبطء، وعن طريق الأنف، ويجب أن يستغرق من سبع إلى ثمان ثوانٍ، ثم حصر الهواء يكون للحظات (أربع ثوانٍ)، ثم بعد ذلك يأتي الزفير، وهو إخراج الهواء بقوة وبطء، عن طريق الفم، وهذا أيضًا يستغرق من سبع إلى ثمان ثوانٍ. يُكرر هذا التمرين من أربع إلى خمس مرات متتالية، وهو تمرين ممتاز وطيب جدًّا، وإن شاء الله يؤدي إلى هدوء نفسي كبير في النوم، ليكون نومًا رائعًا.

أنت محتاجة طبعًا أيضًا -أيتها الفاضلة الكريمة- أن تُعدّلي بعض السلوكيات، فأنت ذكرت وقلت أن عندك عقوقاً للوالدين، أتمنى أن تكوني استعملت هذا اللفظ مجازًا، وأنك لا تقصدين به العقوق الحقيقي؛ لأن العقوق من الكبائر لا شك في ذلك، وكل المطلوب منك هو أن تكوني محبّة لوالديك، وأن تكوني مطيعة لهما، والقرآن الكريم يذكر بصورة واضحة جدًّا بعدم العقوق، من قوله تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: 23]، وكلمة (أُفٍّ) بمعنى: على الإنسان أن لا يُبدي أي نوعٍ من الامتعاض أو أي نوع من الضجر فيما يبدر من الوالدين، أو فيما يصدر من الوالدين من فعل أو قول.

صححي مسارك، واحرصي على بر الوالدين فيما يُرضي الله تعالى، وأحسني إليهما مهما بلغ منهما الإساءة، وإن كان هناك عقوق حقيقي فعليك بالاستغفار، والتوبة تجُبُّ ما قبلها، والصبر يجب أن يكون ديدنك؛ فإن الصبر مرٌّ مذاقته لكن عاقبته أحلى من العسل.

احرصي على أداء الصلوات وما افترض عليك؛ لأن الصلاة هي رأس الأمر، وهي حافظة، وهي إن صلحت صلح سائر الأعمال، وهي تدعو إلى الطمأنينة، وتدعو إلى الأمان. وعلمي نفسك أيضًا أن يكون لك ورد قرآني يومي، حتى ولو صفحة أو صفحتان من المصحف.

هذه كلها -إن شاء الله تعالى- مثبتات ومُحسّنات للمزاج، وتُحسّن لديك التركيز، وأنصحك أيضًا بتجنُّب النوم في النهار، وتجنّبي السهر، والرياضة مهمّة جدًّا، لا بد أن تمارسي أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وكوني مشاركة لأسرتك في أنشطتها، وإن شاء الله تعالى حياتك ستتجه الاتجاه الصحيح.

أيضًا أنصحك بأن تُحددي لك أهدافاً، وأحد الأهداف الرئيسة يجب أن يكون طبعًا النجاح والتميُّز والتفوق، النجاح والتميُّز في أمور الدنيا وفي أمور الآخرة أيضًا.

هذه هي الأشياء التي أنصحك بها، وأنا أرى فيك خيرًا كثيرًا، و-إن شاء الله تعالى- كلّ مشاعرك وأفكارك وسلوكياتك سوف تكون إيجابية جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً