حزينة لأني قبلت في الصيدلة وكان حلمي الطب!

0 35

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تخرجت هذا العام من المدرسة الثانوية، وكانت رغبتي الأولى هي الطب، ولكن قدر الله ولم أقبل به، وتم قبولي في رغبتي الثانية الصيدلة، والآن أريد أن أشعر بالرضا التام؛ لأنني ظننت أني رضيت وتجاوزت الأمر لكني كلما أرى أحدا التحق بالكلية التي كنت أريدها أشعر وكأن قلبي يحترق، ويعاودني الحزن من جديد، وهناك فرصة ثانية وهي لطلاب الصيدلة إذا تمكنوا من النجاح في أول عامين -على الأقل- وبمعدل معين يمكنهم التحويل للطب.

فكرت في هذا الحل كثيرا، أعرف أن الأمر مبكر أن أفكر وأتخذ مثل هذا القرار، ولكن حينها كيف أعرف بأن الطب لم يكن خيرا لي، وأن الصيدلة هي الاختيار الصحيح، أم أن الطب خير لي فعلا، ولكن علي فقط أن أستمر بالسعي مرة أخرى؟

أخاف أن أحول للطب في النهاية؛ لأني شعرت بأن الصيدلة غير مناسبة لي، وكان هذا الشعور ناتجا عن عدم الرضا، أريد أن أرضى حقا، وأن لا يساورني الحزن أو الغيرة مرة أخرى؛ لأن رزقي لم يكن في حلمي أو أن رزقي تأخر.

جزاكم الله خيرا مقدما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت به فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: سؤالك جيد -أختنا الفاضلة- ولكن دعينا قبل أن نجيبك أن نؤكد على أن أقدار الله تعالى الماضية بعد بذل الإنسان جهده هي الخير له وإن لم يعلم، وعليه أن يدرك أنه لقصر نظره وجهله قد يتمنى ما فيه هلكته، وقد يعرض عما فيه نجاته، وقد قال الله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

ثانيا: خير معين لك على تجاوز وساوس الشيطان أن ترددي قول الله: ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور﴾ [الحديد: 22، 23]. فانتبهي بارك الله فيك إلى قول الله: ﴿لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم﴾ وهنا يأتي التسليم الكامل لله تعالى في قضائه، وهو المريح للقلب لا محالة.

ثالثا: طموحك كان في كلية الطب، وقد بذلت ما عليك، والله وفقك للصيدلة، وهي كلية جيدة جدا، وربما يراها بعض الناس أفضل لهم، بل وخيارهم الأول، لكن هل تظنين أن الشيطان سيسلمك هكذا؟!

إن الآفة أنك نظرت إلى كليتك على أنها الخيار الأسوأ والمفروض عليك، وأن الطب هو الخيار الأفضل والمسلوب منك، وهنا وجد الشيطان أرضا خصبة ليجول فيها ويصول، وعليه فإذا أردت تجاوز هذه المرحلة فعليك بما يلي:

- الإيمان التام بأن أقدار الله هي الخير للعبد، وأن ما يصلح لأحد قد لا يصلح لغيره، وقد رأينا من دخل كليات القمة ثم بعد ذلك انتكس حاله، فلا استطاع التقدم ولا استطاع الخروج، وعليه فالله أعلم بعبده.

- الاقتناع بأن كلية الصيدلة هي خيار جيد، بل وهي حلم لآلاف الطلاب، فليست خيارا سيئا، كما أن الطب ليس الخيار الأنسب لكل طالب، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.

- الاجتهاد في بذل أقصى مجهود لك للحصول على أعلى درجة مناسبة لك في الكلية لغرض التفوق أولا، ثم بعد ذلك النظر في أي الكليتين أفضل عند وجود إمكانية الانتقال للطب، ونقول لك ساعتها: لا بد من دراسة هذا الخيار جيدا من كافة النواحي، وسؤال أهل الاختصاص من الطلبة والأساتذة، ثم بعد ذلك الاستخارة، وما يعقب الاستخارة هو الخير.

رابعا: بعد سنتين من الدراسة وإمكانية الانتقال إلى كلية الطب، قد ترفضين أنت الانتقال! نعم -أختنا- فالواقع قاض بأن الإنسان كلما نضج كلما اتسعت دائرة معارفه، وما يراه اليوم خيرا قد يرى غيره أفضل منه بعد غد، وقد رأينا كثيرا ممن دخل ما لا يرغب ثم كانت هي الخيار الأفضل له، ووجد بركة ذلك في حياته.

خامسا: الغاية الكبرى الحقيقية في وجودنا في هذه الحياة هي مرضاة الله تعالى علينا، فلا تعظمي شيئا أو تعطيه أكبر من حجمه، فصلاحك وإيمانك وطلب مرضاة الله عليك هو ما يجب أن يكون غايتك في الحياة، أما كل ما عدا ذلك فتابع، إذا ما استقر هذا المعنى عندك فإن وساوس الشيطان لن تجد طريقا إلى عقلك إن شاء الله.

سادسا: لن تجدي أحدا راضيا عن حياته تماما؛ لأن الدينا دار كدر، وكثيرا ما تأتينا رسائل من طلاب في كلية الطب يشتكون مر الشكوى من واقعهم، ويسألون وهم في منتصف الطريق هل الأفضل الإتمام في كلية الطب مع ما فيها من مشاكل وعوائق، أم الانتقال لكلية نظرية وطلب الراحة؟!

هكذا طبيعة الدنيا، والفائز حقا من رضي بالقضاء، وعلم أن اختيار الله له أفضل من اختياره لنفسه، ومعنى اختيار الله له ما أقامه فيه بعد بذل الأسباب.

نسأل الله أن يوفقك، وأن يسعدك، وأن يقدر لك الخير، والله المستعان.

مواد ذات صلة

الاستشارات