السؤال
السلام عليكم
زوجتي تعمل، ولكنها مهملة في نظافة البيت، وترتيبه، وكأنه بيت خرب؛ لشدة ما ألاقي عند دخولي المنزل من روائح كريهة، وتراكم، وملابس مبعثرة، وغبار في كل مكان!
عند مطالبتي لها بالاهتمام تقول: أنا أقوم بحفظ القرآن، وعندي ورد يومي يجب أن أحفظه، واليوم مقسم من 8 صباحا إلى 2 بعد الظهر عمل، ومن 3 عصرا إلى 6 مساء عمل الأكل، ثم بعد ذلك النوم إلى الساعة 8، وحفظ الورد اليومي من القرآن، ثم انشغالها بالهاتف، ومكالمة زميلاتها، ومشاهدة اليوتيوب.
المشكلة: أنه عند اعتراضي على هذا الوضع، ومطالبتها بتنظيف المنزل تقول: أتنهاني عن حفظ القرآن؟! هذا حرام، وعند مطالبتي لها بالاهتمام بالمنزل تقول: أنا لا أستطيع.
هل أكون آثما عندما أطالبها بأداء واجبها، وتنظيم وقتها مع حفظها للقرآن؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
نشكر لك –أيها الحبيب– تواصلك مع الموقع، وحرصك على تجنب الخطأ في تعاملك مع زوجتك، وهذا دليل على رجاحة عقلك، وحسن أخلاقك، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيدك صبرا وحلما، وأن يجعلك نافعا، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيركم خيركم لأهله).
لا شك –أيها الحبيب– أن زوجتك فيها الكثير من الجوانب الإيجابية التي ينبغي أن تمعن النظر فيها أنت، وألا تنساها عند المقارنة بين حال زوجتك في تقصيرها، وفي حالها في أداء الوظائف المطلوبة منها، فإنها –كما ذكرت– تعمل، ثم تعود إلى البيت، فتقوم بإعداد الطعام والطبخ، ونحو ذلك، ثم تمارس بعد ذلك حفظ القرآن الكريم، فهذه كلها أعمال جميلة ينبغي أن تشكر عليها الزوجة، وتعان عليها، فإذا قمت بشكرها على جهودها، وإظهارك لتقدير المجهود الذي تبذله، وأنك تحس بتعبها؛ فهذه المشاعر من شأنها أن تبعثها على القيام بالمزيد عندما تطالبها أنت بأمور أخرى.
وصيتنا لك –أيها الحبيب– أن تستعمل الترغيب والترهيب ما دامت الزوجة تميل إلى الصلاح والاستقامة، وتحرص على حفظ القرآن الكريم؛ فهذه مؤشرات تدل على اعتنائها بالأمور التي تقربها إلى الله تعالى، وحرصها على اكتساب رضاه، فإذا رغبتها في الأخلاق الحسنة التي ينبغي للمسلم أن يتصف بها، ومن الأخلاق الحسنة النظافة، والاعتناء بتنظيف البيت، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (طهروا أفنيتكم، فإن اليهود لا تطهر أفنيتها).
إن أي مجهود تبذله الزوجة في تحقيق هذا المقصود هو عمل صالح، إذا احتسبت النية أجرت عليه؛ لأنه التزام بتوجيهات الشرع والدين.
كما ننصحك أيضا –أيها الحبيب– بأن تكون عونا لزوجتك، وليس في ذلك ما ينقص من رجولتك، أو يقلل من قدرك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما وصفته زوجته عائشة: كان في بعض الأحيان يكون في شأن أهل بيته، يخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب شاته، ونحو ذلك، فإذا أحست الزوجة بأنك مشارك ومعين لها، وأنك تطالبها بما فيه مصلحة الجميع؛ فإنها ستقدر موقفك، وستستحي حينها من أن تخالف أمرك، وهذه الطريقة هي الأجدى -إن شاء الله- والأنفع للوصول إلى المطلوب.
أما مجرد أن تأمر وتنهى، وتكلفها كل شيء في شأن البيت وخارج البيت، فإن هذا ليس من العدل والإنصاف؛ فالمرأة (الزوجة) لا يجب عليها أن تعمل، كما لا يجب عليها أن تنفق على نفسها، أو على أولادها، أو على زوجها من باب أولى، فالعمل الطويل الذي تمارسه الزوجة من الثامنة صباحا إلى الثانية مساء، هذا شيء لا يلزمها شرعا، وأن الواجب عليك أنت أن تقوم بالكسب والإنفاق على الأسرة، فما دامت الزوجة تشاركك في هذا، فينبغي أن تكون مقدرا أنت لهذا الجهد المبذول، وأن تحاول إعانتها على باقي الأمور.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لكم الخير، ويؤلف بين قلوبكم، ويديم الألفة بينكم.