أهل والدي يعطلوننا عن الاستفادة من ميراثنا، فماذا نفعل؟

0 1

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب، والدي كان يعمل في الجيش، وهبته الدولة أرضا في أرقى موقع تجاري في مدينتنا، وتوفي والدي -رحمه الله- سنة 2014، وترك لنا الأرض؛ ولأني أكبر إخوتي، وكنت صغيرا حينها، أعطي السند لأولاد عمتي؛ لأنهم تجار ويفهمون بتلك الأمور، ومنذ البلوغ وإلى الآن وأنا أطالب ببناء عمارة تجارية على الأرض، أو بيعها، ولكن الظلم وقع علي وعلى أهلي، ويقومون بتصريفنا بقول: نعم، أو إن شاء الله.

هذا الأمر عالق منذ عدة سنوات بيننا، ولم يفكروا في إعطائنا حقنا أو استثمار الأرض، فماذا أفعل؟ مع العلم أن لديهم معارف في الحكومة، بخلافي أنا.

أريد حلا، فأنا سئمت من تصرفات أهل والدي -رحمه الله-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يرد إليك وإخوانك حقك، وأن يؤلف بينك وبين أهلك، وأن يصرف الشر عنكم، وأن يقينا وإياكم شر كل ذي شر.

أخي الكريم: نتفهم حديثك ومعاناتك أنت وإخوانك، وتلك طبيعة الحياة، البعض ينسى أنه عبد، وأن هناك يوما تسترد فيه المظالم، يوم لا محامي فيه عن ظالم، ولا معاون له، يوم لا يحتمى أحد بأحد، بل يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، الكل مشغول بنفسه، يود المرء حينها لو يفتدي من عذاب هذا اليوم ببنيه، بل وبأهل الأرض جميعا، المهم النجاة، يوم مقداره خمسون ألف سنة، فيا فوز من صبر واحتسب، ويا ندامة من ظلم وتجبر.

هون على نفسك؛ فإن الله مطلع على خلقه، لا يخفى عليه حالك ولا حال ظالمك، بل يمهل هذا وذاك لحكمة يعلمها سبحانه: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار} [إبراهيم:42]، فإذا آمنت بذلك علمت أن العاقبة لك وإن طال أمد الظالم، وأن الفوز لك وإن تمتع قليلا هذا الظالم، فالمظلوم منصور، ودعوته مستجابة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "واتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب" [رواه البخاري ومسلم].

وقال -عليه الصلاة والسلام-: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب عز وجل: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين"، نعم -ولو بعد حين- هذا من تمام إمهال الله للعبد، كما قال تعالى: {وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا}، فلا تستغرب فرج الله عليك، واعلم أن الله يستدرج الظالم ويرفع المظلوم، لقوله: {فلا تعجل عليهم ۖ إنما نعد لهم عدا}.

في بعض الآثار -أخي الكريم- أن الفترة كانت بين قول الله لموسى وأخيه: {قد أجيبت دعوتكما}، وغرق فرعون أربعون عاما، هو تقدير الله لحكمة يعلمها، فطب نفسا، وإياك واليأس والقنوط، أو إساءة الظن بالله -عز وجل-، وتذكر أن العبد قد يطلب الشر وهو لا يدري، وقد يحجم عن الخير لجهله، وهذا بعض قول الله تعالى: {فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} [النساء:19].

في أي مشكلة تواجهها لا بد أن تعلم أمرين:
1- نقاط القوة التي لديك، وكيف تستخدمها، وفي أي توقيت، وما هي آثارها، وما قدرتك على تحمل تلك الآثار.
2- من أين تبدأ.

وبالنظر إلى مسألتك فإن النقطة الإيجابية أن أبناء عمتك لا ينكرون حقكم، ومن هنا تكون البداية الجيدة، من الضروري أن تبتعد عن الصدام معهم، وأن تستنطق بحقكم في وجود بعض من يرجون التعامل معهم، ويهابون إغضابهم، هذه هي البداية.

ثم عليك أن تنظر في كل نقاط قوتك على كافة المستويات، وتستشير أهل الثقة وتأخذ برأيهم، وتوسط منهم من يعينك عليهم، المهم أن تبتعد عن التصادم معهم ما دام الأمر على ما ذكرت، ونفوذهم واسع.

هذا ما نوصيك به مع الصبر والدعاء، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يرد الحق إليكم ردا حميدا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات