رفض الأب للخاطب بسبب بعده

0 419

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ضاقت بي السبل فأرسلت أستشيركم لعلي أن أجد ما يريح نفسي.
أنا فتاة في ال 23 من عمري، تخرجت في الصيف الماضي، وكنت متفوقة في دراستي والحمد لله، وأنا الآن معلمة في إحدى المدارس.

التزمت والحمد لله منذ عدة سنوات، وقد واجهت ولا زلت أواجه صعوبات كثيرة بسبب تديني، لكون عائلتي غير متدينة، وبيئتي بعيدة كل البعد عن التدين، حتى أني أحيانا أكره الخروج؛ لأن الناس تنظر إلي بسخرية، بسبب لباسي الجلباب.

وكنت أستخدم النت وتعرفت صدفة على شاب، رغم أني لا أحادث الشباب، ولكن لا أدري كيف ارتحت له، وكنا نتحدث في الدين، وحين علم أمر تديني وما أعاني بدأ يعينني ويساندني، ثم أبدى رغبتة في الزواج بي.

رفضت أول الأمر لعلمي أن أبي لا يوافق، كونه من بلد آخر، فأنا لبنانية وهو من الأردن، وقد طلبني سابقا شاب أردني ورفضه أبي؛ لأني وحيدة على ثلاثة شباب، وأبي متعلق بي جدا، ولكن الشاب كان يصر، ولأني ارتحت له كثيرا وتعلقنا ببعض قبلت، وفعلا جاء لبلدي وطلبني من أبي وقد وافق أبي وسعد به جدا، فهو شاب قل مثيله في أيامنا، والله أعلم به، ولكنه على خلق ودين.

وبعد فترة رفض أبي؛ لأنه يريدني أن أبقى بقربه، ولا يريد أن يزوجني لبلد آخر وبقي أبي يرفض مرة ويقبل مرة لفترة طويلة، والشاب يصبر وحتى أني أحيانا كنت أخبره أن نفترق، لأني لا أريد له أن يتعذب بسببي، وبقي مصرا، وقد أرسل أبي أناسا كثيرين لكي يسألوا عن الشاب في بلده، ولم نسمع عنه إلا خيرا، ومن معرفتي به أثق بحسن دينه وخلقه، وقد بانت أصالته في أكثر من مرة.

وأخيرا جاء هو وأمه ليطلبني للمرة الخامسة، عسى أبي أن يرأف به وبأمه ويقبل، لكن أبي رفض! وأنا الآن تائهة لأني متعلقة بهذا الشاب لأبعد حد، وهو كذلك، لكن الشاب الآن يقول لي أن نقبل الأمر ونفترق؛ لأن أبي لن يوافق، وهو يخشى أن يستمر في المحاولة مع بي وأبقى في انتظاره ولا يرضى أبي، وفي النهاية يكون تقدم بي العمر وضاعت علي فرصة الزواج منه أو من غيره، وهو الآن ينوي السفر، وأنا أعرف أنه يريد هذا ليجعلني أفقد الأمل ولا انتظره كي لا يضيع عمري بلا زواج، وأعلم أن أبي لن يبقى على عناده طويلا، فحين يرى أني لا زلت أحب الشاب ولم يتقدم لي من آمنه على نفسي؛ لأن الشباب في بيئتي لا يفكرون بمثلي، بل ينفرون منها وسيغير رأيه ويقبل، علما أن للناس تأثيرا كبيرا في رفضه، فكلهم يقولون له كيف تزوج ابنتك الوحيدة للغربة! ومن هذا الكلام.

لا أدري ماذا أفعل؟ هل أوافق الشاب في أن نفترق؟ وأنا أعلم أني إن تركته لن أجد مثله أبدا بحبه لي وبدينه وأخلاقه وحرصه علي، أم أحاول إقناعه بالعدول عن هذا الأمر والمحاولة مجددا، رغم أن أبي كان قاسيا معه ومع أمه في زيارتهم الأخيرة، والشاب مجروح من هذا الأمر.

أرجو أن تهدوني في أمري، فأنا حائرة وأرى الحياة صعبة من دونه! فهو كان بعد الله نعم السند والملجأ لي.

أنا أعلم مدى عذابه لبعده عني، أرجو أن تفيدوني وإن كان رأيكم أن لا أتخلى عنه فأرجو أن تفيدوني كيف أقنعه أن تركه لي ليس لصالحي كما يعتقد.

أسأل الله أن يجزيكم كل خير، وأعتذر للإطالة، لكن اللوعة في نفسي لا يعلمها إلا الله.
أرجو ألا تتأخروا في الإجابة على استشارتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Ghada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله أن يسهل أمرك وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك.

فإنه (ليس للمتحابين مثل النكاح)، ولو كان الوالدان يعيشان مع الإنسان كل العمر لكان الأمر هينا، ولكن سنة الحياة أن يمضيا ويتركا الأبناء والبنات، ومن هنا ندرك خطأ من يحول بين بناته والزواج بحجة أنها وحيدة، أو أنهم لا يطيقون فراقها، ولكن العقل والحكمة والدين قبل ذلك يؤيد ذهاب الفتاة وبأسرع وقت مع الزوج الصالح الذي يحبها، وقد قرأت رسالة مؤثرة لفتاة رفض أهلها الأزواج الفضلاء بحجة أنها وحيدة، فكتبت رسالة لأمها وقالت: لو كنت أعلم أنك تدومين لي ما رغبت في الزواج ولا فكرت الابتعاد عنك، ولكن سوف أجد نفسي كالخادمة في بيت إخواني بعد أن يفوتني قطار الزواج.

ولذلك فنحن نتمنى أن يكرر هذا الشاب المحاولات، وأن يكون لك دور في إقناع هذا الوالد، وأرجو أن يساعدك في ذلك الأقرباء والفضلاء، وأرجو أن تذكروا الوالد الكريم بأن المسلمين على شروطهم، وأنه لا يليق بنا أن نعطي كلمة ثم نتنصل عنها.

ونحن ننصحكم بإزالة هذا الخوف من قلب الوالد عن طريق طمأنته بأنكم لن تتركوه ولن تقصروا في الاهتمام به، ولست أدري أين الأعمام والأخوال والوالدة في إقناع الوالد؟ بل أين دور من يقول كلمة الحق والخير ولا يصمت؟! فلا خير في من يحرض ويخذل، والذي يظهر لي أن الوالد سوف يقتنع في نهاية الأمر، وهذا ما نتمنى أن يقدره ذلك الشاب الذي صبر كثيرا.

ومن الصواب هو أن يكرر المحاولات، وأرجو أن يجد منك التشجيع والمواقف الإيجابية، واعتذري عن قسوة الوالد، وهذا هو شأن كبار السن في الغالب، وليس في الترك خير وفائدة لأحد منكما، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنوبنا وذنبكم، وأرجو أن تكثروا من اللجوء إليه؛ فإنه يجيب من دعاه، وزيدي من برك لهذا الوالد، وأشعريه بحاجتك للذهاب مع زوجك، والزمي تقوى الله وطاعته فإنه سبحانه وعد المتقين أن ييسر الأمور ويفرج الأزمات، فقال سبحانه: (( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ))[الطلاق:4]، وقال سبحانه: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ))[الطلاق:2-3].

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات