السؤال
تقدم لي شخص للزواج، وعلمت أنه يجب إخبار الخاطب إن كان هناك مرض أو عيب في الجسم، ولكني أشعر بالإحراج الشديد لدرجة أني لم أذهب لطبيبة، أو أخبر أمي لسنوات بما يحتمل أن يكون سرطانا، وفكرت بالإقلاع عن فكرة الزواج.
بعد إصرار أمي أخبرتها بالمشكلة، وقررت أن أذهب إلى طبيبة، ولكني لا أريد الذهاب، بالإضافة إلى أن لدي بعض العيوب الأخرى، لكنها ليست واضحة كثيرا، وربما موجودة عند كثير من الناس، فهل يجب الإخبار بها أيضا؟
أشعر أن الزواج ليس مناسبا لي، فكيف لي أن أخبر كل أحد بعيوب كهذه، فلا أحب أن يطلع أحد على هذه الأمور وإن مت؟ انصحوني كيف أتصرف؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ . حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يوفقك لمرضاته عنك، إنه جواد كريم.
أختنا الكريمة: هذا الدنيا دار ابتلاء لا دار قرار، وحتما سيصاب الإنسان فيها بصنوف الابتلاء كل على طاقته وسعته، وعلى قدر قربه من الله أو بعده، فهذه أصيبت بالتهجير من بلادها مع أهلها، وأصبحوا جميعا بلا مأوى، وهذه مات والدها وترك لها إخوة وهي ترعاهم، وهذه أصيبت بمرض لم يجد الأطباء له دواء، وهذه أصيبت وليس معها ما تنفقه على الأطباء، والحالات -أختنا- كثيرة، وتلك طبيعة الحياة التي نحياها، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط، من رضي بالابتلاء وصبر وشكر، فالله يوفيه حقه بغير حساب، ويعوضه خيرا على صبره ويرفع درجته ويكفر ذنبه، وهذا هو الفائز حقا، نسأل الله أن يصبرنا على البلاء، وأن يعافينا ويعفو عنا.
ثانيا: من خلال حديثك هناك مشكلتان:
1- مشكلة قائمة بالفعل لم يعرف بها أحد، وقد دخل لك الشيطان وأوهمك أنها قد تكون ورما -عافاك الله- ثم بنيت الحكم على ذلك، ثم اقتنعت به، ثم عشت آلامه، وقد لا يكون موجودا أصلا!
2- مشكلة أخرى، وهي بعض الأعراض التي لا تخلو منها امرأة، أو على الأقل موجودة أكثرها في النساء.
ثم تسألين بعد ذلك عن حكم إخبار الزوج الذي إلى الآن لا تعرفين أنه مناسب، ودعينا -أختنا- نجيبك من خلال ما يلي:
1- يجب عرض نفسك أولا على طبيبة للتأكد مما أنت عليه، فقد يكون الأمر طبيعيا، أو على الأقل بسيطا، وإنا لنرجو الله ذلك.
2- بعد معرفة طبيعة ما عندك لابد أن نفهم أنه ليس كل مرض يخبر به الزوج، والكتمان في بعض الأمراض لا يعد غشا، وعليه اعلمي -بارك الله فيك- أن المرض الذي لا يؤثر على الحياة الزوجية، أو تربية الأولاد؛ فلا حاجة لإخبار الخاطب به.
أما ما يجب الإخبار به، فهو المرض الذي لا تستقيم معه الحياة الزوجية أو المفسد لها، وقد ذكر أهل العلم ذلك، فقالوا: يجب إخبار الخاطب بالمرض إذا كان:
أ. مؤثرا على الحياة الزوجية، ومؤثرا على قيامها بحقوق الزوج والأولاد.
ب. أو يكون منفرا للزوج بمنظره أو رائحته.
ج. وأن يكون حقيقيا، ودائما، لا وهما متخيلا، ولا طارئا، يزول مع المدة أو بعد الزواج.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن بعض ذلك، فأجابت:
"إذا كانت هذه المشكلة أمرا عارضا، مما يحصل مثله للنساء، ثم يزول: فلا يلزم الإخبار به، وإن كانت هذه المشكلة من الأمراض المؤثرة، أو غير العارضة الخفيفة، وحصلت الخطبة وهو ما زال معها لم تشف منه: فإنه يلزم وليها إخبار الخاطب بذلك".
ثالثا: أختنا الفاضلة: إننا نريد منك ما يلي:
1- التأكد وعدم البناء على الوهم.
2- ما يجب إخبار الخاطب به لا يكون إلا بعد الرضا به.
3- يجب النظر إلى الخاطب نظرة واقعية لا مثالية ولا تحت ضغط نفسي، فإن كان صاحب دين وخلق واستشرتم واستخرتم الله، فهذا ما يجب إخباره على الشرط الذي ذكرناه.
رابعا: كل مرض لا يؤثر على الحياة الزوجية وليس مفسدا لها، ولا يؤثر على الأولاد فليس واجبا عليك إخبار الزوج به.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يشفيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، إنه جواد كريم، والله الموفق.