السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا متزوجة منذ سنتين ونصف، ولدي ولد، زوجي له مكانة مرموقة بحكم عمله، ودخله جيد، تزوجته زواجا تقليديا، واتفقنا في وقت الخطوبة على المشاركة والتشاور، وبناء علاقة تقوم على الطيبة والمودة، وأن يكون عادلا بيني وبين أهله بوقت المشاكل، ولطبيعة عمله يتواجد معنا لمدة شهر ويغيب الشهر التالي.
المهم تقرر سكني في منزل أهله الجديد إلى أن يكتمل منزلي، وبعد الزواج توقفت أشغال البناء في منزلي، فأصبحت أحضر الطعام لأهله، وأرعى أطفال إخوته، على الرغم من أني في سكن منفصل عنهم، وحينما يرى الأطفال يلعبون بالخارج يقوم بإدخالهم عندي للعب، ويمنعني من نهرهم أو أي شيء.
زوجي يشاور أهله في كل شيء، أين يذهبون أو يجلسون، ولا يهتم لرأيي، حتى لو رفضت، ويريد مني مساعدة أمه في أعمال الحديقة وغرس النبات، علما أنه يقضي يومه هناك في الحديقة، ولا يهتم بي ولا بابنه، ويقول لي: اعملي خارج المنزل، فأنت لا تفعلين شيئا.
قهرني قهرا كبيرا، ويهددني بالطلاق دائما، ويقول لي: لو لم يعجبك الوضع عليك بالرحيل، ويطلب مني العيش معه بشكل منفصل، كل شخص بنفسه، وحينما تحدثت مع أمه وقفت بصف ابنها، وأنا أعاني من الاكتئاب والقهر، علما أني فكرت بالانتحار في وقت النفاس رغم إيماني.
أكملت 4 أشهر بمنزل أهلي، ولو بقيت معه هناك يوما واحدا لأصبت بالجنون. وهو الآن لا يرغب بالصلح، ويهددني بالطلاق، وأنا لن أرجع لجحيمه قبل وضع النقاط على الحروف، فماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهدي زوجك وأهله لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلا هو.
نتمنى دائما في مثل هذه الاستشارات أن تكون الإيجابيات واضحة حتى نستطيع أن نضعها إلى جوار السلبيات؛ لأن هذا يساعد في التقييم، ولا نؤيد فكرة الاستعجال بطلب الطلاق، ولا نؤيد كذلك تهديده بالطلاق لأجل الأسباب المذكورة، وعليه أن يدرك أن الشرع الذي يأمره ببر الوالدة، هو الشرع الذي ينهاه عن ظلم الزوجة، فإذا ظلم الزوجة فويل له، وإذا قصر في بر أمه فويل له، ولذلك الشريعة جعلت هذا الأمر أمر الطلاق بيد الرجل حتى يحسب الأمور، لأنه الأعقل، لأنه لا يتعامل مع العاطفة، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
ونحب أن نؤكد لك أن بعض الأمور الصغيرة: كاستضافة الصغار، أو مساعدة والدته، ينبغي أن تجتهدي في فعل ما تستطيعينه، فإن الله يقول: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، وهناك فرق بين الرفض لكل صغيرة وكبيرة، وبين فعل ما يمكن أن يفعله الإنسان، كما أرجو أن تعاملي والدته على أنها امرأة كبيرة في السن، كبار السن يحتاجون منا إلى صبر، يحتاجون منا إلى تفهم بالطريقة التي يفكرون بها، ليس معنى هذا أننا نؤيد ما يحصل، ولكن الحياة لا يمكن أن تستمر إلا بشيء من الصبر، وبشيء من الحكمة، والاحتمال لكبار السن الذين ينبغي أن نعتبرهم في مقام آبائنا وأمهاتنا.
مرة أخرى نحن نرفض الاستعجال في طلب الطلاق من جانبك، ونرفض استعجاله في إيقاع الطلاق أو التهديد به، وأرجو أن يكون لأهلك دور في هذا الأمر، طالما أنك كلمت الوالد وأخبرتيه بالذي يحدث، فالفتاة مرجعها هم محارمها، والقرار الذي يتخذه الإنسان سواء كان بالنسبة لك أو بالنسبة له، ينبغي أن يكون ناتجا عن دراسة كبيرة.
وإذا كان بينكما طفل، فنحن لا نؤيد فكرة أن يخرب البيت بهذه السهولة، وأنا أريد أن أقول: مسألة الرجوع إليه ينبغي أن تحسب حسابا صحيحا، إذا كان الرجل كما ذكرت في البداية له مكانة مرموقة، وعمله جيد، وأنكم تفاهمتم على المشاركة وبناء علاقة ودية وطيبة، هذه الإشارات التي بدأتما بها نتمنى أن تستمرا عليها؛ لأنها كانت مؤشرات إيجابية، وهي تدل على أن فرص التفاهم موجودة، وأحيانا أم الزوج تؤثر على قراراته، فهنا نذكر بناتنا بأنها متزوجة من الشاب وليس من أمه التي ينبغي أن نتحملها ونصبر عليها لكبر سنها، وأيضا من أجل الزوج ينبغي أن تحتمل الزوجة وتصبر على أهله، ويبادر لها بالصبر على أهلها واحتمالهم وإكرامهم، فالحياة تحتاج إلى أن نكون ننظر إليها بهذه الأبعاد وكافة الزوايا، وإذا كان هناك أمل في التحسن، وظهور إيجابيات؛ فأرجو ألا تترددي في العودة إلى بيتك.
سعدنا لأنك رافضة لفكرة الانتحار، والعاقلة مثلك لا تفكر في هذا الأمر؛ لأن هذا فيه خسارة الدنيا والآخرة، وسعدنا أنك تخافين الله وهذا سيقودك إلى كل خير، فإن رأس الأمر الخوف من الله تبارك وتعالى، وأرجو ألا يحملك تقصير الزوج وأهله على أن تقصري في الواجب الذي يسألك الله عنه من الناحية الشرعية، فالحياة الزوجية سباق في رضا الله، والذي يحسن من الأزواج يجازيه الله والذي يقصر يحاسبه الله، لذا أتمنى أن تعطيا نفسيكما فرصة.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.