كيف أتعامل مع تصرفات أبي وأكسب حبه؟

0 27

السؤال

السلام عليكم.

أبي كان كل شيء في حياتي، وللأسف اكتشفت أنه كان يوهمني بأشياء لم تحدث، وكان يجعلني قاسية القلب مع أمي، وكان يجذبني تجاهه؛ لأنني كنت في مرحلة المراهقة، وكان يستعملني كسلاح في ظهر أمي، وحين اعترضت وعرفت أمي بخيانته تشجعت وطلبت الطلاق، ولكنه قطع علاقته بأبنائه، ولجأنا للقانون حتى نعيش، ونأخذ راتبا للمعيشة.

وبعدها بسنوات عرفت أنه تزوج وأنجب طفلة، وأصبح لدي شعور أنني مجرد بديل، وحزينة دائما، ومصابة بالاكتئاب، ولكني والله لا أكره أبي، ولا في قلبي ذرة كره له، رغم أنني طلبت منه مرارا أن يكون لي أبا دون الحاجة للتودد لأخذ أموال أخرى بعد رفضه التام بالإنفاق، وتذللت وطلبت لقاءه حتى أعيش معه وأترك أمي، لكنه كان يقابلني بجفاء، وعندما احتجته لمرضي أخبر أمي أن تأخذني للمنزل كي لا أبقى في الشارع.

كرهت نفسي، وأصبحت أتمنى الموت، وأصبحت أخاف من العلاقات والبشر، وأرغب في الهروب من كل صداقاتي وعلاقاتي بالبشر رغم حبي لصديقاتي، ورغبتي في تكوين العلاقات والنجاح، ولكن الخوف أكثر شيء مسيطر علي، لا أستطيع أن أنساه ولا أسامحه على كسر وعده لي بأنه سيبقى معي لآخر يوم في عمري، ولا أستطيع مسامحته على الكذب والكره الذي زرعه بداخلي تجاه أمي.

ساعدني أكرمك الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Samia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - ابنتنا العزيزة - في استشارات إسلام ويب.

نحن سعداء بتواصلك مع الموقع، ونسأل الله تعالى أن يديم الألفة والمحبة بينك وبين أفراد أسرتك، وقد وفقت للاتخاذ الموقف الصحيح تجاه والدك، من حيث المحافظة على شعور الحب والمودة تجاهه، وعدم التأثر ببعض التصرفات التي ساءتك وأحزنتك، وهذا الموقف توفيق من الله تعالى لك، فإن الله سبحانه أمر بمصاحبة الوالدين بالمعروف مهما بلغت إساءتهما للولد، فقال سبحانه: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}.

ومما يسهل عليك الثبات على هذا الموقف، والزيادة من محاولات البر والإحسان لوالدك، وطرد هذا الشعور الذي تعانينه؛ من حيث شعورك بأنه يعاملك بجفاء، وخوفك من المستقبل؛ كل هذه المشاعر السلبية يدفعها عنك أن تتذكري أولا أن والدك كان سببا في وجودك، ثم إنه قد أحسن إليك في ظروف كنت فيها في غاية الضعف والمسكنة والحاجة، فلا ينبغي أبدا أن تغفلي عن تذكر هذه اللحظات، فإنها باعثة إلى مزيد من محبة الوالد وإحسان الظن به.

وأما ما جرى بينه وبين أمك؛ فإن طبيعة التعامل بين الزوج والزوجة قد يعتريها شيء من سوء التفهم والاختلاف حول مسائل كثيرة، وليس بالضرورة أن ينعكس ذلك على كره الأبناء والبنات، فليس بالضرورة أن يكون والدك كارها لك حين لم يقرر إرجاعك إلى البيت لتعيشي معه، فربما كان واقعا تحت ضغوط وظروف معينة، وهذا أمر متفهم يعرفه كل من عاش مثل هذه الظروف، فربما أراد تجنيبك كثيرا من آلام الحياة ومشاقها حينما تعيشين في بيته مع امرأة أخرى، ربما تجدين منها نفرة أو سوء معاملة.

فينبغي أن تتلمسي الأعذار لوالدك وتحسني به الظنون، وتحاولي التقرب إليه بالطريقة التي يحبها، فبقاؤك مع أمك قد يكون فيه مصلحة لك ولأمك ولأبيك.

وأما مسألة الإنفاق: فلا تيأسي أبدا من رحمة والدك بك وإشفاقه عليك، فهذه فطرة فطر الله تعالى عليها النفوس، ولكنه قد يكون بحاجة إلى نوع من التذكير، فحاولي أن تكرري تذكيره بحاجتك إليه، وأن تستعيني بمن له كلمة مقبولة لديه من الأقارب، ولعل الله - سبحانه وتعالى - أن يغير أحواله.

ينبغي أن تدركي - ابنتنا الكريمة - أن هذه الحياة فرصة عظيمة يمنحها الله - سبحانه وتعالى - لهذا الإنسان ليتسبب من خلالها في حياة سعيدة أبدية لا تنقطع، فالعمر فرصة ينبغي أن يستغل، وهو سريع الانقضاء، ينتهي سريعا، ويمر الزمن سريعا، فلا ينبغي أبدا أن تستثقلي عمرك وتستعجلي الموت، وحاولي الاستفادة من أيامك ولياليك بما ينفعك في دنياك وفي آخرتك، فالإنسان المسلم لا يزيد عمره إلا خيرا، لأنه إما أن يزيد طاعة، وإما أن يستغفر لذنوبه السابقة، وفي كل ذلك خير.

أحسني ظنك بالله -سبحانه وتعالى- وأنه سيتولى أمرك، وحسني علاقتك بالله من حيث القيام بالفرائض واجتناب المحرمات، وخذي بالأسباب لتحصيل رزقك بأسباب مشروعة، فحاولي أن تبحثي عن عمل مناسب إن كانت أبواب النفقة قد سدت ولم يرض والدك بالإنفاق عليك، فحاولي أن تجدي عملا مناسبا لك مع التزامك بفرائض الله تعالى عليك.

وكوني على ثقة من أن الله تعالى لن يضيعك، فـ {من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}. انتظري من الله - سبحانه وتعالى - كل فعل جميل، فإنه قد قال في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء)، وحاولي التعرف على النساء الصالحات والفتيات الطيبات، فإنهن خير من يعينك على تحصيل مصالحك ومنافعك.

نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يأخذ بيدك إلى كل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات