السؤال
تقدم شاب لخطبتي بعد أن رآني في عملي، فأعجبت به جدا، وقلت لأمي عنه أنه سوف يتقدم مع أهله، فقالت: خيرا، وحين تكلمت والدة الشاب مع أمي، قالت لها: سأشاور الفتاة، مع أنها تعلم أنني أريده، وعندما راجعتها أنكرت أنهم تكلموا معها، وعاودوا الاتصال، ولكنها تمنعت عن الرد عليهم، بعد شهر رد أهلي أنه غير مناسب؛ لأنه لا يوجد معه شهادة جامعية، بالرغم من أنه يعمل بوظيفة حكومية، ولديه بيت مستقل، ردهم بسبب أنني مهندسة وموظفة، ويريد أن يستغلني، ولكنني أحببته حبا جما لخلقه، ودينه وثقافته، وحسن كلامه.
بعد ٩ أشهر من المحاولة يئس مني، وخطب فتاة أخرى، أنا أشعر بقهر من أهلي ومنه، وأنا وحيدة وأمي لا تحس بي، ولا يهمها مشاعري، يوميا أبكي على سوء ما أنا به، وأنه كان نصيبي، وأهلي وقفوا في وجه نصيبي بمن أحببت، ولم يسمعوا مني نهائيا، بالرغم من أنني لست صغيرة على اتخاذ قرار الزواج من شخص ما، ولن يأتي لنا كل فترة إنسان أرتاح له وأحبه.
مع العلم أنه تقدم لي اثنان فقط، والاثنان خلقهم ليس جيدا، وغير ملتزمين بالصلاة، أنا أريد الاستقرار والزواج، وأريد من يهتم لأمري، يحبني ويراني أجمل فتاة.
أرجو أن أسمع منكم ما يريح قلبي وبالي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.
وننصحك أولا – ابنتنا الكريمة - بأن تكوني مطمئنة راضية بقضاء الله تعالى وقدره، موقنة بأن الله تعالى يقدر لك ما هو خير لك وأنفع، وأنه أرحم بك من نفسك، فقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فكوني مطمئنة، واثقة بحسن تدبير الله تعالى لأمورك، مفوضة أمورك إليه، وهذا لا يعني عدم الأخذ بالأسباب المباحة المشروعة، ولكن لن يكون إلا ما قدره الله، فلا تحزني أبدا، ولا تيأسي على شيء فات، فقد قال سبحانه في سورة الحديد: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} [الحديد: 22-23].
فأخبرنا سبحانه أن إيماننا بأن الله تعالى قد كتب كل شيء، وأنه لن يقع إلا ما قد كتبه الله قبل أن نخلق، إيماننا هذا سبب لسعادتنا، وعدم وقوعنا في الحزن لأي شيء يفوت، فما قدر الله تعالى أن يفوت فإنه لا بد أن يفوت، ولن تنفع معه الحيل ولا الأسباب.
فكوني مطمئنة أن ما فاتك إنما قد قدر الله تعالى أنه يفوت، وأنه إذا فات فإن الخير في فواته، فاحرصي أنت على الأخذ بالأسباب المشروعة من التعرف إلى النساء الصالحات والفتيات الطيبات، والاستعانة بهن للبحث عن الزوج الصالح المناسب.
واعذري أهلك في رفضهم لهذا الشاب، فربما كان رأيهم أسد وأقرب إلى الصواب من رأيك، فهم أكثر علما بالحياة وشؤونها، وأكثر تجربة منك، وهم مع ذلك حريصون كل الحرص على مصلحتك لحبهم لك، فلا تظني أبدا أنهم يفعلون شيئا يضرك ويقصدون إيصال الضرر إليك، وأنت ربما راق لك كثير من الكلام الحلو، ومرت عليك كثير من الحيل التي يستعملها بعض الناس، ولا يمر ذلك على أهلك، لقدم خبرتهم وكبر تجربتهم.
فكوني مطمئنة إلى أن قرار أهلك إنما يصب في الأخير في مصلحتك، وهذا لا يعني أبدا عدم مصارحتهم برغبتك في شخص إذا تقدم لك، وأن عليهم أن يسألوا عنه، وألا ينظروا إلى الفوارق المادية، وألا يعظموا من شأنها، ونحن على ثقة من أنهم سيتفهمون ذلك، واستعيني كذلك بالأقارب الذين لهم تأثير على والديك، كإخوانك وأخوالك وأعمامك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به.