السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة، وزوجي في أغلب التعاملات جيد معي، لكنني شخص يهتم بالخصوصية، فكثيرا ما يحدث أن يقرر أهل زوجي أو أحد منهم زيارتنا بلا موعد مسبق، وتمتد الزيارة إلى يومين، والمبيت في شقتنا، علما أننا نسكن في نفس الحي، وهذا الشيء تستثقله نفسي؛ لأني أحيانا أكون قد حضرت لأمر نفعله سويا، وتفشل خططي بسبب الزيارات المفاجئة، وأشعر أن في هذا عدم تقدير لي، وخصوصا أنهم لا يحبونني كثيرا، وتصدر منهم مواقف كثيرة تؤثر في نفسي تحت مسمى المزاح.
كما أنني سمعتهم يتحدثون عني بسوء، وبسبب هذه الزيارات لا أستطيع الجلوس مع زوجي الذي يقضي كل اليوم في العمل، فيرجع في منتصف الليل، ويأخذ إجازة لمدة يومين، أحدهما لأهله أصلا، واليوم الآخر من الممكن أن يدعو أحدا للزيارة، أيضا دون أن يستشيرني ويسألني إن كنت مستعدة لاستقبال أحد.
جسديا لست في أفضل حال، وزوجي يخرج لقضاء المشاوير فلا أستطيع الجلوس معه، وأنا أريد أن أشعر باهتمامه وحبه، كما أني أعطيه الكثير، وأضعه في بداية أولوياتي، وهو لا يعترف أن عدم الاهتمام يؤثر على علاقتنا بالفتور، ولا يبقى في قلبي حب له.
أريد النصح منكم -أثابكم الله- كيف أستطيع الوصول لحل لسلامة نفسي وحياتي الزوجية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.
وبخصوص ما تفضلت به، فاعلمي -بارك الله فيك- ما يلي:
أولا: إننا نحمد الله -العلي الكريم- أن أكثر تعاملات زوجك معك جيدة، وهذا خير كثير نسأل الله أن يتمه عليك، فما أكثر الشكاوى التي تأتينا من انعدام الحوار أصلا بين الزوجين، أو من تعمد إهانة الزوج زوجته على كل الأصعدة، والمشاكل في هذا الباب كثيرة، وإنا إذ نحمد الله هذا الخير، فإننا نرجو الله أن يتمه عليك، وأن تستثمري وتثمني وجوده على ما سنوضحه لاحقا.
ثانيا: الخصوصية أمر تحرص عليه كل امرأة وهذا حق لها، ولكن الخصوصية يجب أن تكون متوازنة حتى لا تضر صاحبتها أو تفقدها مكتسباتها، فأهل الزوج مثلا هم بعضه، وكلما كانت دائرة القرابة أضيق كلما كانت أوجب عليه، فلا يستطيع مثلا أن يرد والديه أو إخوانه أو أخواته أو أعمامه أو عماته أو أخواله أو خالاته، هذه دوائر تضيق وتتسع، ولكل دائرة منها واجب لا يستطيع المسلم تجاوزه.
ثالثا: دعينا نضع قبل النصيحة قاعدتين هما بمثابة الأصول التي ينبغي أن تكون حاضرة أمام عينيك:
القاعدة الأولى: لا يوجد بيت بلا مشاكل، وأكثر البيوت استقرارا ليس هو الخالي من المشاكل، بل هو الذي يحسن طرفاه إدارة المشاكل، ولو كان ثمة بيت يصح ألا تكون فيه مشكلة لكان بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن هذا لم يحدث، وقد ذكرت لنا الأحاديث والسير بعضا من المشاكل التي وقعت في بيته -صلى الله عليه وسلم- فإذا علمنا ذلك وأيقنا أنه لا يوجد بيت بلا مشاكل، ولا توجد حياة بلا منغصات، علمنا أن العقل يقضي بأن يتعامل المرء مع المشاكل على قاعدة: ما نقدر على إصلاحه نصلحه، وما لا نقدر على إصلاحه نتعايش معه.
القاعدة الثانية: إن لحظات الصفاء المرجوة لا تبنى قط على جرح الزوج بعد إكرام أهله، وإن بعض الأخوات تعمدن عدم إظهار الترحيب بأهل الزوج طمعا في الزوج، فكانت المحصلة كالتالي:
1- بعض الأزواج أدخلوا أهليهم عنوة، وبدؤوا يهينون الزوجة أمام أهلها انتصارا لذاته، وهو أمر بالطبع نرفضه، لكن نوصل إليك تلك الإحصائيات فهي مهمة.
2- البعض حاول إقناع أهله العودة فأبوا، فانقلب على زوجته وأهلها، وأصبح يهين أهلها انتقاما منها.
3- البعض تعمد الصمت العقابي، وأضحت الحياة مع زوجته قائمة على أخف الضررين، فلا يريد الطلاق لأجل الأولاد، وهكذا فالكل خاسر بسبب خصوصية أرادت الزوجة كمالها، فلم تحظ بالكمال ولا حتى بالحد الأدنى منها.
رابعا: من حقك أن يكون لك وقت خاص بك، سيما والزوج طيلة الأسبوع في عمل، ولم يتبق إلا يومي الإجازة، ومن حقك الاستمتاع بهما، لكن هذا لا يكون بقرار فوقي أو بأمر إداري، إنما يكون وفق راحة من الطرفين، واستعداد منهما، ولذلك نوصيك بما يلي:
1- الاستعداد في هذه الأيام من حيث المظهر والمكان، مع عدم إلزام الزوج بما يرهقه ماديا أو نفسيا.
2- التفهم بأن الزوج يعمل طيلة الأسبوع، وهو أيضا يحتاج إلى الترويح عن نفسه، ومن المهم كذلك أن تتركي له تلك المساحة مع أصحابه أو أهله، حتى يجلس معك بصدر رحب.
3- عدم إظهار الانزعاج حين قدوم الأهل، والإحسان إليهما، ثم بعد ذلك أخبريه بطريقة ظريفة أنك كنت تودين إكرام أهله أكثر، ولو كنت تعلمين مجيئهم لكان الاستعداد من طرفك أفضل، وهكذا ترسلين رسالة هادئة له عن أهله.
4- عند الجلوس وحدكما اجتهدي أن تسعديه بالجلسة، وأن تظهري سرورك بهذه اللحظات الجميلة، حتى تصل إليه رسالة بأن هذا إسعاد له ولك.
5- تعميق علاقتك وزوجك بالله -عز وجل- والاجتهاد في الابتعاد عن المعاصي، فإن الشيطان أمكن في البيت الذي لا يذكر الله فيه إلا قليلا، كما ننصحك بالمحافظة على الأذكار صباحا ومساء، وقراءة سورة البقرة كل ليلة أو الاستماع إليها.
6- الاجتهاد في زراعة الحوار في البيت حتى في مثل هذه الظروف أمر هام، اجتهدي أن تتحدثي مع زوجك دائما، وأوجدي مجالا للحوار واهتمي بما يهتم به زوجك من مواضيع، فإن كان مهتما بالقراءة اجتهدي في جلب بعض الكتب أو مهتما بالرياضة اجتهدي في أن يكون عندك ولو حد أدنى من فهم ما يتحدث عنه، المهم أن تكون هناك قواسم مشتركة للأحاديث بينكما.
7- امدحي فيه صفاته الحسنة، وأموره الإيجابية تجاهك، فإن الرجل أسير المدح.
8- أكثري من الدعاء، وثقي أن الله يتقبل الدعاء ويستجيب لعباده، المهم أن توثقي علاقتك بالله عز وجل.
وأخيرا: عليك بالدعاء أن يصلح الله البيت، وأن يعينك على إدراة الخلاف ما أمكنك، وأن يصلح حال زوجك وأهلك وأهله، إنه جواد كريم، وفقك الله أختنا لكل خير.
والله ولي التوفيق.