أشعر بالغضب إذا ارتدت أختي ملابسي وإن كنت لا أستخدمها!!

0 24

السؤال

السلام عليكم.

لماذا أشعر بالغضب حين أجد أختي ترتدي شيئا من ملابسي، أو تأخذ شيئا من أشيائي حتى وإن كنت لا أستخدمها؟ أتضجر من هذا التصرف بدون سبب منطقي، وهي تسألني لم أغضب؟ وتقول: إنها مجرد ملابس. ولو أن صديقة لي طلبت مني ارتداء أو أخذ شيء من أشيائي لن أتردد أبدا، بل أحب أن أراها تعجب بما أملك وترتديه؛ لأنه أعجبها، ولكني لا أفكر هكذا تجاه أختي، هل لأني لا أحبها؟ وهل لأني أغار أن تبدو أجمل بأشيائي؟ علما بأن عمري 20 سنة، وأريد بشدة أن أصبح أحكم وأكثر اطمئنانا، فأجد هذا التصرف غير ناضج، وفي نفس الوقت أجد أن له أبعادا كثيرة.

لماذا لا أود لأختي أن تلبس وأن تبدو أجمل؟ أظن أنني من المفترض حتى حين أشتري شيئا أفكر بأنها سترتديه معي، وأنه لنا جميعا، ولكني أجد تصرفاتي هذه نابعة من كراهية ونفس دنيئة.

أود تفسيرا وحلا لعملي هذا، وأن تسقطوا مسألة الملابس على أشياء أهم في الحياة، فإن كنت لا أرضى لها أن تأخذ من ملابسي فكيف سنعيش ونتكاتف إذا كبرنا؟!

أنا الأكبر بين أخواتي، وأشعر أنني ساذجة حين أتصرف هكذا بكراهية تجاهها، حتى إنني أكره أن أحضنها، ولا أحب أبدا أن أعترف لها بحبي لها، أو حتى امتناني لوجودها.

أسأل نفسي إن لم تكن أختي وحدث لها شيء ما وفقدتها هل سأحزن؟ أجد نفسي لا أتأثر أبدا، ولا حتى اتجاه أي أحد من إخوتي، وأحيانا حتى صديقاتي وأمي وأبي.

أشعر أنني لن أحزن إذا فقدتهم، ما عدا أبي، فأنا لا أقبل فكرة الخسارة أبدا، فهل أنا أنانية؟ وما هذا السوء؟ وما الحل لنفس أكرم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -بنتنا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يعمر قلبك بالحب لأهلك، وأن يعمره بالإيمان.

لا شك بصدق قول نبينا صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قد ‌يئس ‌أن ‌يعبد بأرضكم هذه، ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرونه)، والرواية الثانية: (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في ‌التحريش بينهم)؛ فالشيطان لا يريد المشاعر الأخوية والمودة أن تستمر، ودائما عدونا الشيطان يعمل في الدوائر الأولى، فأولى الناس بحبنا الآباء والأمهات والإخوان والأخوات، هذه الدائرة التي أرادها الله حبا ورحمة وصلة ورحما، يأتي الشيطان ليشوش عليها!

الأمر الثاني: هناك أحيانا عدم العدل من الوالدين ينعكس على العلاقة البينية بين الأبناء، فقد ترى الفتاة أو يرى الشاب أن إخوانه يفضل عليهم، أن الوالد والوالدة يقدمه، وهذا طبعا إشكال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم).

أحيانا يكون هذا النفور الحاصل داخل الأسرة الواحدة بسبب الغيرة، وهذه الغيرة طبعا تشتد عندما يكون الإنسان قريبا؛ لأن الجميع ينازعنا على الفوز برضا الوالدين، والفوز باستحسانهم، والفوز بالقرب منهم.

أما بالنسبة للصديقة فالمسألة تبتعد، لأنها لا تنافسك على الوالدة والوالد، وبالتالي تخف جوانب الغيرة، ولا تمتنع الفتاة أو الشاب أن يعطي أشياءه للأصدقاء، ولكن قد يمنعها من أشقائه، والذي نريد أن نوجه إليه هو أن نذكر دائما بأن أولى الناس بنا هم أقرب الناس إلينا، والإنسان لا بد أن ينتصر على هذه النوازع السالبة، وحتى الحسد الذي يحصل بين الناس إنما يحدث فيمن يشتركون في مكان واحد، فلا يتصور أن يحسد عالم تاجرا، لكن التجار يتحاسدون بينهم، والباعة المتجولون مثلا يتحاسدون بينهم، ويؤسفنا أن نقول: ومن العلماء أيضا علماء يتحاسدون بينهم، لكن الطبيب لا يحسد عالما، لأنه ليس هناك مشتركات يزدحمون عليها.

لذلك هذه المشاعر الموجودة تحتاج منك إلى مقاومة، تحتاج منك إلى انتصار على النفس، وتحتاج منك إلى مقاومة لهذه المشاعر السالبة، ونحتاج أن نعرف قدر آبائنا وأمهاتنا، والإنسان ينبغي أولا أن يظهر لهم الاهتمام، وأن يكثر من الدعاء لهم، حتى لو وجد في قلبه نوع من النفور فما ينبغي أن يظهره، لذلك قيل للحسن البصري: أيحسد المؤمن؟ فقال: ‌(ما ‌أنساك إخوة يوسف، ولكن عمه في صدرك، فإنه لا يضرك ما لم تعد به يدا ولسانا)، وكما قالوا أيضا: (ما خلا جسد من حسد، ولكن المؤمن يخفيه، والمنافق يبديه) يظهره، فيحول هذا الحسد الموجود في نفسه إلى عدوان، إلى ظلم، إلى انتقاص للآخرين.

لذلك نحن نحتاج أن نجاهد أنفسنا في مثل هذه الأمور، وأنا شاكر لهذا السؤال الذي يدل على رغبة في الخير، وكل من حولنا لا نستطيع أن نفقدهم، فهم أعزاء، والإنسان أحيانا يعرف قيمة إخوانه وأخواته ووالديه بعد فقدهم، ولكن هذا يأتي متأخرا، فنسأل الله أن يعينك على الخير، ونؤكد أن مجرد السؤال يعني أنه هناك تفكير إيجابي وخطوات إلى الأمام، فلنحتكم لهذا الشرع الذي يريدنا أن نبد كل خير لأقربائنا، وأكبر خير هو الدعوة إلى الله، قال العظيم: {وأنذر عشيرتك الأقربين}.

نسأل الله أن يزيدك حرصا وخيرا، ونحتاج إلى مجاهدة مثل هذه المشاعر، وسننتصر إذا استعنا بالله، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات