قاطعني أخي سنين طويلة بسبب الميراث، فكيف أصالحه؟

0 28

السؤال

السلام عليكم

أنا وأخي في خصام منذ 26 سنة بسبب أنه كان لي حق من ميراث أبي، ولم يعطوني حقي، ففتحت قضية في المحكمة، وقد غضب مني وشتمني.

بعد فترة حاولت أن أصطلح معه، ولكنه يردني، ويقوم بشتمي، ويحاول أن يهينني، وبعد فترة حاولت مرة أخرى وذهبت إليه في منزله فطردني، وتعامل معي بنفس الطريقة، وتخاصمنا 26 سنة.

قبل سنة حاول التواصل مع إخوتي، وأنه يريد أن يتحدث معي، وأنا قلبي مكسور منه، وأعرف غروره، وأسلوبه الوقح معي، فقلت لإخوتي يقولون له: إذا كان يريد الصلح أن يأتي لبيتي، أو إذا رفض فأنا مسامحة له، وإذا تصادفنا في مكان سأسلم عليه، وفعلا بعدها بفترة تصادفنا، وقلت: السلام عليكم، فغضب وخرج من المكان.

الآن، هل يعتبر أننا في خصام؟ وهل يجب علي أن أتحدث إليه؟ أنا مريضة، ولا أتحمل أي إهانات منه، ففكرت أن أكتب له على الواتساب، فهل هذا يعتبر محاولة للصلح؟ وهل أكون أنا من رفض الصلح؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.

الصلح بين الأقارب وبين المسلمين عموما من أهم الأعمال التي يحبها الله سبحانه وتعالى ويرضاها، فقد أمر الله سبحانه وتعالى بالإصلاح بين المختلفين من المسلمين أفرادا كانوا أو جماعات، وقال سبحانه وتعالى: {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} [الحجرات: 10]، وقال سبحانه: {والصلح خير} [النساء: 128]، وقال: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما} [النساء: 114].

نهى الشرع الحنيف عن كل أسباب الفرقة والخصام بين المسلمين، وإذا كان ذلك بين الأقارب كان أشد، وحرم التهاجر والتقاطع والتدابر، قال صلى الله عليه وسلم: (‌لا ‌يحل ‌لمسلم ‌أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا).

قطع الرحم من كبائر الذنوب، وأصحابها مهددون بلعنة الله سبحانه وتعالى، فقد قال سبحانه وتعالى: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} [محمد: 22-23].

كل هذا يبين أن ما أنتم فيه من التقاطع والتدابر مخالف لما يريده الله تعالى منكم، وتسبب منكم في استجلاب غضب الله تعالى عليكم، ومن ثم فالواجب المبادرة والمسارعة إلى تغيير هذا الحال.

إذا حصلت نزاعات مادية بين الأقارب فيمكن الرجوع إلى المحاكم لمعرفة الحقوق وإلزام القاضي من عليه الحق بأدائه، وهذا لا يستلزم قطع الأرحام ولا التدابر والبغضاء، وإذا تم التصالح بالتراضي واللين فهذا خير وأفضل.

على كل تقدير: النزاع الذي جرى بينكم في بعض الحقوق المادية لا يصح أبدا أن يكون مبررا ومسوغا للقطيعة التي بينكم، وكلاكما مخطئ بلا شك، وكلاكما يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفر، والذي يبدأ هو صاحب الفضل، وهو الأحب إلى الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك جاء في الحديث في التهاجر بين المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام).

نصيحتنا لك أن تبادري بالتصالح مع أخيك، واعلمي تمام العلم بأنه لا يزداد الإنسان بعفوه وتنازله وتواضعه، لا يزداد بذلك عند الله سبحانه وتعالى إلا رفعة وعزا، كما جاء بذلك الحديث: (ما زاد الله ‌عبدا ‌بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله).

استعملي ما استطعت من الوسائل التي تقرب بينك وبين أخيك من توسيط أهل الخير والصلاح الذين يريدون الألفة بينكما، ولو بدأت بكتابة الرسائل المعبرة عن المحبة والود والعفو عن الماضي، ونحو ذلك من الكلام الطيب، فهذه وسيلة أيضا مناسبة وجيدة، وربما قربت البعيد ورأبت الصدع بينكما.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم الألفة بينكما، ويزيح عنكما كل أسباب التباغض والتدابر.

مواد ذات صلة

الاستشارات