السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
صار لي أكثر من نصف سنة وأنا أدعو الله في سجودي بأن يزيد من طولي ويرزقني طول القامة، وأن يصبح طولي (١٨٠) سم، فأنا حاليا (١٧٠) سم، وكثير من الأطفال أصبحوا أطول مني، ولذلك أصبت بعقدة، وللمعلومية أكثر محفز لي في زيادة الطول هو النوم الكثير، حيث كنت سابقا أنام من الساعة ٩ إلى الساعة ٧ أي إلى أذان الفجر في الشتاء، أما الآن في الصيف أصبح أذان العشاء في الساعة ١٠، والفجر في الساعة ٤، أي أني مهما فعلت فلا يمكنني أن أنام ١٠ أو ٩ ساعات والتي يحتاجها جسمي.
أنا أقوم بعمل تمارين الإطالة، وأشرب الحليب كثيرا، ولكن مسألة النوم هي العائق الوحيد بسبب الوقت المبكر لأذان الفجر، ففكرت للحظة أنني لو تقربت إلى الله وأطعته بالاستيقاظ لصلاة الفجر، وتلبية النداء، وتجاهل مسألة النوم لمدة ١٠ ساعات؛ فالله سبحانه وتعالى سيزيد من طولي بمعجزة، حتى لو نمت ٦ أو ٧ ساعات بسبب تقربي إليه.
وفي الجانب الآخر: الشيطان يوسوس لي بأن أعمل بالأسباب، وأن أترك صلاة الفجر إلى أن أصل إلى عمر ٢١ عاما أي عندما يكتمل نموي، وبعدها أبدأ التزامي بصلاة الفجر، فأنا حائر جدا.
حاليا ماذا أفعل؟ هل يجوز لي النوم قبل العشاء والاستيقاظ بعد الفجر بساعات وأداء صلاة العشاء والفجر معا؟ أم أصلي كل صلاة في وقتها حتى لو كلفني هذا قلة ساعات النوم التي يحتاجها جسمي؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يمن عليك بالرضا، وأن يقنعك بما آتاك، وأن يرزقك التوفيق لطاعته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أخي الكريم: يبدو أن هناك خطأ في الكتابة إلينا، فلعلك تقصد أن طولك (150 أو 160) وتفعل ما ذكرت من كبيرة النوم عن الصلاة لتصل إلى (170)؛ لأننا لا نتصور أن يكون صاحب المكتوب -إن صح- عنده مشكلة أصلا، فهذا الطول لا يعد قصرا، ولا ينبغي لصاحبه أن تصيبه مثل تلك الهلاوس الغريبة.
أخي الحبيب: نقول لك ذلك لأن رسائل كثيرة تأتينا يتحدث فيها بعض الشباب عن قصر قامتهم، وأنهم راضون محتسبون الأجر لكنهم يريدون أن نضع لهم جدولا لطريقة الصبر وكيفية التعامل مع الغير، هؤلاء أخي أطوالهم بين (150 و 160) ولم نجد من يتجاوز (165) يراسلنا مطلقا أو يجد في ذلك مشكلة، فإن كنت من هؤلاء المشار إليهم دون (165) وتريد الحل فهذا جوابنا:
أولا: اعلم أخي الحبيب: أننا عبيد الله خلقنا ورزقنا وسوانا بيده وحده والأمر كله له، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، فإذا آمنا بذلك وسلمنا لله الأمر أخذنا الأجر، وصرف الله عنا الهم والغم، وأبدلنا الله خيرا مما أردنا، وإذا اعترضنا -عياذا بالله- فلن يتغير من قدر الله شيء، ولن نحصل الأجر الذي هو غاية المؤمن، ولن نسعد بالحياة، ولن نجد السكينة.
ثانيا: مسألة قصر الطول هي مشكلة تبقى عارضة بين المشاكل الأخرى، فأنت مسلم وتعلم أن كل إنسان له حظ من البلاء، والله يبتلى عباده ليثبت أهل الحق ويعرف أهل الزيغ، وقد ابتلاك الله بقصر القامة وابتلى غيرك بالعمى، وابتلى غيرك بالعرج، وابتلى غيرك بالجنون، وابتلى غيرك بالسرطان، وغيرك وغيرك وغيرك كثير.
فانظر يارعاك الله أي الابتلائين أهون: أن يكون طولك (160) وأنت في نعمة وعافية، وليس عندك من عضال الأمراض ما يقعدك عن الحياة، أم أن يكون طولك كما تمنيت والأمراض محيطة بك من كل صوب.
أخي الكريم: أتعلم أن هناك شبابا كثرا أول عمل يعملونه حين يستيقظون صباحا هو الذهاب إلى المستشفى لغسل الكلى! هذا هو فطورهم اليومي، وبعضهم راض وبعضهم ساخط، ومن رضي أخذ الأجر ومن سخط فعليه الوزر، ولا يغير من رضا أو سخط من أقدار الله الماضية.
ثالثا: اعلم أخي الكريم أن الصبر على البلاء -أي ابتلاء- له أجر عظيم عند الله تعالى، فإن الله تعالى وعد الصابرين أن يوفيهم أجرهم بغير حساب كالماء المنهمر، {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} أي: بغير حد ولا عد ولا مقدار، وأخبر سبحانه أنه معهم بهدايته ونصره: {إن الله مع الصابرين}، ووعدهم بالرحمة والتوفيق والهداية متى ما صبروا واحتملوا: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.
وفي الصحيح عن صهيب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
ومن المعلوم أخي أن (عظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط).
وإن الإنسان مأجور في كل أحواله فقد قال - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب، ولا هم ولا حزن، ولا غم ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها - إلا كفر الله بها من خطاياه).
واستمع إلى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- حين يقول: (لأن يعض أحدكم على جمرة حتى تبرد، أو يمسك عليها حتى تبرد، خير من أن يقول لأمر قضاه الله ليته لم يكن).
رابعا: نأتي إلى المصيبة الكبرى التي استدرجك الشيطان إليها حتى وقعت فيها يا أخانا، وهي مسألة النوم عن الصلوات بدعوى أن هذه وسيلة لطول القامة!! هل هذا يصح أن يقوله المسلم يا أخي؟! هل تطلب من الله أن يمنحك وأنت تعصيه متعمدا؟ نصف عام تؤخر فيه الصلوات عن وقتها وأنت الشاب الصالح، نصف عام والله يمهلك ولو شاء سبحانه لابتلاك، فلا تستجلب غضب الله عليك بمعصيته، وتذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعذر الأعمى الذي لا يجد من يقوده ليلا إلى المسجد في شوارع غير ممهدة، فكيف سمحت لنفسك بهذا التجاوز الكبير، استمع إلى هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى، فقال: (يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى، دعاه، فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب) هذا أعمى مريض ضرير وليس له قائد والطريق كما لا يخفاك ولم يأذن له النبي بأداء الصلاة في وقتها في البيت، فكيف وأنت الصحيح المعافى والطريق الممهد قائم وتسمح لنفسك أن تصلي الصلوات بعد وقتها!!
أخي الكريم: اعلم أنه لا يجوز لمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها، ولا يتخلف عن الصلاة في المسجد إذا كان قادرا، أما إذا كان مريضا أو عاجزا صلاها في البيت في وقتها.
وأما القادر فيلزمه أن يصلي في الجماعة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر، قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: "خوف أو مرض).
وقد قال أهل العلم: إن تأخير الصلاة عن وقتها منكر عظيم، وكبيرة من الكبائر، فاتق الله في نفسك، وتب إلى الله تعالى، وارض بما قسم الله لك من الخير، ولا تتعجل غضب الله عليك فتندم، ولا تستمع لوساوس الشيطان الذي يمنيك بالاستقامة بعد الحادية والعشرين من العمر! فمن يضمن لك الحياة يا أخي إلى الغد، ومن يضمن لنا نحن الحياة إلى أن نتم تلك الاستشارة لك؟ تب لله عما مضى، واعزم عزما أكيدا على عدم العودة، وانظر إلى من هو دونك تسعد.
وبالنسبة لموضوع زيادة الطول، لديك استشارة برقم: (2505156) وهي موزعة على المستشار، وسيجيب عنها في أقرب وقت بإذن الله.
نسأل الله أن يتوب عليك، وأن يثبتك على الحق، والله المستعان.