أهلي حاربوا نجاحي وتديني حتى أصبحت أغرق في المعاصي!

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أنا شاب مثل جميع الشباب، ألبس الملابس الطبيعية، وأحلق شعر رأسي بالقزع، وأحيانا أحلق اللحية، فأنا مقصر في حق ديني من هذا الجانب، لأن أهلي عارضوا فكرة أن أكون سلفيا، فوالدي كان يضربني، وأمي والبنات وضعوا لي شيئا في الأكل في وقت مضى، فمرضت بالرهاب والفصام، ومن تسبب لي بالفصام هي أختي التوأم.

أيام دراسة البكالوريا مرضت، ولم أتحصل عليها مرتين، وفرضوا علي تخصصا لا أحبه، فعانيت من انخفاض مستواي الدراسي في الجامعة، وتحصلت على نتائج ضعيفة.

الآن لم أصبح عالما، ولم أصبح سلفيا، ولم أدرس الشريعة أو الطب، فأنا حلمت أن أصبح طبيبا أو إماما، وهم وقفوا ضدي وضد تحقيق أحلامي، ولم تر عيناي والدين لا يحبان الخير لابنهما مثل والدي، ولا إخوة لا يتمنون الخير لأخيهم غير إخوتي، فهم يحسدوني لأني أفضل منهم. وصلت سن 30 سنة وندمت، لأني لم أتمسك بديني، ولم أصبر عليه، فقلت: لو تمسكت بديني لأنجاني الله من هذه الأسرة التي حطمتني، ولم تتركني أحقق أحلامي.

ها أنا أكلم البنات، ولا أحافظ على صلاتي، وأصبحت أغرق في المعاصي، ولو تحملت مضايقاتهم من أجل ديني لكان أفضل لي.

هددوني سابقا بالموت، وأمي قالت لي مرة: إنها حسدتني في الدين، فلم تتركني أستقيم، وتقول: إن المتدينين خبثاء، لكنها تعلم أن المنهج السلفي فيه خير عظيم، فقالت لي -هي وأخواتي البنات وأبي-: إنك تريد أن تصبح عالما، وهذا هو الشيء الذي خفنا أن تحققه أنت، لأنك تدرس بشكل جيد!

اليوم لم أمت -بفضل الله- لكني مرضت مرضا شديدا كدت أفارق فيه الحياة، واليوم وأنا بعمر 30 سنة أصبحت لا أخاف الموت مثل السابق، وتخلصت من الرهاب، لكن الشيء الذي لم يجعلني أستقيم -برغم أني كنت متدينا-، هو ابتعادي عن حفظ القرآن الذي كنت أحفظه، وعن مجالسة أهل العلم.

ليست لدي صحبة صالحة تعينني على ديني، فأنا عانيت ظلم الأسرة والناس لي، فهم يكرهون الإنسان المتفوق، ويغارون منه، خاصة الأقران، وأيضا كانت لدي وساوس تمنعني من تطبيق ديني، وكنت أقول: إن تطبيق المنهج السلفي صعب علي، لأني سمعت لآراء الناس التي لا تعرف المنهج السلفي، وانحرفت على طريق الاستقامة.

اكتشفت فيما بعد أنهم ليسوا ضد سلفيتي، بل هم ضدي، سواء كنت سلفيا أم لا، فأنا ألوم نفسي لأني لم أحقق التوحيد كما يجب، وهو الخوف من الله عز وجل وحده لا شريك له، وليس خوفا من الموت، أو خوفا من أن يقتلوني، لأن أبوي لن يقتلاني ولو قالوها، ولو كرهاني أو تمنيا موتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونحن سعداء بتواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.

أخي الكريم: من عادتنا أن نكون صرحاء مع من يحدثنا؛ لأن المستشار مؤتمن، ونحن لا نريد أن نجمل لك ما يرضيك حتى تهدأ نفسيتك، بل نريد لك أن تبصر الطريق المستقيم حتى تنجو وتسعد، تلك غايتنا وهذا هدفنا.

أخي الكريم: مسألة أن الأخ أو الأخت قد يحسد أو تحسد أخاها أمر وارد، وإن كان بنسبة قليلة، لكن مسألة أن الوالدين يحسدان ولدهما ويكيدان له، فهذا -أخي- أمر مستحيل، تلك فطرة الله القاضية بأن أحب الناس إليك وأحرصهم عليك وأحنهم في الحياة هما والداك.

هكذا أخبرنا القرآن وأخبرتنا السنة، ولذلك لن تجد في القرآن آية واحدة توصي الوالد أو الأم بحب ولدهما، لأن الفطرة المجبولة عليهما قاضية بذلك، وفي المقابل ستجد عشرات الآيات التي تتحدث مباشرة أو حكاية عن الوصية بالوالدين والحث على برهما.

نعم قد نتفق معك أن الوالد أو الوالدة قد يقدرا أمرا بالخطأ، أو يمنعانه من خير بالخطأ، لكن الدافع مستحيل أن يكون حسدا، بل الدافع في الغالب الأعم: إما الخوف على الولد، أو الجهل بمآلات ما يريد القيام به.

ثانيا: لو تجاوزنا مسألة الحسد -يا أخانا-، ووقفنا أمام ابتعادك عن الصلاة، وحديثك إلى البنات، هل هذا أيضا كان بتحريض منهم؟

ربما -أخي- يمكن القول إن هناك أخطاء مشتركة وقعت، لكنها من الوالدين بسوء تقدير لا بسوء قصد، وهناك أخطاء منك وقعت يمكنك تبريرها أو إيجاد إجابات لها، لكن هذا لا يمنع أن الخطأ مشترك وأنه واقع.

ثالثا: الوقت -أخي- ليس وقت حساب أحد، الوقت هو وقت البناء، هو وقت العودة الحقيقية لتدينك وعبادتك، وذكرك وقراءتك للقرآن، الوقت هو وقت بناء الحاضر، والنظر إلى الغد، الوقت هو وقت نسيان الماضي بكل ما فيه، الوقت هو وقت التصالح مع الأهل والتغافل عن كل ما حدث، دون الاجتهاد في معرفة من المخطئ أو المصيب، وعليه فإننا ننصحك بما يلي:

1- ترك اللوم، والابتعاد عن جلد الذات أو جلد غيرك.
2- التوبة الصادقة لله -عز وجل- مع البداية الصحيحة.
3- الابتعاد عن المسميات التي قد تقلق الوالدين، مع الاهتمام بالمنهج الصحيح، والذي يقضي بالاعتماد في كل أحوالك على كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
4- التعرف على الصالحين، سيما من يعرفهم أهلك ويطمئنون إليهم.
5- الابتعاد عن المعاصي بالكلية، والاجتهاد في ورد ثابت لك ولو كان قليلا، فالقليل الدائم خير من الكثير المنقطع.
6- النظر في المتاح من الدراسة والتعليم، والبدء بما هو ممكن، وأنت عندك من القدرات والذكاء ما تستطيع -بإذن الله- أن تكون الأول على أقرانك في دراستك، ويمكنك بعدها التحضير للماجستير أو الدكتوارة.

أخي الكريم: أنت في الثلاثين، وهذا يعني أنك لا زلت في مرحلة الرجوع والبناء، فلا تفقد همتك ولا تفقد عزيمتك، واستعن بالله ولا تعجز.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، ونحن سعداء بتواصلك معنا في أي وقت، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات