السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قبل أربع سنوات، تقدم لي رجل متزوج؛ لأن زوجته مريضة بالوباء الكبدي، في بادئ الأمر رفضت الفكرة تماما، لأني لا أستطيع أن أتحمل زوجة معي، ولكن أكد لي بأنه لا يعاشرها بسبب مرضها، ويعتبرون شبه منفصلين، ولأنه كانت بينهما مشاكل كثيرة طول سنوات زواجهما أدت إلى التفكير في الطلاق بجدية قبل مرضها، وعندما مرضت تراجع هو عن الفكرة.
عند رفضي له فكر في طلاقها، ولكني اتقيت الله فيها وفي بناتها، ورفضت أن أكون سببا في طلاقها خوفا من غضب الله علي.
وافقت على الزواج به على أساس أن العلاقة منتهية، وسبب بقائها لتربية بناتها فقط، وأكد لي أيضا أنه لا ينام عندهم في البيت، وأنه ينام في بيت أمه، وهي ساكنة فوقهم، وصدقت كلامه! وتعاملت معه بكل ثقة.
بعد أشهر من زواجنا بدأت استنتج من بعض كلماته أنه ينام عندهم في البيت، علما بأنهم في مدينة، وأنا في مدينة أخرى، أي لبعد المسافة لا أعرف ما يحدث بالضبط عند زيارته لهم.
بدأ الشك يراودني، والأفكار تتضارب برأسي، ولكم أن تتخيلوا نفسيتي كيف صارت، وعندما واجهته اعترف بذلك، وأنه يفعل ذلك من أجل بناته فقط، وحتى أنه ينام في غرفة البنات.
أخبرته بأن موافقتي على الزواج به كانت بسبب عدم وجودها في حياته، والآن حدث العكس، أي ما بني على باطل فهو باطل! فوعدني ألا يفعل ذلك من جديد.
بعد أشهر رجعت نفس الحالة، الآن أنا في حيرة وشك، بيني وبين نفسي، لا أمانع أن يبقى مع بناته، ويشملهم برعايته وحنانه، ومن جهة أخرى يراودني الشك أنه ينام معها.
عندما صارحته بأن هذا الموضوع يزعجني جدا، ولا أستطيع الاستمرار بهذا الوضع، قال لي: ما هو الشيء الذي يريحك ويؤكد لك بأني لا أنام معها، وأنا أفعله.
لأنه خلف وعده معي كم مرة لم أعد أصدقه، فخفت أن أقول له: احلف على المصحف، أو بالطلاق، أكون قد ارتكبت ذنبا، لم أعرف كيف أتصرف؟ وبعد استخارة الله استشيركم في مشكلتي، دلوني على الصواب، بما يرضي الله.
علما بأنه طيب وكريم وحنون جدا، عيبه الوحيد! هذه التصرفات التي من ورائي.
وما حكم الشرع فيها؟ وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يثبتك على الحق وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يصلح ما بينكما .
بخصوص ما ورد برسالتك، فإن قبولك للزواج من رجل متزوج أو شبه متزوج إن دل على شيء فإنما يدل على حبك للإسلام، وتجاوبك مع الشرع الحنيف، وعدم الانصياع لتلك الدعوات الجاهلية التي تحارب التعدد في حين أنها تشجع على إقامة علاقات غير مشروعة، بل وقد تمنح تصاريح بذلك وما حدث بينكما من اتفاق يحتاج إلى بعض الإيضاح، فإن كانت الزوجة فعلا مريضة بالمرض المذكور وثبت أنه معد فعلا، وأنه ينتقل عن طريق المعاشرة فإن من حقك الابتعاد عنه، حتى يحل مشكلته، بل ومن حقك كذلك إلزامه بأجراء الفحص الطبي على نفسه لاحتمال أن تكون العدوى قد انتقلت إليه، فإذا كنت قد تزوجتي بشرط عدم الجماع، وأن مرضها فعلا معد وينتقل بالمعاشرة فمن حقك طلب الطلاق إن شئت، ويجوز لك أن تصبري عليه خاصة إذا كان غير مصاب بنفس المرض، ولك أن تجددي الشرط ما دام قد وافق على ذلك من قبل.
أما إذا كان هذا المرض غير معد أو أنه لا ينتقل بالمعاشرة، فليس من حقك شرعا طلب الطلاق لأنه لا يجوز أن تمنعيه من إتيان أهله حتى وإن قبل هذا الشرط في أول العقد.
لذا أرى ضرورة عقد جلسة مصارحة بينكما، وحاوريه بهدوء واذكري له ما سبق الاتفاق عليه، وبيني له أثر عدم الوفاء على ثقتك به، ناقشا معا بجميع الأمور بصراحة ووضوح مع ضرورة مراعاة الاتفاق السابق.
قطعا زوجك بخلفه للوعد معك قد خالف شرع الله؛ لأنه لا يجوز له أن يعد بشيء ويخلف فيه، وأن من حقه أن يرفض شروطك إذا لم يكن قادرا على الوفاء بها، أما وقد التزم بذلك فيجب عليه الوفاء، وأرجو إعطاءه فرصة أخرى وإمهاله ومساعدته على الوفاء، شريطة أن لا تحرميه من أولاده الصغار أو من الإحسان إلى زوجته المريضة، وليس لك فقط إلا قضية المعاشرة.
اعلمي أن من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، وأن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، فيسري عليه وأعينيه وأكثري من الدعاء له بالصلاح.
والتوفيق وعما قريب سترين بنفسك أثر دعواتك المباركة.
وبالله التوفيق والسداد.