أمي ترفض حجابي وتطلب مني مصافحة أبناء عمي.. ما الحل؟

0 28

السؤال

السلام عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أتمنى من حضرتكم أن تدلوني على ما أفعله، أمي ترعرعت وكبرت في القرية، والمعروف عن القرى التعايش بين أفرادها، فكان الرجال يسلمون على النساء، والنساء يفعلن المثل، لكنهن يلبسن غطاء الرأس، وثوبا يصل للركبتين أو أطول، والمعروف أن هذا ليس هو الحجاب الشرعي، لكنهم يسمونه سترة، وما أن قررت أن أتحجب حجابا شرعيا كاملا، حتى عارضتني أمي، ولكني لبسته بدون موافقتها، ولا زالت معارضة، وكلما رأتني تعاتبني، وتخبرني أنه يجب أن أنزعه، وألبس فقط حجابا عاديا، وشيئا طويلا فقط، بدون ذلك الحجاب الطويل (الإسدال الذي يغطي الكتف والصدر) وتخبرني أنه علي أن أكون مثل الفتيات التي تراهن بالشارع، يلبسن حجابا مع بناطيل أو أشياء تخالف الحجاب الشرعي.

كما أنني امتنعت عن مصافحة الرجال، وأمي عارضتني بشدة، وتقول: "كيف لك ألا تسلمي على أولاد عمك أو خالك، أنت تنوين تفرقة شمل عائلتنا" كما تقول إنني أريد أن أصير منعزلة عنهم، فأمي من النوع المحب لتجمعات العائلة، وفي عائلتنا لا نفرق بين الرجال والنساء إلا في المناسبات الكبيرة، فأحيانا يمر علينا ابن من أبناء عمي، أمي تسلم عليه وترحب به، وتخبرنا أن نذهب، ونسلم عليه ونرحب به، وهذا لا يروقني، فهل يجوز لي عصيانها؟

أنا لا أعرف ماذا أفعل، بل وأضحى الأمر بها تهددني برضاها، وتقول إن أردت رضاي، فعليك نزع هذا وطاعتي.

أنا في حيرة، ماذا علي أن أفعل؟ أتمنى أن تدلوني على الحل، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يعينك على الخير، ويثبتك على الحق، وأن يرزقنا جميعا العلم النافع والعمل الصالح.

لا شك أننا بحاجة إلى جرعات كبيرة من الوعي ونشر الثقافة الشرعية، حتى نوجه ونواجه العادات والتقاليد التي تصادم شريعة الله تبارك وتعالى، وأنت ولله الحمد على حق وخير، ولكن من المهم أن تتعاملي مع الوالدة بمنتهى الحكمة، ونتمنى أن تجدي من العقلاء والفاضلات والداعيات وطلاب العلم والعلماء من يؤيد مثل هذه الأمور وينشر شعائر الله تعالى، ويبين للناس أهمية التقيد بالأحكام الشرعية في العلاقات الاجتماعية بين الأهل والأقارب والجيران، حتى لا تطغى العادات على الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

ولذلك نتمنى أن تتعاملي مع الوالدة بمنتهى الهدوء، تطيعيها في كل ما تأمر به، إلا إذا أمرت بشيء فيه مخالفة شرعية، فعندها ينبغي أن تنحازي للشرع، ولكن بمنتهى الأدب، دون تصعيد الخلاف والمشاكل مع الوالدة، التي بكل أسف هي متأثرة بالعادات والتقاليد الموجودة في المجتمع، والتي ربما توارثوها واعتادوا عليها، لكننا ينبغي أن نتمسك بالشرع الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به.

واجتهدي دائما في بر الوالدة والإحسان إليها وطاعتها، وعكس نموذج رائع للفتاة الملتزمة؛ لأننا دائما نريد لبناتنا وشبابنا عندما يبدؤون الالتزام في بيئة ليس فيها التزام، أن يظهروا أجمل ما عندهم من البر والإحسان والصبر والاحتمال، والتقرب إلى الوالدين، حتى يشعروا أن الدين هو الذي غيرنا، وأن الدين هو الذي جعلنا نزداد برا وطاعة لآبائنا وأمهاتنا، خاصة في الأمور التي لا تصادم الشرع.

فهذه الأمور يجب فيها بر الوالدين، والإحسان إليهم، مثل الوالدة تحتاج منك إلى خدمة، تكونين ظريفة مع الجارات، أن تعاملي الناس معاملة حسنة، وحتى أبناء العمومة الممنوع هو المصافحة، ولكن (السلام عليكم، كيف حالكم، أخباركم ...) يعني مثل هذا السؤال لا يضر، طالما الفتاة تلوذ بحجابها ولا تصافح الرجال الأجانب.

فأنا أريد أن أقول: ينبغي أن تعرفي ما يمكن أن يعمل من الناحية الشرعية وما لا يقبل، وبعد ذلك تحسني الاعتذار، حتى ولو لم تصافحي، تبيني لهم أنهم في المكانة الرفيعة، وأنهم أبناء عمومة، ولكن هناك شرع ينبغي أن نلتزم به، وهذا الكلام الذي يكون بمنتهى الأدب؛ لأن الإنسان بالأدب وحسن التعامل ينال الخيرات الكثيرة.

كما أرجو أن تجدي من بنات العم والزميلات والصالحات من تساعدك على هذا؛ لأن البدايات صعبة، لكن غدا -إن شاء الله- ستكون معك مجموعة من الفتيات الملتزمات بالحجاب الشرعي، الحريصات على عدم مصافحة الرجال أو الاختلاط بالرجال، فنسأل الله أن يعينك على الخير.

ورضا الله تبارك وتعالى هو المطلب، والبر للوالدين عبادة لرب البرية، لكن فيما أراده الله تبارك وتعالى، ومهما كان أمر الوالدين مخالفا للشرع فإن صحبتهم بالمعروف مطلب؛ لأن الله قال: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم} هنا قال: {فلا تطعهما} فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لكن في نفس الآية ومع ما يحصل قال: {وصاحبهما في الدنيا معروفا}.

فما يحصل من الوالدة من أمر بأشياء مخالفة لا يمنعها حقها في البر والإحسان، بل ندعوك للمبالغة في إكرامها والإحسان إليها، حتى يكون لذلك أثر إيجابي عليها.

نسأل الله أن يعينك على الثبات، ونسعد بالمتابعة مع الموقع، وندعوك إلى إدارة هذا الأمر بمنتهى اللطف والرفق والحكمة، ونسأل الله أن يثبتك ويسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات