السؤال
السلام عليكم
عمري 29 سنة، أعاني من ظلم أهلي، منذ تخرجت في الجامعة وهم يمنعونني من العمل، مع أني تخرجت من كلية عملية، وتعبت كثيرا في الدراسة، كما يمنعونني أيضا من الخروج من البيت نهائيا، بحجة أنهم يخافون علي! أمي مريضة بالوسواس القهري، وأبي يرضيها على حسابي.
أصبت بالاكتئاب، وأتمنى الموت بسببهم، وأقضي كل وقتي في غرفتي، ولا يشعرون بي، طالما آكل وأشرب ما يكفي، ومعاملتهم لي كلها شتائم، ودعاء علي طول الوقت، ومهما أعمل لا يرضيهم.
أمي تفرق في المعاملة بيني وبين أخي! أنا صرت أكرههم، وأعاملهم بغضب غصبا عني، وطول الليل أبكي، وخائفة أن يعاقبني الله على هذا، فما نصيحتكم لي؟ ماذا أعمل؟ وكيف أصبر؟ وهل أنا بهذا عاقة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، ونتمنى لك التوفيق، وأن ييسر الله تعالى لك الوصول إلى أمانيك مع تحقيق رضا الله ورضا الوالدين، ولمسنا في سؤالك واستشارتك حرصا منك على بر الوالدين، وخوفا من الوقوع في عقوقهما، وهذا من رجاحة عقلك وحسن إسلامك، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل ذلك سببا لهدايتك لأحسن الطرق وأرشد الأمور.
وصيتنا لك -ابنتنا العزيزة- أن تتفهمي أولا موقف والديك، فخوفهما عليك باعثه الرحمة بك، والشفقة والخوف عليك، من أن تتعرضي لأي مكروه، وهذا شعور منهما ينبغي أن يكون سببا لإحسانك إليهما، وليس للإساءة.
أما ما تعانينه بسبب أمك، فإنك ذكرت بنفسك أنها مصابة بداء الوسواس القهري، وهذا المرض يشبهه العلماء بالإكراه، فيتصرف الإنسان تحت تأثيره في حالات كثيرة تصرف المكره، أي يفعل أشياء ويقرر أشياء بغير اختيار منه، فلا بد لك من أن تلاحظي هذه الحالة التي تعيشها أمك، وتذكرك لهذا يجعلك تعذرينها في أشياء كثيرة، ولا بد لك من الصبر على والديك، وإن فهمت أنت أنهما يسيئان إليك فإن الله سبحانه وتعالى أمر الولد بإحسان المعاملة لوالديه مهما بلغت إساءتهما له، فقال سبحانه: "وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا".
ونهى عن طاعتهما في الكفر وفي معصية الله، ولكن مع ذلك أمره بمصاحبتهما بالمعروف (وصاحبهما في الدنيا معروفا)، فإذا هدأت أعصابك قليلا وتفكرت تفكرا صحيحا، وقارنت بين حالك أنت وحال الكثير من الفتيات المحرومات من الأسرة ومن الوالدين ومن التعليم، ويعشن مشردات وفي أوضاع مأساوية، إذا قارنت هذه المقارنة فإنه سيزول عنك الكثير من الهم والغم الذي تعيشينه، فإن الإنسان إذا تفكر في نعم الله تعالى التي يعيشها عرف قدرها، وأورثه ذلك السعادة والفرح بها والطمأنينة، وهذا لا يعني أبدا عدم السعي لاكتساب المزيد من خير الله تعالى وفضله، ولكن لا بد أن تستشعري حجم النعم التي أنت تعيشينها الآن، حتى يزول عنك هذا القدر من الاكتئاب، والضيق.
نصيحتنا لك لتغيير هذا الوضع الذي أنت فيه أن تحاولي الاستعانة بكل وسائل التأثير على الوالدين -وخاصة الأب-، باستعمال وسائل الإقناع، ومن ذلك استغلال من له تأثير عليه كالأقارب من الأعمام أو الاخوال أو نحوهم، واطمئنانه، إذا كان العمل الذي ستخرجين إليه عملا لائقا بك، ويحقق شروط الأمان التي يريدها لك، وبهذا ستتجاوزين -إن شاء الله- هذه المشكلة.
أما أمك فإنك مأمورة بالصبر عليها وحسن معاملتها، استعيني بالله على ذلك، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، والله تعالى إذا علم منك صدق النية في بر الوالدة والإحسان إليها، فإنه سيعينك على الوصول إلى ذلك، فامنعي نفسك من الإساءة إلى الوالدين، ولا تدعي للشيطان سبيلا ليجرك إلى الوقوع فيما يغضب الله تعالى عليك، تحت مبرر أنك تفعلين ذلك غصبا.
نوصيك بالتواصل مع النساء الصالحات والفتيات الطيبات، فإنهن خير من يذهب عنك الكدر، ويعينك على طاعة الله سبحانه وتعالى.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن ييسر لك الخير.