السؤال
السلام عليكم
أنا أتوب إلى الله كثيرا، وآخر مرة كنت أصلي، وتبت إلى الله، واليوم غلبتني نفسي، وعملت نفس المعصية مرة أخرى، هل لو صليت وتبت ثم رجعت، هل أكون منافقا؟
أنا أتوب وأرجع للمعصية كثيرا، وأخاف أن أكون من المنافقين، أو أن ربنا لا يقبل توبتي.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يوفقك لكل خير يا أحمد، وأن يسترك في الدارين، ونحن في موقع إسلام ويب سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه، فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: أنت لست منافقا، ولكنك مسلم عاص تريد النجاة ولم تعرف طريقها، وترجو السلامة ولم تسلك دروبها، والعاقل -يا أحمد- من سلك طريق النجاة، ولم يعرض نفسه لمضلات الفتن، فإن لله غضبة إذا وقعت لا يقوم لها شيء، فاتق الله في نفسك، واحذر غضب الله عليك.
ثانيا: الذنوب والمعاصي لها آثار سلبية على القلب، بل وعلى النفس والحياة، وهي أحد الأسباب الهامة لقلة البركة والبعد عن الله تعالى، وهي أعظم حين تكون ممن هداه الله للإسلام، وعرف حدود الله وأحكامه، وعرف طرق النجاة وأساليب الشيطان، وعرف نهاية كل فريق إلى أين، ومن رحمة الله بنا أن شرع لنا التوبة الفورية عقب الذنب، وهذا ينبغي أن يكون حاضرا عندك، متى ما زلت القدم عن غير قصد، بعد أخذ الأسباب التي سنتحدث معك فيها بعد قليل.
متى ما وقعت في المعصية، عليك بالمسارعة في التوبة؛ استشعارا لغضب الله وحبا فيه، مع العزم على عدم العودة، واحذر من إيهام الشيطان لك بأن كثرة التوبة علامة النفاق، فهذا أمل الشيطان فيك، وقد ود لو ظفر منك بذلك، واحذر كذلك اليأس من التوبة بعد معاودة الذنب، فما وقعت فيه لا يعد نفاقا ولا استهتارا بشرعه، ولكن سول لك الشيطان أمرا ضعفت له.
أخي الكريم: قد ورد في الأثر عن أحد السلف قال: خياركم التواب.
قيل: فإن عاد للذنب.
قال: يستغفر الله ويتوب.
قيل: فإن عاد؟
قال: يستغفر الله ويتوب.
قيل: فإن عاد؟
قال: يستغفر الله ويتوب.
قيل حتى متى؟
قال: حتى يكون الشيطان هو المحسور.
وقيل للحسن البصري: ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه، ثم يعود، ثم يستغفر، ثم يعود؟ فقال: ود الشيطان لو ظفر منكم بهذا -اليأس من التوبة، والكف عنها- فلا تملوا من الاستغفار. وروي عنه أنه قال: ما أرى هذا إلا من أخلاق المؤمنين، يعني أن المؤمن كلما أذنب تاب. فاحذر خطوات الشيطان.
ثالثا: لا بد من دراسة عملية وعلمية للأسباب التي توقعك في تلك المعصية، والاجتهاد في إزالتها، فإن هذا هو الطريق الأمثل والصحيح، وأنت -بعون الله- قادر متى ما استعنت بالله، وعملت الأسباب الشرعية للابتعاد عن الذنب، وأن تكون عبدا صالحا.
رابعا: ممارسة الشهوة تزيدها سعارا، ومواجهتها والأخذ بالأسباب، مع بعض النصائح التالية، يحجمها بأمر الله، فانتبه لما يلي، واعمد إلى تطبيق ما تقرأ حتى تستطيع مقاومتها:
1- الإقناع الذاتي بأنك قادر على تجاوز المعصية، فمن المعلوم أن الاقتناع الداخلي عامل إيجابي، إذا فقدناه فإن العلاج سيكون ناقصا غير مكتمل.
2- الخلوة مع الله في صلاة الليل، وكثرة التذلل لله عز وجل؛ سمة لكل طالب حق، فالزم تلك الخلوة، وأكثر من الدعاء، وستجد الخير من وراء ذلك.
3- اجتهد في الإكثار من الصيام، فقد قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
4- ابتعد عن الفراغ، عن طريق شغل كل أوقاتك بالعلم، أو المذاكرة، أو ممارسة نوع من أنواع الرياضة، المهم أن لا تسلم نفسك للفراغ مطلقا، وأن تتجنب البقاء وحدك فترات طويلة.
5- ابتعد عن كل المثيرات التي تثيرك، ومنها التواصل مع الحاسوب أو تلك الأجهزة المدمرة.
6- المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، والذئب يأكل من الغنم القاصية، اجتهد في الإكثار من صحبة الصالحين من الإخوة، وقضاء أوقات التعلم والطاعة والعبادة والعمل المجتمعي.
7- كثرة الدعاء أن يصرف الله عنك الشر، وأن يقوي إيمانك، وأن يحفظك من كل مكروه، اجعله دوما على لسانك، وإنا نسأل الله أن يوفقك يا أحمد، وأن يقدر لك الخير، والله المستعان.