السؤال
شكرا لكم على هذا الموقع.
لدي مشكلة وأرجو النصح والإرشاد، أنا فتاة عمري 30 سنة، وغير متزوجة، يتيمة الأب، وأسكن مع أمي، درست 5 سنوات بعد البكالوريوس، وقد وفقني الله في الدراسة، ومنذ التخرج لم أستطع التأقلم في وظيفة، أولا مكان الشركات بعيد عني، فمثلا عندما كنت أشتغل في الصباح كي أصل إلى العمل أقضي على الأقل ساعتين أو أكثر في وسائل النقل، يعني أني أقضي تقريبا 40 كم في الطريق، وكذلك عند الرجوع من العمل، وهذا ما جعل جسدي منهكا جدا، أما نفسيا أشعر أني مستنزفة كثيرا، تقريبا وجدت 9 وظائف ولم أستطع البقاء في أي وظيفة، مع العلم أني تركت وظيفة جيدة في شركة تتعامل مع الربا.
زرت طبيبة نفسية وقالت لي إني أعاني من الخوف الشديد، وقمت برقية عند راق ثقة أخبرني أن لدي سحرا وحسدا ومسا، علما أني أثناء الرقية تحركت يدي اليسرى، ومما زاد من تعبي أني لم أتزوج! علما أني جميلة ومثقفة والجميع يشهد بأخلاقي.
سؤالي: هل سيصلني رزقي بدون أن أسعى؟ وهل أنا المتسببة في عدم بقائي في أي وظيفة أم أن هذا مقدر؟ أريد أن أشتغل على نفسي وعلى أمي، لا أريد أن أكون عالة على أحد، آسفة على الإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Imenmouna حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به فاعلمي بارك الله فيك ما يلي:
أولا: نحن نحمد الله إليك تدينك وتحملك المسؤولية، وهذا يدل على عقلية متميزة ونفسية مستقيمة، نسأل الله أن تكوني ذلك وزيادة.
ثانيا: ما حدث معك في الوظائف أمر طبيعي ومتفهم، فالوظيفة التي تستهلك من وقتك أربع ساعات في المواصلات لا شك أنها مرهقة، سيما والأمر يخص فتاة، وعليه فإن ما حدث معك فيه هو في إطار المقبول عقلا، ولا يجب تفسيره بأنه سحر أو حسد أو ما شابههما.
ثالثا: كذلك ما حدث معك في تأخر الزواج هو أمر متفهم في ظل عزوف الشباب اليوم عن الزواج لأسباب مختلفة، منها ما يعود للاقتصاد، ومنها ما يعود لعدم تحمل المسؤولية، ومنها ما يعود إلى ضعف التدين وانخراط البعض فيما حرم الله تعالى، وهناك أسباب أخرى متشعبة، المهم هنا أن نقول بأن هذا أيضا في إطار المتفهم والمقبول، كما أنك لا زلت في بداية الثلاثين وهو السن المناسب اليوم للزواج، ولعل الله يرزقك بالزوج الصالح الذي يسعدك في الدنيا والآخرة قريبا يا رب.
رابعا: الرزق -أختنا- مرتبط بالسعي والأخذ بالأسباب، قال تعالى: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله، لرزقتم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا) فالآية والحديث يحثان على الأخذ بالأسباب لاستجلاب الرزق، وهذا هو الأصل العام الذي شرعه الله لعباده، فالله أمر بالمشي، والنبي ضرب المثل بالطير الذي يغدو في الصباح الباكر طالبا الرزق.
خامسا: ما حدث معك -أختنا- لست المتسببة فيه، بل هي أقدار وضعها الله لحكمة، والله لا يكلف النفس ما لا تقدر عليه ولا تستطيعه، لكن مع هذا نوصيك بالصبر، واحتساب أجر المشقة عند الله -عز وجل-، ولا تتركي العمل الحلال الذي فيه بعض تعب إلا إذا توافر عندك عمل بديل حلال أقل منه صعوبة، وسلي الله من فضله، وثقي أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
وأخيرا: مع ما مضى ذكره فإنا نحثك -أختنا- على الرقية الشرعية، أنت ووالدتك وأهل بيتك، فالرقية كلها خير، خصوصا وقد ذكرت أن راقيا ثقة أكد وجود سحر أو مس، ونحن هنا لا نثبت ولا ننفي، ولكن نحثك على الرقية الشرعية سواء مع هذا الراقي أو غيره، المهم أن تلتزمي بها وأن تحافظي على أذكار الصباح والمساء والنوم، وأن تقرئي آية الكرسي كل ليلة، هذا ما نوصيك به أختنا الكريمة، مع العلم أن أفضل راق للإنسان هو نفسه، فاستعيني بالله وأكثري من الدعاء، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يمن عليك بالأمن والأمان والسلامة والتيسير، إنه جواد كريم، والله الموفق.