السؤال
السلام عليكم.
أشعر بأني وحيد رغم مكوثي مع أهلي، وأجاهد نفسي، فأنا ملبوس بجن عاشق، وهذا ما جعلهم ينفرون مني منذ أن كنت في 20 من عمري، وحتى أصبحت في 31 من عمري، فما العلاج المناسب؟
على الرغم من أني أقرأ القرآن مع أشخاص عن بعد، ومواظب على التلاوة معهم، ومحافظ على الصلوات في البيت، غير أني نسيت مجال الدراسة، ولا أعرف إلا القليل القليل!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت عنه -يا أخي- فإننا نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: أول العلاج معرفة سبب الداء، ونحن هنا لنتعرف سويا على الداء، والذي يمكن في أمرين:
1- الانعزال عن الأهل، والوحدة بينهم، على كثرتهم حولك.
2- المس الجني الذي أرهقك ولازمك.
ودعنا نقول لك بصراحة: إن الحل يسير بأمر الله، فلا تقلق ولا تضطرب، ولكن نطلب منك أن تفعل ما نكتبه لك، ونرشدك إليه بعناية تامة، وستجد بركة هذه النصيحة في قابل أيامك -إن شاء الله-.
ثانيا: علاج الوحدة يكمن في خمس أمور:
1- الخروج من قفص الوهم الجاثم على صدرك، والمتمثل في أنك مريض، وأنك قد تفعل الخطأ أمامهم، وأنك لست مندمجا معهم، وأنهم لن يتفهموا مشكلتك، وأنك قد تحرج منهم، كل هذا وهم وحاجز صنعه الشيطان، وساعده ضعفك، فلا تستلم له.
2- اجلس معهم، وشاركهم همومهم -هم لا همك أنت-، تعرف على مشاكلهم، وما يشغلهم، وكن عضوا فعالا في البيت، قدم إليهم خدماتك ونصائحك، واعرض عليهم المساعدة في بعض أمورهم، وانتقل بذلك من دائرة المنفعل إلى دائرة الفاعل.
3- تغافل عن أي نظرة خاطئة من أحدهم، أو كلمة عابرة ليست مقصودة أو مقصودة، وابتعد عن الحساسية ما أمكنك ذلك.
4- ضع بعض الموضوعات الواسعة في رأسك إذا جلست معهم، حتى تفتح أنت موضوعا للحديث معهم فيه.
5- لا تجلس معهم وحيدا، ولا تجبرهم على الحديث معك عن شخصك وذاتك، بل اقتنع داخليا أنك بخير، وستكون بخير.
ثالثا: بخصوص الحديث عن المس والسحر والجن وغير ذلك، فاعلم -بارك الله فيك- أنها من المسائل اليسيرة لو فهمنا كيفية التعامل معها، ولذا أول ما ينبغي عليك الاعتقاد به ما يلي:
1- من المقطوع به -أخي الكريم- أنه لا يقع في ملك الله إلا ما يريده الله عز وجل، وكل شيء بتقدير الله، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. قال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، والمؤمن يعتقد ذلك، ويؤمن به في إطار قول الله تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون،) لذا أول ما نوصيك به أن تجمع قلبك على دينك، وأن تثق أن الأمور بيد الله عز وجل، وأن الله قادر على كل شيء، فاستعن بالله أولا ولا تعجز.
2- نؤكد لك كذلك أن العين حق، والمس حق، والجن حق، ولهم تأثير محدود، لكن هذا التأثير لا يقع إلا -بإذن الله تعالى-، وعليك أن تتأكد من أن الجن لا يملك من أمره شيئا، ولا يحرك متحركا ولا يسكن ساكنا إذا لم يأذن الله في ذلك، وقد أخبرنا الله -عز وجل- أنه ليس له سلطان على المؤمنين.
3- اعلم -أخي الكريم- أن علاج العين أو الحسد أو غيرهما أمر هين، فلا تقلق، ولا تستعظم ما ألم بك، بل عليك بالهدوء، ومن ثم القيام بما ورد في الكتاب والسنة، والمحافظة على الأذكار الصباحية والمسائية، مع الإيمان والتصديق واليقين بالله -عز وجل-.
4- الرقى -أخي- ثابتة بالكتاب والسنة؛ فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- الاسترقاء بـ "قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وقال: لم يتعوذ الناس بمثلهن،" رواه مسلم.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- "إذ اشتكى قرأ على نفسه المعوذتين ونفث"، متفق عليه. والنفث: النفخ.
وتعوذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمعوذتين لما سحره اليهودي.
وصح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال لمن رقى بالفاتحة "وما يدريك أنها رقية" رواه البخاري.
وعليه فالرقية الشرعية من الكتاب والسنة هي النافعة -بإذن الله-.
رابعا: إننا ندعوك إلى ما يلي:
1- تحصين البيت بالأذكار، وقراءة القرآن، وخاصة سورة البقرة كل ليلة، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر؛ إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة". رواه مسلم. ورواه الترمذي بلفظ: "وإن البيت الذي تقرأ فيه البقرة، لا يدخله الشيطان"، ورواه ابن حبان بلفظ: (فإن الشيطان ليفر من البيت، يسمع سورة البقرة تقرأ فيه).
قال المظهري في شرح المصابيح: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر" يعني: لا تتركوا بيوتكم خالية من تلاوة القرآن، بل اقرؤوا في بيوتكم القرآن؛ فإن كل بيت لا يقرأ فيه القرآن يشبه المقابر في عدم قراءة القرآن.
وقال الشيخ/ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: يعني إذا قرأت في بيتك سورة البقرة، فإن الشيطان يفر منها، ولا يقرب البيت، والسبب أن في سورة البقرة (آية الكرسي).
وعليه فإننا ندعوك إلى قراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت، فإن لم تستطع فعلى الأقل سماعها كل ليلة، المهم أن يكون ذلك كل ليلة، ولا بد من الصبر والاستمرار.
2- المحافظة الشخصية على الأذكار والأوراد الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويمكنك الاستعانة بكتاب (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة).
3- الرقية على الماء وصبها عليك؛ فهي نافعة -بإذن الله تعالى- ومنها:
1. الفاتحة.
2- الكرسي.
3- الإخلاص.
4- المعوذتان.
5- آيتان في نهاية سورة البقرة.
وهناك آيات أخرى ذكرها ابن القيم، ونقل من الآثار ما يفيد أنها نافعة -بإذن الله- حين تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على الرأس، والآيات مع ما مضى قوله تعالى: (فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين) [يونس81 ]، وقوله: (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون) [الأعراف 118 إلى 120]، وقوله: (إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى) [طه69].
وقد قال الشيخ/ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- حين سئل عن ذلك: ثبت في سنن أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قرأ في ماء في إناء وصبه على المريض، وبهذا يعلم أن التداوي بالقراءة في الماء، وصبه على المريض ليس محذورا من جهة الشرع، إذا كانت القراءة سليمة.
ويمكنك الاستزادة حول هذا كله من خلال كتاب الشيخ/ عبد الله الطيار (فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين)، وقد قدم له فضيلة الشيخ/ ابن باز -رحمه الله تعالى-.
كما يمكنك الاستعانة بالمشايخ الذي يعالجون بالكتاب والسنة، وإن كنا نفضل أن تقوم أنت بذلك.
الاستمرار على ذلك -أخي- مع الصبر واليقين بالله هو الطريق للشفاء -بإذن الله-.
نسأل الله أن يصرف عنك ما ألم بك، إنه جواد كريم، والله الموفق.