أتواصل مع فتاة بنية الزواج وأشعر بتأنيب الضمير

0 32

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب عمري 23 سنة، تبقى لي سنة قبل تخرجي كمهندس معلومات -الحمد لله- ملتزم بصلاتي، وقراءة القرآن، أحاول جاهدا السعي للحلال، مشكلتي عندما كنت في السنة الثالثة من دراستي كانت فتاة تدرس معي أحببتها بصدق لأخلاقها وأدبها وتدينها ولجمالها، كانت نيتي أن أتزوجها، ودائما أدعو الله أن يرزقني الزواج بها إن كان فيها الخير، وأن يصرفها عني إن كان فيها الشر، وأن يقدر لي الخير حيث كان، أدعو في السجود وفي جميع الأوقات، في رمضان الماضي كنت أدعو في كل إفطار، وفي التراويح، وفي قيام الليل، وفي الجمعة، وأبكي كثيرا.

هذه الفتاة لم تعد تدرس معي حاليا، توقفت في السنة الثالثة، لا أعلم هل ستكمل فيما بعد، لكن في السنة الماضية كنا نتحدث باستمرار في أمور دراستنا وبعض أمورالحياة، كنت لا أتردد في مساعدتها في الدراسة والامتحانات، ولم يكن في نيتي شيء سوى حبها ورغبتي مساعدتها دون أن أفكر في المقابل، ولكن رغم ذلك كنت أشعر بتأنيب الضمير؛ لأنني لا أريد أن أفعل أي شيء يغضب الله سبحانه وتعالى.

هذه السنة كانت تقوم بفترات تدريب في شركات كنت أبذل أقصى جهدي لمساعدتها في مشاريعها (نتحدث فقط عبر الواتساب) أبذل أكثر من جهدي، وقد حاولت في العديد من المرات أن ألمح لها أني أحبها وأني أرغب أن تكون زوجتي، لا أعلم هل تحبني، لكن أشعر أنها ترتاح لي، أريد فقط الحلال، لا أرغب في أي شيء آخر، حتى أني لا أستمع للأغاني ولا أشاهد المسلسلات -والحمد لله- ولا أستعمل الانستغرام إلا لفائدة.

أريد فقط الحلال، وأخاف أن أقطع صلتنا، ثم أشعر بتعب شديد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن تكون بخير، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التقية النقية التي تسعدك في دنياك وآخرتك.

وبخصوص ما تفضلت به فإننا نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: أسعدتنا -والله- بالحديث عن تدينك وصلاحك، وفرحنا كثيرا لحرصك على الطاعة والاجتهاد في فعل ما يرضي الله، وكذا الابتعاد عما يغضب الله، إننا نحمد الله إليك، هذا مع حسن نيتك الظاهر، ونسأل الله أن تكون هذه علامة خير، وأن تكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

ثانيا: لا يستطيع أحد من أهل العلم أن يقول لك: إن ما فعلته من الحديث مع فتاة لا تحل لك هو أمر مشروع، وأنت نفسك في قرارتها لا ترضى أن يتواصل أحد مع أختك بهذا الطريقة ولو بقصد الزواج، وعليه فالحكم الشرعي واضح ولا يحتاج إلى فتوى، والحلال المطلوب لا ينفعه الحرام المقصود.

ثالثا: ما ينبغي عليك أن تجعله نصب عينيك الآن: أن الزواج قدر مكتوب ورزق مقسوم، وأن الأمر بيد الله وهو القادر على كل شيء، ويزيد من تدينك علمك بأن من كتبها الله لك زوجة هي معلومة ومقدرة لك من قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، والله لا يقدر لعبده إلا الخير، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء ". فإذا كانت هي زوجتك فستكون وسترى الخير في ذلك، وإن لم تكن هي من قدرها الله لك زوجة فلن تكون ولو جيشت الدنيا كلها، وستعلم في الخاتمة أن اختيار الله لك كان أفضل مما أردته لنفسك.

رابعا: أول ما ينبغي عليك فعله الآن هو الإجابة على هذا السؤال: هل أنت اليوم قادر على تكاليف الزواج أم لا؟
الجواب على السؤال بواقعية أمر شديد الأهمية، فالعرب تقول: ثبت العرش ثم انقش.

فإذا كنت -أخي الكريم- غير مستعد للزواج؛ فهذا يعني أنك تتعب نفسك، وتجهدها بأمور فوق طاقتها؛ وهذا سيصرفك عن التقدم في حياتك، ويسحبك إلى منطقة الوهم ويشغلك بما لا تقدر عليه على ما تسطيع الوفاء به، وهنا يبدأ الانحدار العاطفي الذي يسلب التدين أولا ثم يجره إلا ما لا نريده لك.

إما إن كنت مستعدا للتقدم للخطبة ومن ثم الزواج؛ فانظر -يرعاك الله- إن كانت الفتاة على دين وخلق، ولن تجد معارضة من أهلك، فتقدم لها بعد أن تستخير الله -عز وجل- فإن أتم الله الخطبة فهو الخير، وإن لم يتم فهو الخير.

سادسا: إذا كنت غير مستعد للزواج فننصحك بما يلي:

1- وقف تام لكل حديث بينك وبين الفتاة، ولا تسمح للشيطان بالتسلل إليك أو رسائله التي تخاطب عاطفتك، فهذا كله وهم يصنعه الشيطان ليحملك مسؤولية ثقيلة عليك، أنت فيها بين خيارين إما أن ترضي ربك أو ترضي عاطفتك، والخيار لك، والتبعة ثقيلة.

2- لا تعلق آمالك على غيب لم تصل إليه، ولا تضيق واسعا، واعلم أن مدارك المرء كل يوم تتسع، وما يريده من هو في بداية العشرين قد لا يرغب فيه بعد ذلك، ولعل الله ادخر لك من هي أفضل لك منها إن لم تكن لك.

3- حاول أن تبني نفسك بحيث تكون مستعدا للزواج، وعندما تكون قادرا يمكنك التقدم إلى من شئت، وساعتها لن تعيش تلك المعاناة أو هذه الحيرة.

4- ضع هذه الآية نصب عينيك تسعد وتنجو: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} هذا هو الطريق الآمن وغيره هو الهلاك والفساد والدمار، فاسلك طريق المعافاة، واعلم أن القلب إذا امتلأ طاعة وإيمانا، وتوكل على الله، هان عليه ما صعب اليوم، وأمكنه أن يتجاوز ما توهم أن تجاوزه مستحيل، فاستعن بالله واطلب العفاف في دينك حتى تسلم دنياك.

5- يعينك على تجاوز هذا كثرة الصيام مصداقا لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث ابن مسعود: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء).

هذا هو الطريق -أخي الكريم- ونسأل الله أن يثبتك على الحق حتى تلقاه، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات