السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي استفسار عن الالتزام بالعبادات، حيث إني أعاني من فتور كبير في أداء العبادات، ومنها الصلاة، لا أعلم لماذا؟ مع أني داخليا دائما أستشعر الخوف والرهبة، والشعور بالذنب، بسبب التقصير بالعبادة، ودائما عندما أسمع القرآن يكون لدي استشعار كبير للآيات.
دائما أشعر بخشوع، وتفيض عيناي من الدمع، ومع ذلك أشعر بتثاقل كبير، خصوصا تجاه الصلاة، علما بأني أتوضأ وأستعد قبل الأذان إلا أني لا أقوم بأدائها، أو أجمعها.
دائما أطلب من الله الهداية، أتساءل حول موضوع أن الله يهدي من يشاء، هل فعليا الهداية تكتب لأشخاص معينين؟ هل قد يكون سبب التقصير عدم قبول الله أعمالي؟ هل الله يكتب التوفيق بالعبادات لأشخاص دون آخرين؟ هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أدعية للهداية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ولاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به فاعلمي بارك الله فيك ما يلي:
أولا: اعلمي -أيتها الفاضلة- أن الله يحب عباده، ويريد لهم الهداية والصلاح، (والله يريد أن يتوب عليكم)، هذه آية في كتاب الله، (يريد الله أن يخفف عنكم)، وهذه آية كذلك، وفي الحديث القدسي عن النبي صلى الله عليه وسلم عن رب العزة قال: (إذا تقرب العبد إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة).
قد جاء كذلك في الحديث: (لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح).
كل هذه الآيات والأحاديث وغيرها كثير يبرز لك أن الله يريد الهداية لعباده، لكن الله جعل الدنيا دار امتحان، فمن أراد الهداية وأخذ بأسبابها وفقه الله إليها، ومن أعرض أعرض الله عنه، ومن تمنى الهداية لكنه لم يبذل في سبيلها ما عليه فقد اختار بكامل إرادته ولا يلومن إلا نفسه.
عليه فالجواب الواضح على سؤالك في مسألة الهداية: أن الله يهدي من كان أهلا للهداية، يهدي من اجتهد في طاعة الله وصبر على ذلك، يهدي من ابتعد عن المعاصي وتاب عن الوقوع فيها، ويضل من أراد الضلال، يضل من تمسك بالمعاصي ولم يتب إلى سيده ومولاه، يضل من كان أهلا للضلالة، كما قال الله تبارك وتعالى: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) [الصف-5].
أما طريق الهداية فيلزم منه -أختنا- ما يلي:
أولا: معرفة الأسباب التي تحول بين قلبك وبين التلذذ بالطاعة، فلا شك أن المعاصي لها دور في ذلك، وكل إنسان عنده من الذنوب ما ينبغي أن يتخلص منها، حتى يتلذذ بطاعة الله تعالى.
ثانيا: أداء الواجبات المفروضة عليك في وقتها، واعلمي أن هذا من أحب القربات إلى الله تعالى، فقد قال الله في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه).
ثالثا: كثرة النوافل فإنها جالبة لمحبة الله تعالى لك، يقول الله في الحديث القدسي: ( وما يزال يتقرب عبدي إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ولئن سألني لأعطينه ولئن دعاني لأجيبنه ولئن استعاذني لأعيذنه).
رابعا: الصحبة الصالحة، فإن لها دورا كبيرا في تثبيت الطاعة، والتذكير بها.
خامسا: تلمس دعاء الوالدين مع كثرة الدعاء أن يهديك الله عز وجل، وأن يذيقك برد عفوه.
هذه -أختنا- هي الأسس التي يجب السير عليها، ونحن ننصحك بقراءة كتاب ظاهرة ضعف الإيمان للشيخ المنجد، وهو موجود على موقعنا، وننصحك كذلك بأن يكون لك ورد ثابت من الأذكار الصباحية والمسائية، مع كثرة الاستغفار، وقراءة ما تيسر من كتاب الله تعالى بفهم وروية.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، والله الموفق.