تزوجت رغماً عني بزوج عصبي ومتهاون في دينه وأفكر في الطلاق

0 37

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
جزاكم الله خيرا.

أريد مساعدتكم لي، أنا فتاة متزوجة منذ شهور، لكن لم أجد الراحة أبدا في زواجي؛ لأني كنت أرجو زوجا بمواصفات معينة، ولم أجد شيئا مما كنت أتمنى، أهلي أجبروني على الزواج منه، رغم رفضي له منذ البداية، زوجي لا يصلي أو بالأحرى يصلي يومين ويتركها شهرين، والكثير من أمور الدين متهاون فيها جدا، لا أريد الخوض فيها!

أنصحه ولكن دون جدوى! أفكاري كلها مختلفة عنه، عصبي جدا على أتفه الأمور، يقول لي: أريد الإنجاب لكن أنا لا أريد الإنجاب منه وهو على هذا الحال، وأقول له: أنا ما زلت صغيرة على الإنجاب، ولا أستطيع تحمل مسؤولية كبيرة، لكن في قرارة نفسي لا أريد الإنجاب منه هو بالضبط، أريد الطلاق لكني لا أستطيع، لي أب قاس جدا، وفي نفس الوقت مريض، عندما أذهب مثلا لبضعة أيام للزيارة فقط، كل مرة يقول لي: متى ستذهبين إلى بيتك؟ بطريقة مستفزة جدا!

عندما كنت أعيش مع أبي، كنت أعيش في جهنم من كثرة الصراخ والبخل والانتقادات، وحتى الضرب، ما كان يصبرني في ذلك البيت سوى أمي وأخي، هناك نقطة أنا دعوت الله كثيرا في فترة الخطبة بأن يبعده عني (الزوج) إن كان شرا لي، وإن كان سيضيع ديني معه، لكن سارت الأمور بيسر هل يمكن أن يكون هذا الزواج ابتلاء؟!

ماذا أفعل؟ أريد فقط الراحة من شعور الخزي وخيبة الأمل، أريد الاقتناع بأن هذا الزوج هو ما كتبه الله علي وعلي أن أرضى، لكني لا أستطيع، أصبح العيش في هذه الدنيا وفي الفترة التي يجب على كل عروسين جدد العيش فيها بسلام وحب، أنا أعيشها باكتئاب وقلق، هل هناك دعاء يغير الواقع رغم استحالته؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نحن ندرك الضيق الذي تعيشينه بسبب ما قدره الله تعالى لك من الزواج بمن لا ترغبين الزواج به، ولكننا مع هذا كله ندعوك إلى النظر في أحوالك كلها، والتفكر في الجوانب الإيجابية في حياتك، وتذكر عطايا الله تعالى لك وما منحه لك وحرمه آخرين؛ فإن هذه الطريقة طريقة أكيدة في جعل الإنسان يعيش حالة من الرضا والقناعة، وإدراك أنه لا يزال في سعادة كبيرة حرم منها آخرون، وهذه وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-: (انظروا إلى من أسفل منكم –دونكم- ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا ‌تزدروا ‌نعمة الله).

وأنت وإن أصبت بأن تزوجت بمن لا ترغبين الزواج به، ثم تبين من أحواله أيضا ما ينفرك منه –لا سيما في أموره الدينية– إنه وإن حصل هذا لكنك لو وازنت بين الجوانب الإيجابية والجوانب السلبية، بين ما تحبين وما تكرهين، فستجدين أنك لا زلت تعيشين في خير كثير، فما من الله تعالى به عليك من نعمة العافية والصحة، وما من به عليك من حصول الزواج في حد ذاته -وإن كان على كره منك وعدم رغبة في بعض جوانبه- ونعمة الهداية التي هداك الله تعالى لها، وتبصيرك بالأمور، والحرص على التقرب إلى الله تعالى، كل هذه النعم قد حرمها أناس كثيرون غيرك، فلو تفكرت فيها لعلمت أن الله -سبحانه وتعالى- قد أحسن إليك وأعطاك حين حرم آخرين.

ونصيحتنا لك –ابنتنا العزيزة-: أن تحاولي إصلاح الحال الذي أنت فيه، ولا تيأسي من رحمة الله، لا تظني أبدا أن الأمور التي أنت فيها وأحوال زوجك مستحيلة التغير، أبدا، فإن الله -سبحانه وتعالى- يقلب قلوب العباد كيف يشاء، فلو أنك انطلقت إلى العمل الإيجابي وحاولت التودد إلى زوجك والتقرب منه، ومحاولة التأثير عليه لإصلاحه؛ فربما أثرت فيه، وكثير من الأحيان يتأثر الرجل بزوجته بما لا يتأثر بآخرين، وستكونين في الوقت نفسه تمارسين الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه من أعظم القربات وأفضل الطاعات التي تتوسلين بها إلى الله سبحانه وتعالى.

لا تظني أن نصحك يذهب سدى وأنه بدون جدوى، حاولي إحسان النصح واستعمال وسائل التأثير المؤثرة؛ كإسماع زوجك بعض المواعظ التي تذكر بالجنة والنار، ولقاء الله والوقوف بين يديه، والحساب والجزاء، وحاولي ربط علاقات أسرية مع الأسر التي فيها رجال طيبون لعله يتأثر بهم، وهذه المحاولات ستكتب لك في ميزان حسناتك، وستكونين قد أعذرت إلى الله -سبحانه وتعالى- فإذا لم تصلي إلى نتائج فينبغي حينها أن تقارني بين المصالح والمفاسد، المضار والمنافع، فإذا طلبت الطلاق فينبغي أن تقارني حينها بين نتائج الطلاق وكيفية حياتك بعد الطلاق، ومن سيتكفل بنفقاتك، ونحو ذلك من الأمور التي ستترتب على الطلاق.

ينبغي أن تقارني بين الحال بعد الطلاق والحال الذي أنت فيه، فاختاري ما هو أقل سوءا وضررا، واعلمي أن هذه الحياة كلها مملوءة بالابتلاءات والاختبارات، فهي ليست دار الجزاء، إنما هي دار العمل، والإنسان قد يبتلى فيها بأشياء كثيرة يكرهها ليثيبه الله تعالى بعد ذلك عليها، وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل.

فهذا الابتلاء ثوابه مدخر لا يضيع، وهو موضوع الاختبار لهذا الإنسان في هذه الحياة، فاصبري واحتسبي، وحافظي على دينك ما استطعت، واسألي الله -سبحانه وتعالى- أن ييسر لك الخير ويقدره لك حيث كان، فإنه لن يخذلك.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل لك من أمرك يسرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات