حياتي عبارة عن رعب وخوف في الليل والنهار بسبب الأحلام!

0 50

السؤال

السلام عليكم

منذ صغري وعائلتي تعتمد على كتب تفسير الأحلام، كل حلم يحلمه أحدنا نبدأ في تفسيره من الكتاب، ومع مرور الوقت أصبح هذا الأمر يؤرقني ويخيفني ويرعبني، فمرة رأيت حلما، وأختي أفزعتني باستدلالها بآية في القرآن، فأصابتني صدمة، وأصبحت خائفا لسنوات، لدرجة أني أصبحت أخاف من النوم، وأحلم، وكل ما أخاف منه أحلم به، كأن النوم أصبح عدوي.

أحتاج من يطمئنني، ولا أعلم ما أفعل، وأخاف أن أعرض أحلامي لأي أحد خوفا من أن يكون تفسيره هلاكا لي، فتركت قراءة القرآن، لكي لا ألتقي بالآية التي أخبرتني عنها أختى، وتركت التسبيح والاستغفار والذكر، ولم أترك الصلاة، ولكن أصلي بخوف.

أصبحت أخاف من تفسير الأحلام، حتى أصبحت عندما أنام أحلم أن عائلتي تفسر الأحلام، وأنا خائف، وأقول لهم لا تفسروا.

أصبح نومي عبارة عن عذاب لا يوصف، والناس الطبيعيون يستريحون أثناء النوم، وأنا أرتعب عند اقتراب موعد النوم.
أصبحت حياتي عبارة عن رعب وخوف في النهار والليل، فكيف لا أرتعب وأنا أعلم أني عند النوم سأحلم، وأنا أخاف من الحلم بل أرتعب وأصبحت أحلامي كلها مخاوف في النهار، وتتكرر في الليل.

لا أعلم ماذا أفعل؟ هل كل هذا يمكن أن يكون خطة من الشيطان لترك الصلاة والقرآن والذكر، أم أنه أصبح مرضا نفسيا يحتاج للعلاج؟ وكيف أعالج إذا كان الدواء يصيب بالنعاس؟ وأنا أخاف من النوم والأحلام، أحتاج من يقول لي: إن ما رأيته خير بدون حتى ذكر الحلم، أخاف حتى أن أسرده فتصيبني صدمة! أنا في متاهة، أرجو الإجابة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا -أيها الحبيب- ونرجو الله تعالى لك كل خير، وأن يصرف عنك كل مكروه.

قد أحسنت حين توجهت بالسؤال لمن يبين لك حقيقة حال الرؤيا وأحكامها الشرعية، فإن الشيطان يحاول أن يتسلل إلى قلب الإنسان المؤمن ليدخل عليه أنواعا من الأكدار والحزن، وهذا أقصى ما يتمناه، كما قال الله تعالى عنه في القرآن الكريم: (إنما ٱلنجوىٰ من ٱلشيطٰن ليحزن ٱلذين ءامنوا) والرؤيا -أيها الحبيب- لا تفسر في ظل قاعدة شاملة لكل الرؤى، وإنما تحتاج إلى نوع من الفقه والفطنة في تعبير كل رؤيا على حدة، ولهذا لا يصح أبدا أن تعتمدوا على كتاب معين في تفسير وتعبير ما ترونه من الرؤى، هذا أولا.

ثانيا: ينبغي أن تدرك بأن الرؤيا قد تكون من حديث النفس، وحديث النفس من أهم علاماته أن يرى الإنسان في المنام الهموم التي كان يراها في اليقظة، فهذه علامة واضحة أنه منشغل النفس، منشغل التفكير بهذه الأمور، فمن الطبيعي أن يرى أشياء في المنام تتعلق بها، وحديث النفس لا ينبغي للإنسان أن يعتني به، وقد زجر النبي صلى الله عليه وسلم ونهى بعض الصحابة الذين رأوا رؤى منامية كانت مزعجة لهم، وأخبرهم صلى الله عليه وسلم بأنها من تلاعب الشيطان، فقد جاء في صحيح مسلم من حديث جابر: أن أعرابيا رأى في المنام أن رأسه ضرب فتدحرج، وأنه يشتد -أي يجري- على أثر هذا الرأس، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الرؤيا، فقال له: (لا تحدث الناس بتلاعب الشيطان بك في منامك)، ونهى الناس جميعا عن ذلك فقال: لا يحدثنا أحدكم بتلاعب الشيطان به في منامه.

الرؤيا قد تكون من حديث النفس وقد تكون من الشيطان، والرؤيا الصالحة هي الرؤيا الحقيقية التي من الله سبحانه وتعالى، والقاعدة العامة التي تريحك -أيها الحبيب- التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم هي أن لا تعبأ كثيرا ولا تهتم كثيرا إذا رأيت في منامك ما ترى، فقد روى لنا أبو قتادة رضي الله تعالى عنه -وحديثه في صحيح مسلم- أنه كان يرى الرؤيا، ولكراهته لها قد تمرضه -يعني تصيبه بحالة من الكدر النفسي والتعب النفسي- فقال: أرى الرؤيا تمرضني حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرؤيا الصالحة من الله فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث بها إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثا، وليتعوذ بالله من شر الشيطان وشرها، ولا يحدث بها أحدا فإنها لن تضره).

إذا هذه هي القاعدة في التعامل مع الرؤى التي تتكرر -أيها الحبيب- أن تأمل بالله تعالى خيرا، وتبدأ بسلوك هذه الآداب، أن تتفل عن يسارك ثلاثا، وأن تستعيذ بالله سبحانه وتعالى من شر الشيطان، وتستعيذ بالله تعالى من شر هذه الرؤيا، وأن تكتم هذا فلا تحدث به أحدا من الناس، سواء الذين تحبهم أو الذين لا تحبهم، فإذا فعلت هذه الآداب معتمدا على الله متوكلا على الله، فإن الجزاء هو ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث "فإنها لن تضره" والصحابة أخذوا هذه البشرى من النبي صلى الله عليه وسلم، فأذهبوا بها الكدر والغم عن نفوسهم، وقد كانت الرؤى قبل هذا الحديث تصيبهم بما سمعت من كلام أبي قتادة رضي الله عنه، بأن الواحد منهم قد يمرض بسبب الرؤيا المكروهة.

ننصحك -أيها الحبيب- بأن تلتزم بهذه الآداب، وأن تعلم أن ما عند الله سبحانه وتعالى هو الخير، كما نوصيك بملازمة تقوى الله والقيام بفرائضه واجتناب محارمه، فإن هذا هو باب السعادة الحقيقي، فالزم تقوى الله تعالى تسعد وتفز في الدنيا والآخرة، نسأل الله تعالى لك الخير كله.

مواد ذات صلة

الاستشارات