السؤال
شيوخنا الأفاضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية وبعد:
أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري، ملتزمة -ولله الحمد- كنت قد بعثت إليكم باستشارة مشابهة في العام الماضي تتعلق بنفس الموضوع، ألا وهي أني معجبة بصديق لأخي، نظرا لأدبه ودينه وتقواه، وحسن خلقه، وسمعته الطيبة.
أتمنى أن يكون هذا الشاب من نصيبي، لكني لا أدري ماذا أفعل؟ فأنا لا يمكنني أن أبوح لأخي بمشاعري، فيتواصل مع هذا الصديق، كما أني لا أتعامل مع عائلة الشاب ذلك التعامل الكثيف، فأنا لم يسبق لي أن تعاملت مع أخواته، لكني كنت قد تعاملت مع أمه، وهي في غاية الاحترام والذوق.
علمت مؤخرا أن هذا الشاب يبحث عن عروس له في الوقت الحالي، فانتابني شعور بالتوتر والخوف لكوني معجبة به لأخلاقه وآدابه الرفيعة، ولا أدري ماذا أفعل؟! هل أدعو الله أن يكون هو من نصيبي بالاسم، وأكرر الدعاء أم من الأفضل أن أستخير؟
أشيروا علي، ماذا أفعل؟
تقبلوا مني فائق الاحترام.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك وأن يصلح الأحوال.
نحن سعداء بهذا التواصل مع الموقع، وسعداء بهذا التفكير بهذه الطريقة، ونذكرك بأنه فعلا تكون منقبة للفتاة أن ترضى بصاحب الدين، أو تتلطع لمن عنده دين وخلق وأدب، وهذا دليل على كمال نظرتها، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
إذا كنت قد أشرت سابقا بتعاملك مع والدته فلا أقل من أن تسألي عنها، وتباركي لها العيد، تواصلي معها في المناسبات، ووجود العلاقة بينه وبين شقيقك غطاء سهل، يسهل عليك التواصل مع والدته.
الوالدة بلا شك هي مفتاح كبير لمستقبله وحياته، ثم استمري في الدعاء والتوجه إلى الله تبارك وتعالى، وإذا كنت لا تستطيعين أن تكلمي شقيقك فهل بالإمكان أن تخبري والدتك؟ أو تتكلمي عن أدبه وأخلاقه، أو نحو ذلك، فإن هذه الرسائل يفهمها الكبار، وهذا معروف في تاريخ الدنيا، حتى لما قالت بنت الرجل الكريم - قيل إنه شعيب عليه السلام - لما قالت: {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} فهم الأب مرادها، فقال لموسى عليه السلام: {إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين}.
المجتمعات تفهم مثل هذه التلميحات والتلويحات، وتفهم المراد منها، وعليك من جانبك أن تكثري من الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، فإن قلب هذا الشاب وقلب شقيقك وقلوب الناس جميعا بين أصابع الرحمن يقلبها ويصرفها.
أحسنت بكتمان هذه المشاعر؛ لأن الإنسان أيضا لا يدري بمشاعر الطرف الآخر، فنحن لا ننصح بالمضي مع هذه المشاعر، وهذا الإعجاب ليتحول إلى ما هو أكثر، إلا إذا تيقنت أن الطرف الثاني يبادلك الشعور.
أحيانا الفتاة تعجب بشاب لأخلاقه ولدينه، لكن هذا الشاب يكون عنده ارتباط وعنده ميول آخر، وعنده جهات أخرى يفكر فيها.
لذلك نحن لا ننصح بالتمادي مع هذه المشاعر، ونشكر لك هذه الروح التي دفعتك للتواصل، ونحن بدورنا نسأل الله تبارك وتعالى إذا كان فيه خير لك أن يجعله من نصيبك، وهذا مهم في الدعاء، إذا سألنا الله تبارك وتعالى نسأله: إن كان في الأمر خير أن يتمه، وإن كان غير ذلك فليصرفه؛ لأن الإنسان قد يحب شيئا وليس في مصلحته، وقد يكره شيئا وهو في مصلحته، فما أرضانا بما يقدره الله تبارك وتعالى، والأمر كما قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار) يعني فيما يقدره الله تبارك وتعالى.
نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وهذا معنى مهم، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونكرر الترحيب بك في الموقع.