سوء طباع أمي جعلتني لا أعرف كيف أتعامل معها

0 34

السؤال

السلام عليكم.

والدتي -حفظها الله، وأصلح حالها وحالنا- امرأة طيبة، ومحبة لأبنائها، وحريصة عليهم أشد الحرص، إلا أن أسلوبها يمتاز بالسلبية، والانتقاد المستمر اللاذع، بداية من انتقاد الشكل -وهو خلق الله سبحانه وتعالى-، إلى انتقاد الشخصية والتصرفات صغيرها وكبيرها.

دائما تركز على الخطأ مهما كان صغيرا، ولا تشجع أبدا، وإن فعلت، فسرعان ما تقلب هذا التشجيع إلى انتقاد أيضا، هذا الانتقاد المستمر أدى لضعف شخصيتي، والكثير من الصعوبات النفسية التي أرهقتني في حياتي، إلا أن فضل الله علي كان عظيما، فبدأت أتخطى الكثير منها، لكني أتألم لإخوتي الصغار، ولا أريدهم أن يعانوا مثل ما عانيت.

وهذا ما جعلني أكن الغضب والضيق والشفقة كلما رأيتها تنتقدهم، وأتذكر كل المواقف السيئة التي تعرضت لها، مما يزيد حنقي وغضبي.

أدى هذا بي إلى مرحلة أني لا أطيق التعامل معها، ولا الحديث إليها، وأحاول تجنبها كي لا أقع في محرم، إلا أنها لاحظت ذلك بالطبع وتضايقت، وهذا حقها، وأعلم أني مخطئة، ولا ينبغي لي أن أسيء إليها مهما فعلت، فهي أمي، وحقها علي عظيم.

أحاول برها بقدر المستطاع، فأساعدها في أمور البيت، وأذاكر لإخوتي الصغار، ولا أرفض لها أي طلب، وأدعو لها كثيرا أن ينير الله بصيرتها، ويرزقها حسن الكلام.

إلا أني لا أستطيع إزالة هذا الشعور من داخلي، والذي يترجم في سوء تعامل، كالتجنب، وقلة الكلام، أو امتعاض الوجه، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك-أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:

فإننا -نحمد الله الكريم- أن أبقى لك أما، ومتعك بها، كم هي نعمة من الله عظيمة لك أن تستشعري وجودها حولك، كم هي منة من الله عليك أن رزقك الأمان بحديثها إليك.

منذ قليل كانت لنا وقفة مع فتاة ماتت أمها، وتركت لها إخوة صغارا، وأبوها مريض، كانت الفتاة أقل منك عمرا، تركت تعليمها، وتعمل من أجل أن تطعم وتعلم أخواتها ووالدها.

الفتاة راضية بقدر الله، لكن المشكلة أنها إلى الآن لا تستطيع النوم بسبب فقدان أمها، تشتاق إلى حديثها، تشتاق إلى الجلوس معها، تشتاق إلى ضمة صدرها، تقول: بأنها تستطيع أن تتحمل أي ألم من أجل رؤيتها فقط ولو أياما.

وأخرى تشتكي مرض والدتها، هذا المرض الذي جعلها طريحة الفراش، فلا قيام، ولا حديث، ولا شعور، وابنتها تكاد تجن من رؤية أمها كذلك.

لماذا نقول لك ذلك؟

لأننا أحيانا -أختنا الكريمة- لا نستشعر نعم الله علينا إلا إذا رحلت عنا، ساعتئذ نتمنى أن يعود الراحل، ولو كانت مشاكله أضعاف ما هي عليه، ولكن هيهات أن يعيد الموت أحدا أخذه.

أختنا: إننا نحمد الله إليك وجود والدتك بجوارك، ونرجو الله أن يمتعك بعافيتها، وأن يبارك لك في عمرها.

ودعينا نتفق على أمرين:

1- لا أحد سيحبك وإخوتك مثل أمك وأبيك، تلك قاعدة محكمة.
2- محال أن يتعمد الوالدان أذية ولدهم؛ لأنه زرعهم، وهم أكثر من تعبوا عليه.

إذا اتفقنا على ذلك أدركنا أن الانتقاد المبالغ فيه من قبل الأم هو من قبيل الحرص عليكم، وليس من قبيل إضعاف شخصيتكم، وهو وإن كان تربويا غير مقبول، إلا أنها عاشت تلك الحياة وهي تظن بل تعتقد أن هذه أفضل الطرق في التربية، بل ربما لو حاولت التغيير ما استطاعت.

فإذا كان الحال على ما مر، واقتنعت به تماما، فثقي أن هذا الشعور سيزول فور اعتقادك مباشرة.

وإننا ننصحك بما يلي:

1- كلما أتاك الشيطان، أو أكثرت الوالدة في الانتقاد، ابدئي بالاعتذار لها بما أسلفنا لك، وتفهم نفسيتها في سنها اليوم، واعمدي على إبعاد الغضب عنها، وإصلاح ما يمكن إصلاحه، مع احتساب الأجر.
2- الطريقة التي تجاوزت بها ضعف الشخصية، ابدئي على العمل بها مع إخوانك، وبهذا سيتجاوزون المشكلة مثلما تجاوزت.
3- اغرسي في نفوس إخوانك حب والدتهم لهم، وأن كثرة الانتقاد وليد الحرص والخوف عليهم.
4- إذا فعلت شيئا ومدحتك الوالدة عليه، فانتهزي الفرصة، وأظهري لها مدى سعادتك بهذا المدح، واحرصي على مضاعفة العمل بعدها، وستكون رسالة عملية في تأثير المدح على الأولاد.
5- إذا وجدت حديثا لأحد العلماء أو الدعاة عن أثر التحفيز النفسي للطفل، وخطورة الانتقاد المتكرر، فأرسليه لها، ولكن بطريق غير مباشر، عن طريق أي أحد، أو لو كانت في مجموعة ما، أو كان هناك نقاش يدور بينكم وهي تستمع، المهم أن يكون بطريق غير مباشر.

وأخيرا: أكثري من الدعاء لها، واجتهدي في برها، وستجدين بركة ذلك في حياتك وآخرتك، نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات