السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا لا أعلم ما سوف أقوله تحديدا لكم، لكنني أعيش دائما في عالم من التخيلات، لا أستطيع التركيز في الواقع لمدة 5 دقائق، ولا أستطيع التركيز في دراستي بسبب التخيلات، دائما ما أقول سوف أذاكر وأبدأ، وبعدها بـ 10 أو 15 دقيقة أبدأ بالتخيل تلقائيا، حتى يمر الوقت ولا أستوعب ما فعلته.
أريد فقط أن أقول لكم سبب التخيلات، لأنني لا أعلم حلا لها، أنا والدي متوفى وأنا في عمر الـ 8 سنوات، والآن عمري 16 ونصف، ولدي أخ أكبر مني بعامين، الأمر وما فيه أنني أفتقد حنان أخي أو أبي كثيرا، فأخي ليس بقريب مني من وقت وفاة أبي، وهو منعزل للغاية لا يتحدث معنا إلا عند الأكل، وحتى الأكل لا يأكل معنا، نأكل أنا ووالدتي، وهو يأكل وحده في غرفته، ولقد حاولنا كثيرا أن يكون معنا، لكنه يرفض.
أنا دائما ما أتخيله أو أتخيل رجلا يحبني، ويعاملني بلطف وحب كبير، دائما ما أتخيله بجانبي؛ لأنني دائما أراه يحب أولاد خالاتي وخالي كثيرا، ولكنه معي لا يحبني بتاتا، لا أعلم ماذا علي أن أفعل، أنا في فترة أريده بجانبي، وأريد أحيانا رجلا بجانبي، ولكنني لن أستطيع فعل هذا.
أريد أن تفيدوني حول ذلك، مع العلم أنني أصلي وأتقرب إلى الله عز وجل، والحمد لله، ولا ينقصني شيء.
شكرا لكم، وآسفة على حديثي الطويل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -بنيتي- عبر إسلام ويب.. ونشكر لك كتابتك إلينا بهذا السؤال، والذي لم تطيلي فيه حقيقة، فقد تطلب الأمر أن تشرحي لنا كل هذه التفاصيل، فبارك الله فيك وأحسن إليك.
بنيتي هناك موضوعان:
الموضوع الأول: أنت في هذا العمر من الشباب السادسة عشرة، وأرجو الله تعالى أن يشرح صدرك، ويعينك على دراستك، ويعينك على تجاوز حرمان حنان وعطف الأب، والآن تعانين من حرمان رعاية الأخ، فلا شك أن هذا أمر صعب، ولكني سأوجهك إلى أن تتابعي طريقك، وخاصة أنك -ولله الحمد- مصلية وقريبة من الله تعالى، أنت في هذا السن على وشك الاستقلال الكامل بنفسيتك وشخصيتك الاجتماعية، فما هو إلا وقت قصير حتى تتجاوزي ما أنت فيه، وتعتمدي على نفسك، ولا تشعري بالحاجة الماسة لأن يقف أمامك أو معك رجل، إلا في قابل الأيام عندما ييسر الله لك زواجا موفقا في وقت ما.
الموضوع الثاني -بنيتي- هو موضوع الأخ، نعم إن وقوف الأخ معك يمكن أن تكون منه فوائد كثيرة، ولا أدري لماذا هو مبتعد عنكم، هل هو بسبب فقدانه أيضا لرعاية وحنان والده الذي توفي؟ ولكني في نفس الوقت أستغرب حيث إن والدتكما موجودة -حفظها الله-، فلماذا هو مبتعد عنكما؟ هل هو مجرد ما يمر به الشباب في هذه السن من الانشغال بوسائل التواصل الاجتماعي وغيرها؟ أم عنده شيء آخر؟ ومهما كان فلا يمنع أن تبادري بالحديث معه بوجود والدتك بداية، تسأليه أسئلة محددة، خاصة إذا كان دارسا، وبالذات أنت تريدين الاستفادة منه ومن معلوماته، هل إذا طرحت عليه سؤالا له علاقة بالدراسة وأمور الحياة، هل يجيبك أم هو رافض حتى الإجابة على أسئلتك؟ المهم ربما أقرب أو أقصر طريق للتعامل مع أخيك أن تطرحي عليه سؤالا -لا تكثري- سؤالا واحدا لعله يتشجع، ربما هو أيضا يريد أن يقترب منك ومن والدته، إلا أن لديه بعض الصعوبات النفسية وغيرها.
وأما بخصوص شرود الذهن، فليس هذا بالأمر المرضي، ويفيد معه محاولة الابتعاد قليلا عن وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة عند الدراسة، وما هو إلا وقت قصير حتى تجدي تحسنا في هذا، وعليك بالنوم الجيد والغذاء المتوازن والنشاط الرياضي.
أخيرا: أدعو الله تعالى لكم في هذه الأسرة بالراحة والسعادة، وأن يجعلك من المتفوقين، وييسر لك أمرك، والله الموفق.