يأتيني إحساس بالإحباط رغم ثقتي بالله، فماذا أفعل؟

0 19

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب، صف أول ثانوي، وبعمر الخامسة عشرة، وعندي أشياء كثيرة أحب أن أعملها، مثل: قراءة القرآن، والقراءة بوجه عام، وتعلم المهارات الجديدة.

أنا دائما أحاول أن أتوكل على الله، وأثق بنفسي، ولكن فجأة يأتيني إحساس بخيبة أمل، فتكلمت مع أمي، ودعوت كثيرا وتحسن الأمر، ولكن يأتيني نفس الإحساس، وكذلك الخوف والقلق من شيء مجهول!

دعوت أكثر لأتقرب من الله، فلم يذهب هذا الأمر، المشكلة أني أخاف هل هذا مس، أو أنا الذي أتوتر في نفسي ويجب أن أهدأ وأكمل الدعاء باستمرار؟ هل هذه مشكلة حقيقية أو مجرد تفكير دائم؟ وماذا أعمل؟ وكل هذا حصل خلال آخر أربعة أيام إلى الآن.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وكم يسرنا تواصلكم معنا، خاصة مع ما ذكرتم من حبكم للتعلم، وحرصكم على قراءة القرآن والقراءة بوجه عام، وهذا يدل على خير قادم لك ولأمتك -إن شاء الله-، نسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.

ولدنا حسين: ما تمر به منذ أيام ليس فيه ما يقلقك أو ما يشتت اهتمامك؛ لأن هذا أمر عارض طارئ، والمطلوب منك بهدوء أن تتعرف على الأسباب، وأن تتجنبها، ثم بعد ذلك ستجد الأمور طبيعية، بعون الله.

الإحساس بخيبة الأمل، والاجتهاد في زراعة اليأس هو وسيلة الشيطان لإقعاد المسلم عن طريقه، وهذه الوسيلة يستخدمها الشيطان مجتهدا في تأصيلها عند وجود بعض الهنات، فمثلا: إذا قرأت شيئا وصعب عليك فهم بعض معانيه أتاك من هذا الجانب، مع أنه علميا قد تكون المسألة صعبة، أو تحتاج زيادة تأمل، أو المؤلف كتبها بطريقة فيها بعض التعقيد، أو أنك في هذا الوقت كنت مشتتا، أو مشغولا، أو مرهقا.

المهم أنه يستثمر مثل تلك الهنات البسيطة، والتي تحدث مع الجميع لترسيخ هذا الوهم في عقلك، وهدفه من وراء ذلك ما يلي:
1- أضعف مراده، أن يشغلك بإثبات نفسك أمام نفسك، وأنك لست فاشلا، وهذا يوقعك في حصار الترقب والامتحان، وما يصحب ذلك عادة من توتر، فإن لم يقنعك بالخيبة، والفشل فقد شغلك عن التقدم، وزعزع ثقة نفسك فيها.

2-أعظم مراده، إقناعك فعلا بالخيبة، وشغلك بالبحث عن أسباب الخيبة، وكأنها أصبحت حقيقة، ثم وهم تعدد الأسباب، ثم البحث عن أدوية لعلاج وهم غير موجود، وهذا طريق طويل -أخي الكريم- وليس فيه فائدة، والعودة منه صعبة.

لك أن تقول: ولماذا لا يكون مسا أو سحرا أو حسدا؟ ولنا أن نقول: ولماذا تسير خلف الوهم، ولم يمض على هذا التفكير إلا بضعة أيام؟ ولم تقم أنت بما ينبغي عليك القيام به من تجاهله، والاستمرار في التقدم؟

لك أن تقول: وما الواجب علي فعله؟

وجوابنا في نقاط:

1- طرح هذا التفكير، وكأنه لم يكن.

2- تفسير كل الأحداث بتفسيرات واقعية منطقية، فعدم فهمك الدرس مثلا لا يعني أنك فاشل -لا قدر الله-؛ بل يعني بعض ما ذكرناه آنفا، وعدم القدرة على إنهاء كتاب، لا يعني خيبة أمل، بل يعني أن هناك شواغل صرفتك، والمطلوب منك التقليل منها، وطرح ما ليس له فائدة.

3- المحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم، وهذا فيه حصن لك من الشيطان وغيره.

4- المحافظة على الرقية الشرعية، وأفضل راق لك هو أنت، فأرق نفسك -يا ولدنا- بنفسك وثق بأن الرقية نافعة بعون الله.

5- المداومة على قراءة سورة البقرة كل ليلة في بيتك، فإن لم تقدر فالاستماع إليها في المذياع، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)، رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، وإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، لا يدخله الشيطان)، رواه الترمذي في سننه، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

وفي صحيح ابن حبان، والحاكم، وغيرهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن لكل شيء سناما، وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلا، لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال)، صححه الحاكم، وحسنه الألباني.

ولدنا الكريم: احذر وضع أهداف كبيرة تعجز عن الوصول إليها، بل ضع أهدافك وفق قدراتك وطاقتك، فإن البعض يتحمس في البداية ثم يقول: سأقرأ كتابا يوميا، ثم يفاجأ أنه لم ينجز ما وضع لنفسه فيصاب بالإحباط، والحق أن الخلل عنده في المنهج الذي أعده، والهدف الذي وضعه، فاحذر -بني- من مثل ذلك.

نسأل الله أن يحفظك بحفظه، وأن ييسر لك الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يثبتك على الحق، إنه جواد كريم.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات