السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حدث نقاش بسيط بيني وبين أخي، فقام بضربي وخنقي، مع العلم: بأنه يصغرني ب 8 سنوات، وهو الأمر الذي لم أتقبله بتاتا، وبسببه أصبت بانهيار عصبي!
سؤالي: ما الذي علي فعله؟ وكيف سأتعامل معه؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
فلا شك أن مثل هذه التصرفات تحدث ألما وأثرا في النفس، خصوصا عندما تحدث بين الأخوة، وحتى تستطيعي التعامل مع هذا الموقف، ينبغي أن تفهمي وتتعرفي على دوافعه وأسبابه، فالتصرف مع الأخ داخل إطار العائلة له خصوصية تختلف عن أي موقف آخر، فالأصل أن التعامل داخل الأسرة يقوم على التعاون والمودة والتفاهم، وذلك لكون كل من في الأسرة يعرف عقلية الآخر ودوافعه وأخلاقه، وهذه المعرفة تساعد في الحكم على أي سلوك من زاوية هل هو سلوك عابر، أو خطأ غير مقصود، أو انحراف ينبغي معالجته، أو مرحلة عمرية لها تغيراتها الخاصة؟
ومن سؤالك يتضح أن أخاك يعيش بدايات سن المراهقة المبكرة، وهذه الفترة تتسم بخصائص ومتغيرات كثيرة ينبغي أن تكون الأسرة وكل من فيها على إدراك بالمتغيرات التي تحدث فيها، ليتم احتواء المراهق والتعامل معه بشكل يساعده على تجاوز هذه المرحلة بشكل طبيعي ودون أي مشاكل.
فمن أهم المتغيرات التي تحدث للمراهق في هذه المرحلة: الإصابة ببعض نوبات الاكتئاب الخفيفة، ومن الممكن الوصول للإصابة بالاكتئاب المرضي في بعض الحالات، كذلك التغيرات والتقلبات المزاجية الحادة بشكل مفاجئ ودون أي سبب، ومن ذلك أيضا: الشعور بالقلق والتوتر بشكل مستمر تجاه أي فعل، والحساسية المفرطة تجاه آراء الآخرين، كذلك زيادة الوعي بالذات، والرغبة الدائمة في الشعور بالاستقلالية، والطموح والتفكير الدائم في المستقبل، إضافة للتغيرات الجسدية المختلفة و... إلخ.
لذلك هذه المرحلة تحتاج لوعي في حسن التعامل مع المراهق، سواء في طريقة الرد تجاه أي تصرف، أو من جانب الاحتواء بشكل يشعر فيه المراهق بالاهتمام والتقدير، فمثلا: السباب والشتائم والتسفيه والإهانة عند أي شجار أو خلاف يزيد من تعقيد هذه المرحلة، ويولد ردة فعل عكسية؛ لشعوره بالإهانة وعدم التقدير، كذلك عدم التشجيع، والتجسس، والمراقبة الزائدة تفقده الأمان والشعور بالخصوصية.
لذلك -أختي الفاضلة- نتوجه إليك ولكل أفراد الأسرة التي يعيش فيها هذا المراهق بنصائح مهمة للتعامل مع هذه المرحلة:
أولا: ضرورة فهم سلوك المراهق، ومن ذلك إدراك أن المراهق شديد الحساسية، وبالتالي سريع التأثر واكتساب الأفكار، فيمكن لكثير من الاهتمامات أن تشكل عقليته بسهولة، فيكتسب منها سلوكيات مختلفة، فالإدمان على الأفلام مثلا، أو مرافقة أصدقاء السوء ستلاحظ بوضوح اكتسابه العديد من السلوكيات الإيجابية أو السلبية، كذلك محاولته التقليد والتشبه لكونه في مرحلة يحتاج إثبات شخصيته ووجوده، وهنا يأتي دور الاحتواء الأسري، والتربية الأبوية بالحب والتفاهم، وكل هذا يساهم في توجيه مسار المراهقة إلى الجوانب الإيجابية.
وكذلك ننصحك -أختي الفاضلة- أيضا: في إشراك الوالدين في فهم ووعي مرحلة المراهقة، وعدم الانفعال من رود الفعل العنيفة إذا كانت عابرة وغير معتادة، فمعالجة الأخطاء عند المراهق ينبغي أن يكون لها تعامل خاص، فالضغط على المراهق والانفعال يولدان ردودا عكسية، لذلك ينبغي أن تكون بطريقة غير مباشرة، عبر التعريض أو التلميح، أو بيان النتائج دون التصريح بوقوعه فيها، وتجنب اللوم والتوبيخ المباشر أو التشهير، أو الاتهام بالفشل والعجز حتى لا يتولد جراء ذلك ردة فعل عكسية أو رافضة.
كما أن الاحتواء والتفاهم والحوار يعطي ثمرته في الاستجابة بقوة، فالمراهق يحب الحوار والمناقشة؛ لأنها تشعره بقيمته، وأن له رأيا وله تقدير واحترام.
أسأل الله أن يؤلف بين قلوبكم ويلهمكم السداد والرشد في القول والعمل.