السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أم لولدين نعيش في ألمانيا، ولدي ابنة تبلغ من العمر 26 سنة طالبة طب، تعرفت منذ فترة إلى شاب عبر الإنترنت، وطلبت والدته خطبتها رسميا لكن والد الفتاة رفضه، بعد الرفض تواصل الشاب مع والدها بشكل شخصي، بعد ولكنه مصر على رأيه؛ لأن الشاب يقيم في مدينة أخرى ولم يكمل دراسته، ويرفض تزويج ابنته بشاب تعرفت إليه عبر الإنترنت.
المشكلة أن ابنتي متعلقة به كثيرا، وأثر ذلك عليها، فأصبحت إنسانة مختلفة، تشعر بالاكتئاب، لا تتناول الطعام، لا تجلس معنا، وانعزلت عن الجميع! أنا خائفة على ابنتي، وما زال والدها على رأيه، أرغب في تزويجها للشاب حتى ترتاح، وخائفة من تدهور حالتها، فماذا أفعل؟ وكيف يمكنني مساعدتها للخروج من هذه الأزمة؟
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيتها الأخت الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونسأل الله أن يسهل أمر ابنتنا، وأن يقدر لها الخير، ثم يرضيكم به.
لا شك أن الذي حصل أمر مزعج، ونحن دائما ننبه الأبناء والبنات إلى إشراك الآباء والأمهات في البدايات، وليس بعد أن تتعمق مشاعر الود والحب بين الطرفين؛ لأن معرفة الوالدين لهذه الأمور وفي وقت متأخر من أسباب عنادهم ورفضهم.
وإذا كنا نشكر الأب على هذا الحرص؛ فإننا أيضا ندعوه إلى أن يقف وقفة يحرص فيها على مصلحة ابنته، ومن حقه أن يتعرف إلى الشاب، فإن كان صالحا يمضي هذه الزيجة، وإن كان غير ذلك فمن حقه أن يرشده؛ لأن دورنا كآباء وأمهات هو دور إرشادي وتوجيهي.
فإذا كان الشاب مناسبا ورضي بالفتاة ورضيت به، وكان فيه الشروط الأساسية، وأهم الشروط عندنا: "من ترضون دينه وخلقه" كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ونحن نقر أن هذا الذي حدث خطأ، أن يحصل تواصل من خلف الآباء والأمهات، وهو خطأ مشترك بين ابنتنا وبين الشاب المذكور، لكن نحن ما ينبغي أن نعالج الخطأ أيضا بطريقة خاطئة، بل ينبغي أن ننظر للأمور من أصلها وضوابطها الأصلية، ثم بعد ذلك ندعو الشاب والفتاة إلى أن يتوبا ويصححا هذه الطريقة، بأن يوقفا العلاقة حتى يشركا الآباء والأمهات من الطرفين، ومن حق الأب أن يسأل عن الشاب، كما أن من حق الشاب أن يسأل عن الفتاة وأسرتها؛ لأن الزواج ليس علاقة بين شاب وفتاة فقط، لكنه علاقة بين أسرتين وبين قبيلتين، وهي علاقة ممتدة وفيها مصالح، وسينتج عنها أبناء وبنات، سيكون هاهنا لهم أعمام وعمات، وفي الطرف الثاني لهم أخوال وخالات، فهي علاقة نحتاج إلى أن نؤسسها على قواعد راسخة وثابتة.
ونتمنى أن تجدي من إخوانك - أعمام الأولاد، إخوان الأب - والعقلاء والفضلاء والدعاة من يستطيعون أن يؤثروا على الأب حتى يغير موقفه، لأن فعلا العناد بهذه الطريقة قد لا يكون فيه مصلحة، ولذلك ينبغي أن تكون النظرة للأمر شاملة، فحاولي أن تختاري الأوقات المناسبة لإخبار والد الفتاة بأن يسأل ويبحث، ليس من الضروري أن يوافق، لكن اطلبي منه أن يتعرف إلى الشاب، وبعد ذلك يكون رفضه مبنيا على قواعد وعلى أسس، وكذلك أيضا -كما قلنا- اطلبي الوجهاء من أهلك ومحارمك، ومن أهل زوجك أيضا -من إخوانه- من يمكن أن يؤثر عليه ليتخذ موقفا معتدلا صحيحا.
مرة أخرى: نحن لا نوافق على أي علاقة تتمدد في الخفاء، لكن في نفس الوقت لا نريد أن نحرم أبناءنا الالتقاء في الحلال، إن توفرت الشروط المطلوبة في كليهما، ونسأل الله أن يعيننا على الخير، وأن يقدر لابنتنا الخير، ثم يرضيها به.
والله الموفق.