السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يظهر لي في بعض الأحيان مقاطع لبشر لديهم تشوهات شديدة في خلقتهم، فمثلا شخص جسده محروق بالكامل، أو عجوز جلدها شكله مريب، بسبب مرض معين.
أسأل الله تعالى أن يشفيهم شفاء عاجلا غير آجل، ولكن عند ما أرى هذه المقاطع أشعر بعدم الراحة، ومن الممكن أنه شعور خوف أو توتر أو قرف أو قلق، لا أستطيع تحديد الشعور، ولكن لساني لا ينطق بشيء غير أني أدعو لهم بالشفاء.
كذلك بسبب هذه الأحاسيس أصبحت أخاف من أن أكون متكبرا، أو يكون علي إثم آخر، فما رأيكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عادل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الابن الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وزادك الله حرصا وخيرا، ونسأل الله أن يهدينا جميعا إلى أحسن الأخلاق، والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
لا يخفى على أمثالك من الفضلاء أن الإنسان إذا رأى مبتلى، ورأى إنسانا عنده مصائب، وفيه عاهات، لا مانع من أن يقول في نفسه: (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا)، ولكن ليس للإنسان أن يحتقر من أمامه، فقد يكون هذا الأعور أو هذا الأعرج، أو هذا الذي فيه تشويه مقربا عند الله تبارك وتعالى، بل ربما (لو أقسم على الله لأبره).
لذلك الإنسان لا مانع من أن يتأثر تأثرات لا يقصدها، كالاشمئزاز أو الخوف، أو الإشفاق عليهم، لكن من المهم ألا نظهر ذلك أمامهم.
إذا كان الأمر مجرد مقاطع وصور، فالأمر هين، لكن هل يحدث لك هذا عندما تواجه إنسانا عنده عاهات، عنده نقص، تواجهه على الطبيعة وليس بصورة له؟ لذلك لا ينبغي للإنسان أن يظهر الاشمئزاز والتقزز، أو نحو ذلك؛ لأن هذا قد يجرح مشاعر الشخص الذي أمامه، وعلى كل حال الذي يظهر أنه لا حرج عليك طالما كان الأمر مجرد صور، ولكن إذا رأيتهم تدعو لهم بالشفاء، فتسأل الله تبارك وتعالى أن يعافيك مما ابتلى به هؤلاء، وتحمده أن فضلك على كثير ممن خلق تفضيلا.
الإنسان يتعظ ويعتبر، ويحمد الله تبارك وتعالى الذي أعطاه عافية وحرم منها آخرون، وأعطاه جمالا حرم منه غيرهم، من المهم أن ينظر الإنسان في كل أمور الدنيا إلى من هم أقل منه، حتى يلهج بشكر الله، والثناء على الله تبارك وتعالى.
أما في أمور الدين فننظر إلى من هم أعلى منا، وإلى من هم أرفع حتى لنتأثر بهم، وكون لسانك لا ينطق بشيء، ولا تعبر عن شيء سالب، هذا أيضا مما يحسب لك، و(البلاء موكل بالمنطق).
المفروض هو أن يتكلم الإنسان بكلام يرضي الله تبارك وتعالى، وخوفك من هذه الأحاسيس، وخوفك من الكبر، دليل على أنك على خير.
إن الإنسان ينبغي أن يخاف من أن يكون في نفسه مثقال ذرة من كبر، ولكن -إن شاء الله- لا إثم عليك، المهم الإنسان يجتهد إذا رأى مبتلى يسأل الله له الشفاء، يحمد الله في نفسه، الذي عافاه مما ابتلاه الله به، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا على شكر نعمه، وأن يجعلنا ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.
وبالله التوفيق.