السؤال
السلام عليكم
أنا امرأة متزوجة، متدينة، عندي استشارة زوجية، جزاكم الله خيرا.
كيف التعامل مع زوج لا يعترف أنه أخطأ أبدا، ودائما يقلب الموازين، فيجعلني أنا الغلطانة.
أنا متزوجة منذ 20 سنة، ودائما حين تقع المشاكل بيننا يلومني، زوجي كثير اللوم، كثير العتاب، كثير المن، كثير الانتقادات والكلام السلبي، يقارنني بالغير، أو يقارن أولاده بأولاد الغير، لما هم هكذا وأولاد الغير هكذا؟ لا يفكر إلا في نفسه واحتياجاته.
أنا لا أنكر أنه ماديا متكفل بي وبأولادي -والحمد لله-، عنده مميزات أيضا في شخصيته، وأعترف أني أيضا لدي عيوب، فكلنا لدينا عيوب، لكن مهما حاولت إرضاءه لا يرضى، ودائما يشعرني أني لست كافية مهما عملت، وهذا أحيانا يدخلني في حالة من الاكتئاب من كثرة انتقاداته السلبية.
يعاقبني بالصمت حين تقع مشكلة بيننا، والصمت قد يستمر لأسابيع أو شهور رغم محاولتي للصلح، وأحيانا يكون هو السبب لكن لا يعترف ويلومني أنا، سواء كان الخطأ خطئي أو لم يكن خطئي.
حاولت فهم زوجي، وفهم طبعه الحاد، فهو يغضب بسرعة، الأمور عنده إما أبيض وإما أسود، متقلب المزاج، وهذا يشعرني بعدم الأمان وأنه في أي لحظة ممكن يقلب الأمور.
أحب زوجي وبيتي، لهذا حاولت أن أثقف نفسي، أتعلم، أخرج للعالم الخارجي، كوني انطوائية وزوجي من النوع الاجتماعي، ودائما يلومني على هذا الأمر، ويقول عني: قليلة الكلام، الحمد لله قطعت شوطا كبيرا، وتغيرت قليلا ولا زلت أسعى للتغيير.
بحثت ووجدت أن شخصيته من النوع النرجسي، وأن هذا النوع عنده اضطراب.
سؤالي: كيف يمكن التعامل مع زوجي حتى لا أخسر بيتي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بشرى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك وزوجك من كل مكروه وسوء.
نحمد الله أنك من الأخوات اللاتي عند الغضب لا ينسين إيجابيات الزوج، وكذلك يعترفن بالتقصير، ونحن نقول لك: إن هذه الشخصية -نعني التي لا تنسى فضل زوجها ولا حسناته عند الغضب- حري بها أن تتحسن، وحري بها أن تغير زوجها للأفضل بأمر الله.
ثانيا: دعينا نؤكد سويا على أن هذه الدنيا دار ابتلاء وكدر، وأن الحياة الزوجية من جنسها، وعليه فلا بد أن نقتنع ذاتيا بأن البيوت لا تخلو من المشاكل، وإن صح أن يوجد بيت في الدنيا بلا منغصات لكان بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن وجدنا تلك المشاكل حتى في بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، ورأينا كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم عالجها بحكمة وتؤدة.
ثالثا: إذا اقتنعنا بما مضى فعلينا أن نقتنع أن من عدت حسناته بان فضله، وأنت والزوج منهم بإذن الله.
رابعا: قد فهمنا من حديثك أن مشكلة الزوج تكمن في كثرة الانتقاد، وأنه لا يعترف بالخطأ إن وقع فيه، وأنه قد يعاقب على ذلك بالصمت العقابي، ونحن بالطبع لا نقلل من هذه المشكلة، وندرك أنها ثقيلة خاصة على المرأة التي تحب زوجها، وتريد أن تبره وترضى الله فيه، لأجل ذلك ننصحك بما يلي:
1- أكثري من تذكر ميزاته خاصة عند الغضب؛ فما علاقة هذا بالمشكلة؟ ذلك أن الإنسان يقوى أو يضعف بسبب الاتجاه النفسي السائد، فإذا كنت عند الغضب منهكة القوى فغالبا لن تتحملي أي ضغط، وسيظهر هذا على الوجه وفلتات اللسان، بخلاف ما لو كنت قوية من داخلك فإن هذا أدعى إلى امتصاص غضبه وتحمل ردة الفعل، والاجتهاد في أولها يعين على تجاوزها، وهذا يكون بثلاثة أمور:
- تذكر إيجابيات الزوج كما أسلفنا، وهذا يؤدى إلى إعذاره نوعا ما.
- تحمل أهون الشرين درءا للشر الأكبر، فلا شك أن الانتصار للذات عند الغضب، أو الرد سيدخل البيت في صمت عقابي يستمر لأسابيع، وقد لا يأتي بنفس النتيجة التي تكون في الابتداء؛ لأن الشيطان يكون مضخما الأحداث عند هذا الصمت العقابي لك وله.
- احتساب الأجر عند الله عز وجل.
2- انتقادات الزوج غالبا ما تكون على أشياء قديمة جديدة، أي ثابتة وأشياء فرعية، اجتهدي -أختنا- في تلاشي تلك الأخطاء الثابتة حتى ولو كانت من وجهة نظرك من الأمور العادية.
3- عند ابتداء أي مشكلة كوني معه على طرف واحد -حتى لو كان قد فهم بالخطأ-؛ بمعني لا تكوني ضده، بل قولي له: أتفهم غضبك، أشعر بألمك، لك الحق في هذا الانتقاد، كل هذه الكلمات تهدئ الروع، وتجعله لا يستجيب للتصعيد، وهذا ما نريده.
4- عند الانتهاء من المشكلة، وفي ساعة صفاء أظهري له ما قد فهمه بالغلط، واجتهدي أن يكون الكلام قليلا عابرا بدون أن تنتظري منه اعتذارا، يكفيك أن الرسالة وصلت له.
5- عند مقارنتك بغيرك لا تظهري الغضب، ولا تظهري الاهتمام؛ لأن البعض يعمد فقط إلى رؤية الغضب في وجه الزوجة عند المقارنة، أو يريد التنفيس عن أمر ما بداخله، وعدم الاهتمام مرة واثنتين وثلاثا وعشرا سيجبره على تغيير هذا الأسلوب.
6- حافظي على الأذكار الصباحية والمسائية، وقراءة سورة البقرة ليلا، أو الاستماع إليها، فإن هذا مما تحصن به البيوت.
وأخيرا: كثرة الدعاء لله عز وجل بأن يصلح الله البيت، وأن يعينك على تجاوز المشاكل عند بدايتها، فالعاقل من يحسن فن إدارة المشاكل لا من يبحث عن بيت بلا مشاكل.
كتب الله أجرك، وأصلح زوجك، والله الموفق.