السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أسأل هذا السؤال ليس اعتراضا على القدر، ولكن لأفهم الموضوع بعمق، وماذا أفعل.
أنا شاب ملتزم ومحب لدينه -إن شاء الله-، تزوجت بفتاة قبل خمسة أشهر، والبنت في الجملة كانت تصلي الفرائض والنوافل، وتقرأ القرآن تقريبا كل يوم، وأحيانا كانت تقوم الليل، وهي بنفسها أخبرتني أنها تحبني منذ سنوات، فأخبرتها أنني سأخبرها عن موافقتي لها بعد الاستخارة، ووافقت بالزواج بها بعد الاستخارة لأسبوع كامل عندما رأيت رؤيا، وسألت المعبرين عن تعبيرها، فأخبروني أنني سأتزوج بها، وقد رأيتها محبة للدين والعمل الصالح، ولكني أذنبت، فقد كنت أتكلم معها، واستمر حديثي معها إلى أن تزوجنا، لمدة ستة أشهر.
بعد الزواج بأسبوع بدأت المشاكل الزوجية، في البداية كنت أصرخ عليها وهي تصرخ علي، وهذا حصل مرارا، ولكن مع الوقت أدركت أن هذا لا يجدي شيئا، فبدأت أتغافل عن حركاتها وكلامها، وهي بدأت تقلل من الأعمال الصالحة التي كانت تفعلها قبل الزواج، حتى وصلت إلى الاقتصار بالفرائض، وهذا الشيء كان يغضبني كثيرا، وبدأت العلاقة بيني وبينها بالانهيار حتى سافرت وحدي إلى بلد عربي للدراسة بعد الزواج بثلاثة أشهر، وتركتها عند والدي.
الآن يحصل بيني وبينها خصام في كل أسبوع عبر الجوال، وأنا أتغافل عنها، وأجتهد لتكون علاقتي معها على حسب العادة على الأقل، وبعد هذا الخصام كله تصفني بألقاب تمس كرامتي، وتهددني بإيذاء نفسها، وتطلب الطلاق مني بسبب مزاجها العصبي، صرت قليل المشاعر تجاهها، وهي تريد مني بعد جرح مشاعري وكرامتي أن أتلطف معها، وأتكلم معها بالحنان، والله إني أظنها مريضة نفسيا، تحمل نفسية نرجسية.
أنا صرت جامدا نفسيا بسببها، وبدأت العصبية تغلبني، فماذا أفعل يا كرام؟ أنا محتار في الأمر؛ لأني تزوجت بها بعد الاستخارة، أؤمل فيها خيرا، فهل من طريق للسعادة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نور الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال قبل اتخاذ القرار، ونسأل الله أن يكتب لك السعادة والطمأنينة، وأن يؤلف القلوب، وأن يسعدكم بالاستقرار.
أرجو أن تعلم أن المدة المذكورة غير كافية للحكم على هذه الحالة وهذه العلاقة الزوجية، وعليه فنحن لا نؤيد فكرة الاستعجال، ونحب أن نؤكد أن الفتاة بعد زواجها كثيرا ما تنحدر في أمر الطاعات وتقصر في بعض الأمور، ولكن من المهم جدا أن يستمر النصح بينك وبينها، وأن تستمروا فيما يرضي الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تعلم أن الشريعة ما جعلت قرار الطلاق بيد الرجل إلا لأنه الأعقل والأحكم والأبصر بالعواقب ومآلات الأمور.
عليه أرجو أن تعلم أولا أنك لن تجد امرأة بلا نقائص ولا عيوب، كما أنك لست بخال من النقائص، ونحن بشر والنقص يطاردنا.
ثانيا: لا بد أن تدرك أن المرأة عاطفية، وأن العقل عندها يتأخر، ولذلك جعلت الشريعة هذا الأمر بيد الرجل، وليس بيد المرأة.
ثالثا: ينبغي أن تدرك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن المرأة بها عوج وسيظل، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن حاولت تقيم ذلك العوج والخلل كسرتها، وكسرها طلاقها، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-.
رابعا: هناك ميزان نبوي مهم، (لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر)، وعليه فنحن ندعوك إلى أن تحشد ما فيها من إيجابيات في ورقة، ثم تضع إلى جوارها السلبيات، ثم تتفكر في الأمر، وطوبى لمن تنغمر سيئاتها القليلة في بحور حسناتها الكثيرة.
خامسا: أرجو أن تعلم أن البعد بينكم لا يساعد على حل المشكلات، ولذلك أرجو أن يكون التواصل بالمشاعر النبيلة والمشاعر الطيبة، ولا تدخل معها في نقاشات؛ لأن النقاش على البعد لا يزيد الأمور إلا سوءا.
حاول دائما أن تتلطف في عبارتك وتجتهد في النصح لها، ونسأل الله أن يجمع بينكم على الخير، ونتمنى أيضا أن تشجعها أن تتواصل مع الموقع حتى تسمع النصائح المباشرة من الخبراء والخبيرات، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية.
كما نحب أن ننبه إلى أن صلاة الاستخارة لا تعني أن الإنسان لا يواجه صعوبات في الحياة، فهذه طبيعة الدنيا، جبلت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذاء والأكدار، ومكلف الأيام فوق طباعها متطلب في الماء جذورة نار.
أرجو أن تتسلح بالصبر والحكمة، وتعطي نفسك وتعطيها فرصة، ونؤكد مرة أخرى أن مدة الزواج التي حصلت وسافرت بعدها غير كافية ليفهم بعضكم بعضا، فإن الوفاق يبدأ بالتعرف، ثم بعد ذلك بالتنازل، ثم التعايش، ثم التعاون على النقاط المتفق عليها، ثم التوافق بينكما، وصولا إلى التآلف، ثم التودد والرحمة بينكما، يعني: هي درجات ومراتب تحتاج إلى بعض الوقت، وتحتاج إلى أن يقدم كل طرف بعض التنازلات، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.
أكرر: لا تستعجل في اتخاذ القرار، والأمر يحتاج إلى دراسة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق.