السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جئت لأستشيركم بعد أن نفذت كل محاولاتي ويئست من التغيير والتحسن، والله كلي خيبة وندم، هل يعقل أن أكون بهذه الشخصية وبهذه التصرفات؟ فأنا من بيت عز ودين، هل يعقل أن أخون والدي -رحمه الله-، وتربية أهلي لي وثقتهم بي، هم يخدمونني ويوفرون لي كل احتياجاتي دون مقابل، ثم أقابل جميلهم بالخيانة، والله أنا في حيرة من أمري ومشتتة ومكتئبة، معظم الوقت أجلس مع أهلي كالجثة، وداخلي صراعات لا أعرف كيف أخرج منها.
أنا فتاة أطمح للمعالي، وأتمنى من كل قلبي أن أحقق شيئا أرفع به رأس أهلي وأمي، لكني تورطت بالحديث مع شاب لاجئ، كانت البداية من طرفه، فقد كنا نقصد الاستفادة وتبادل المعرفة، وخصوصا أن له نفس ميولي واهتماماتي، وهو يعينني كثيرا، ولقد حققت قدرا ليس بالقليل ما كنت أستطيع تحقيقه وحدي دون مساعدته، وهو وعدني بالزواج، إلا أنني لا أشعر البتة أن هذا الزواج سينجح، خصوصا أنني من دولة خليجية وأهلي من أسرة محافظة، وأمي من الجيل القديم الذي لا يتفهم ولا يقتنع أبدا، بالي منشغل جدا بهذا الأمر، فعلى الرغم من المجالس العلمية التي ندرس فيها أنا وهو، إلا أنني أشعر بتأنيب الضمير من الداخل، ولم يهنأ لي بال، أفكر كيف سيقدم على الزواج بي وهو لاجئ ولا يملك ما يستطيع أن يقدمه للزواج، لكن للأسف لا أستطيع مصارحته بهذا، وفي نفس الوقت لا أستطيع تركه فأنا متعلقة به، وأخشى كيف سيتصرف إذا تركته، ضميري يؤنبني وأشعر أن الله غاضب علي، وأنه تخلى عني بسبب ذنوبي الكثيرة، أشعر أنني متناقضة وأنافق نفسي، ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر العائلة، ونسأل الله أن يرحم الوالد، وأن يعينك على الوفاء للتربية الجيدة التي قامت بها الأسرة، وأن يعينك على كل أمر يرضيه.
لا يخفى على أمثالك من الفاضلات أن العلاقة التي لا يمكن أن تتم لاعتبارات سياسية، أو لاعتبارات اجتماعية، أو لاعتبارات أسرية، أو لاعتبارات عادات متأصلة، ما ينبغي أن تستمر، ولا نعطي العواطف المجال لأنها عواصف.
ونتمنى ألا تستمر الخديعة، ونحن نؤكد أن إعلان الحقيقة سيكون صعبا على الطرفين، بل قد يكون صعبا جدا، لكن أصعب منه وأخطر منه وأسوأ منه أن تستمروا على علاقة ليس لها نهاية، فهذا لون من الجري وراء السراب، والأخطر من ذلك أن هذه العلاقة ليس لها غطاء شرعي، ولا ترضي الله تبارك وتعالى، فهي من أولها ليست صحيحة؛ لأن البداية ينبغي أن يعرف الأهل، وليس في النهاية، دائما الفتاة الطيبة مثلك إذا وجدت أن شابا يفكر في الميل إليها ويريد قربها ويكمل معها مشوار الحياة؛ ينبغي أن تتوقف أولا لتخبر أهلها، وعليه أن يأتي في أول الخطوات يطرق باب أهلها، فإن وجدت وفاقا وقبولا وترحيبا يكمل، وإلا فمن المصلحة أن يحصل الابتعاد مبكرا.
فإذا كانت الصورة كما ذكرت فلا ننصح بالاستمرار، أرجو أن تعلمي أن هذه العلاقة ليس لها غطاء شرعي، فمن الذي سمح لكم أن تتمدد هذه العواطف وهي عواصف دون أن يكون لها غطاء شرعي؟ حتى لو كان من أبناء بلدك وإمكانية الزواج حاصلة، هذه العلاقة لا تجوز؛ لأن العلاقة الصحيحة هي العلاقة التي تبدأ بالرباط الشرعي بالمجيء للبيوت من أبوابها.
وعليه أرجو أن تصلي معه إلى لحظة صدق ووضوح، وهذا فيه مصلحة للطرفين، لكن التمادي والاستمرار ليس فيه مصلحة لك ولا له، وعليه أرجو أن تواجهوا هذا الأمر بشجاعة، ونقترح عليك إعطاءه عنوان الموقع ليتواصل معنا، ويذكر ما عنده، حتى يسمع النصائح من طرف محايد.
أكرر: لمعرفتنا بعادات أهلنا وتقاليدنا في منطقة الخليج، وأنت تقولين الوالدة من الطراز القديم، نحن لا ننصح بالتمادي في هذا الطريق؛ لأن العواقب غير مأمونة، ولأن هذا الزواج قد تقف دونه عوائق، وعندها سيكون هذا مصدر تعب للطرفين طوال الحياة، لكن التوقف الآن -إن شاء الله- فيه الخير وفيه الحل، وسيجعل الله لك وله مخرجا.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.