السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا أرملة منذ ثلاث سنوات، وقدري اني لا أستطيع العيش بلا رجل، وأشعر بأنني أريد أن أتزوج، ولكن كلما تقدم لي أحد أراه غير مناسب؛ لأن لدي بنتين، وقد أخبرتني صديقتي بأنني ربما أكون ممسوسة من الجن العاشق، لذلك أنا أرفض أي واحد يتقدم لي!
في الحقيقة أنا أرى نفسي سليمة من ذلك، فكيف أعرف أن بي مسا من الجن العاشق أم لا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زمزم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص سؤلك، فاعلمي -بارك الله فيك- ما يلي:
أولا: إننا نتفهم تماما حاجتك إلى زوج، شأنك شأن آلاف الأخوات اللاتي ترملن، أو تطلقن، أو حتى لم يتزوجن، وهذا أمر طبيعي ومنتشر في بلادنا لأسباب عدة، وكثير من أخواتنا يراسلونا في هذا الأمر الذي كلما مضى وقت ازداد انتشارا خاصة بعد أن جرم التعدد، وأصبح وباء في أمتنا العربية الإسلامية، وكان يمكن أن يكون سفينة نجاة لكثير منهن.
ثانيا: نحن لا نرى ما حدث معك جن عاشق، ولا سحر، ولا حسد، بل هو أمر طبيعي لامرأة عندها أبناء، وتريد الحفاظ عليهم، والزواج في ذات الوقت، وإذا كانت البنات الأبكار الصالحات تشكو من قلة المتقدمين للزواج، أو قلة الجادين، أو كثرة الطالبين، وانصرافهم، فكيف بالأرامل والمطلقات.
ثالثا: من المسلمات العقدية عندنا أن قدر الله غالب، وأنه لا يقع شيء في الكون إلا بأمره، والزواج قدر مكتوب من قبل أن يخلق الله السموات والأرض، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء "، في الوقت الذي لم تكن السماوات والأرض قد وجدت، بل بينهما خمسين ألف سنة كتب الله لك وعليك كل شيء، فإذا آمنت بذلك، واقتنعت تماما به، علمت قطعا أن الأمور بيد الله يمضيها حيث شاء؛ فقد رفعت الأقلام وجفت الصحف، ولم يبق إلا ما كتبه الله سبحانه وتعالى.
رابعا: ومن العقائد الثابتة عندنا كذلك أن قضاء الله هو الخير لك، فما قدره الله خير مما أردتيه لنفسك مما لم يقدره الله لك، فاطمئني، وتذكري أن الله يختار لعبده الأصلح والأوفق له، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمني الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته، قال تعالى: " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ".
فكوني على يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائما، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح.
وعليه كوني على ثقة بأن الزواج رزق مقسوم وقدر مكتوب، والإنسان لا يدري، وهو يسير في حياته أي الأمرين هو الخير له، إذ لا يخفى عليك أن تقلبات الحياة كثيرة، وأن الصالح اليوم قد يكون طالحا غدا، والعكس، والمؤمن حين يدرك ذلك فإنما عليه أن يفعل ما يلي:
1- التسليم لله عز وجل فيما قضاه وقدره.
2- الدعاء دائما بما يرجوه من خير، مع التسليم أنه إن أتى فهو خير، وإن ذهب فهو الخير.
3- ألا يستقبل الحلال بالحرام، وأن لا يجعل من الشيطان ووساوسه وسيلة إلى أخذ ما أحل الله تعالى له.
خامسا: إننا ندعوك -أختنا- إلى الصبر والتسليم لله تعالى فيما قضى وقدر، وأن تحصني نفسك وبيتك بالرقية الشرعية، وأن تحافظي على أذكار الصباح والمساء، وأن تقرئي سورة البقرة كل ليلة أو تسمعيها؛ فهذا من التحصين الذي يصرف عنك ما تخافينه.
نسأل الله أن يوفقك إلى كل خير، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يصلحك ويصلح أولادك، وبالله التوفيق.