أحاول تجنب أفراح العائلة المختلطة لكن والديّ يلومانني، فماذا أفعل؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا على جهودكم في هذا الموقع المبارك.

أنا فتاة، عمري ٢٣ سنة، قررت منذ رمضان أن أحاول- بإذن الله- ألا أذهب للأعراس التي تقام في عائلتنا؛ لما فيها من اختلاط، وموسيقى، وغالبا ما يكون فيها مغن، أو مغنية تغني مع الموسيقى، كذلك إذا وجدت حفلة عرس للنساء فقط ،غير مختلطة، فغالبا يكون فيها مغنية ومعها موسيقى.

مشكلتي مع عائلتي بأنهم يقولون بأن هذا تشدد، وأني بهذه الطريقة لن أستطيع التعايش مع المجتمع، وسأظل منغلقة على نفسي؛ فمعظم هذه العلاقات الاجتماعية، وصلة الرحم تكون عن طريق هذه المناسبات، وهذه الأعراس، وكذلك بأن عمري صغير، ولا يجب أن أكون جالسة في المنزل، ومنغلقة على نفسي عن العالم، وقالوا لي إن ذهابي أساسا سيكون بغرض إجابة الدعوة، وصلة الرحم، وهذا شي حسن.

لقد تعبت كثيرا من هذا الأمر، وأفكر بأن أذهب؛ لأني لا أريد أن يغضب مني أبي وأمي، وتتغير معاملتهم معي، كما أريد أن أصل الرحم، وأقوم بالمباركة، وقد أصبحت أشعر أن هذا القرار ثقيل على قلبي جدا.

أيضا أنا لست كما يقولون (شيخة) أو داعية، وإنما مجرد فتاة عادية، مسلمة، أجاهد نفسي على فعل طاعة، وترك المعصية، ودائما أهلي يقارنون بيني وبين الداعيات من معارفنا، اللاتي يذهبن للأعراس غير المختلطة، ولكن فيها موسيقى، ويقولون لي أنت لست أفضل منهن.

أرجو أن تفيدوني، بارك الله في جهودكم، وجزيتم خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك مع الموقع، كما نشكر لك حرصك على الوقوف عند حدود الله سبحانه وتعالى، وعدم تجاوز أوامره، وهذا من حسن إسلامك، ورجاحة عقلك، ونسأل الله أن يزيدك هدى وصلاحا، وأن ييسر لك الطاعة، ويثبتك عليها.

ونحن ندرك -أيتها البنت العزيزة- أن القيام بفرائض الله تعالى، والوقوع عند حدوده يتطلب من الإنسان الصبر، وتحمل شيء من المعاناة، ولكن مما يسهل هذه المعاناة، وييسر الطاعة: الاستعانة بالله سبحانه وتعالى، ولهذا نحن نقول في كل ركعة في صلاتنا: {إياك نعبد وإياك نستعين}، فنطلب الاستعانة من الله سبحانه وتعالى، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ -وهو شاب من شباب الصحابة- قال له: (يا معاذ إني أحبك، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، فنسأل الله تعالى أن ييسر لك الطاعة ويعينك عليها.

ومما لا شك فيه -ابنتنا العزيزة- أن والديك حريصان على مصلحتك، وحثهما لك على حضور المناسبات الاجتماعية، وصلة الرحم، والاختلاط بالمجتمع، باعثه الحرص على مصلحتك، وتعرف الناس إليك، وما يجره ذلك من مصالح كثيرة تعود عليك، لا سيما وأنت في مقتبل عمرك، فنحن وإن كنا نتفهم هذا الحرص من الوالدين، إلا أنه ينبغي أن يكون هذا الحرص محفوفا بسياج الآداب الشرعية، التي أمر الله تعالى بها، أو أمر بها رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن تتذكري أنت ووالديك أيضا أن تقوى الله سبحانه وتعالى، والقيام بأوامره، واجتناب نواهيه، هي أعظم أسباب الرزق الحسن؛ فقد قال الله تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}؛ فكل مصلحة يمكن أن تتحقق؛ فإن تقوى الله تعالى من أعظم الأسباب الموصلة إليها.

ولهذا كله نحن ننصحك بأن تستجيبي لطلب والديك، عندما لا يوجد شيء محرم باتفاق العلماء، أما إذا وجد شيء مما يختلف فيه العلماء، فهنا يمكنك أن تأخذي بالرأي القائل بالجواز، إذا كان في مخالفة الوالدين إغضاب لهما، أو تفويت مصلحة تظنين حصولها.

ومن الأشياء المتفق على تحريمها: حضور الحفلات المختلطة بين الرجال والنساء، وما يحصل فيها من إبداء للعورات، وكشف لما لا يجوز كشفه، فهذا لا يجوز فعله، ولا إتيانه.

أما مجرد الحضور لحفلة نسائية، وإن كان فيها أغان، وموسيقى؛ فإن هذا قد يحصل فيه خلاف من بعض العلماء، وإن كانت التي تغني امرأة، أو كانت الموسيقى عن طريق آلات مسجلة؛ وإن كان الأفضل لك ألا تحضري مثل هذه المواطن، وأن تحاولي إقناع والديك بأن الأفضل -للشاب والشابة- هو الابتعاد عن هذه المجالس؛ لما تجره من آثار سيئة، وأن الإنسان ينبغي أن يكون موزونا بميزان الشريعة، لا بما يفعله الآخرون من الناس، فحجة الله تعالى علينا قائمة بكتابه، وبأحاديث رسوله -صلى الله عليه وسلم-.

ولكنك إذا ذهبت إلى هذا النوع من الأعراس، فإنا نرجو -إن شاء الله تعالى- ألا يكون عليك فيه حرج ولا إثم، لا سيما إذا لم تقصدي سماع الموسيقى؛ فإن العلماء يفرقون بين مجرد السماع وهو -وصول الصوت إلى الأذن-، وبين قصد الاستماع، وأن المحرم هو قصد الاستماع، مع التزامك بالحجاب الشرعي؛ بمعنى ألا تكشفي أمام النساء شيئا مما لا يجوز كشفه أمام النساء.

ويمكنك -إن ذهبت- أن تكتفي بالسلام والمباركة، والمغادرة دون إطالة الجلوس في المكان؛ فإن هذا يحقق المقصود، وهو إجابة الدعوة وصلة الرحم، والابتعاد عن المعاصي كذلك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بيدك، ويوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات