السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا مخطوبة منذ شهرين، وأواجه مشكلة مع خاطبي، فهو ضيق الفكر، وليس لديه حكمة الرجال في التصرف، وليس من الملتزمين -علما أني كنت أريد رجلا ملتزما-، ولسنا متقاربين في أمور كثيرة، مثل طريقة التفكير، والثقافة، فهو من منطقة مختلفة عني.
أشعر أني أحبه، ولكن بمجرد أن أبدأ الحديث معه تحدث مشادات وخلاف على أتفه الأسباب، وأخاف أن أفسخ الخطبة فأندم، لما لديه من صفات أخرى، ولكن نعمة العقل، والحكمة، والبصيرة ليست عنده في أي جانب من جوانب الحياة، لما مر فيه من ظروف، من زواج والده، ووفاة أمه، واختياره أن يكون منطويا، غير اجتماعي، عكسي تماما، فأنا موظفة، وأحب أن أتعلم مع الآخرين، وطموحة، ولا أجد أي مشكلة مع أي شخص سواء في عملي، أو مع أصحابي، أو في بيتي، بينما هو يتعامل مع الأمور بنظرة عاطفية، حاولت أن أتحدث معه، ولكن دون جدوى!
أراه لا يتعامل بالشكل المطلوب مع المواقف التي تستدعي الحزم واتخاذ القرارات الصارمة والحازمة، وعندما أتدخل ينزعج، مبررا بأنني يجب ألا أتدخل في كلام الرجال، مما يؤدي إلى إحراجي في مواقف كثيرة أمام الناس، لخجله، وقلة معرفته وبصيرته وحكمته!
ماذا أفعل حتى لا أعجب برجل آخر فيه تلك الصفات؟ لأنني بدأت أتأثر وأقارنه بغيره من الرجال؛ حتى أعرف من منا على صواب!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:
أخطر ما يؤرقنا في حياتنا أمران:
- وضع المعايير التي نحكم بها على الآخر.
- عدم تفهم طبيعة الحياة وما فيها من نواقص.
وهذا الأمران -أختنا الكريمة- رأس كل مصيبة اجتماعية، ودعينا نفسر لك ما أردنا:
أولا: معايير الرجل البيتوتي في اختيار زوجته ألا تعرف أحدا ولا يعرفها أحد، وهذا يوجب عليه عند التفكير في أي امرأة النظر إليها من هذه الزاوية، فهذه لا تصلح، لأنها تحب الخروج للتنزه مع محارمها، وهذه تصلح لأنها لا تحب الخروج من بيتها، بغض النظر عن العوامل الأخرى التي قد تكون مدمرة للحياة الزوجية.
كذلك هنا -أختنا الفاضلة-: حكمت على الخاطب بأنه قليل التصرف، ضيق الفكر، غير اجتماعي، قليل العلم، كل هذه الأحكام بناء على أي معايير؟ هي بناء على محكمات من كثرة تعاملك مع الغير، وثقافات متداخلة، واجتماعات متباينة؟ وهذه الأمور وإن كانت منضبطة بالشرع إلا أنها تعطي قناعات ومحكمات قد تكون غير صحيحة.
نضرب مثالا: إذا تحدث الخاطب مع الرجال حتى وإن أخطأ في التقدير، هل الطبيعي أن تدخل المخطوبة في حديثهم وتصوب له وتنصح؟
هذا في معايير الرجل البيتوتي تجاوز للحدود، وربما أعظم من ذلك عندهم، وفي معاييرك أمر طبيعي جدا، وما المانع منه، ومن هنا يبدأ الاختلاف، ويرى الشخص الطرف الآخر بعين ما طبع عليه، وهذا خطأ.
الثاني: أن يبصر الإنسان في من يريد بعض ما لا يريد، متناسيا أن الدنيا هذه دار نقص، وأنه من المستحيل أن يحظى الرجل أو المرأة بكل ما يريد، والعقل مفض إلى أن اختيار ما لا يمكن الاستغناء عنه، والتعايش فيما يمكن التنازل عنه.
وما لا يمكن التنازل عنه هو: الدين، والخلق، وغياب العيوب التي تضر الزواج، كالأمراض المعدية التي لا علاج منها، أو العقم الذي لا يتم به الإنجاب، أو غير ذلك.
لو وضعنا هذه المعايير لوجدنا أننا يمكننا أن نتقارب ولا نتباعد، ونتصالح ولا نختلف، ونتعايش ولا تفترق، ونتفق على آلية تريحنا في التعامل في المختلف فيه.
فمثلا: إذا تحدث الزوج مع الرجال عن شيء -يمكن أن يكون خطئا من وجهة نظرك، تتفقان على الحديث معا وحدكما، ثم تبيان وجهة نظره أولا، ثم تبيان وجهة نظرك ثانيا، ثم الاتفاق فيما بينكما على ما تريدان، وانتهى الأمر.
أختنا: هناك نقطة مهمة جدا يجب أن نوضحها لك: لو أن كل امرأة فقدت خلقا من زوجها رأته في غيره فانجذبت له لضاعت الحياة وضاع معها الدين، وهذا الكلام نقوله لك وله، فليست كل امرأة كاملة، بل فيها هنا نقص وهناك تمام، والعبرة بالمجموع لا بالجميع.
وفي النهاية: الرجل إذا كان صاحب خلق ودين، فإن ما ذكرته يمكن تداركه، خاصة والسن لا يعد صغيرا، فأنت اقتربت من الثلاثين، وهذا لا يعني عنوسة، ولكن ليست الأنسب، والواقعية مهمة.
أما إذا وجدت أن الرجل بتلك الصفات لن يعصمك ولن يكون حجابا بينك وبين ما حرم الله، وعندك البديل الأفضل وهو صاحب دين وخلق، فعليك بعد الاستشارة الاستخارة، ثم التوكل على الله، وما يقضيه الله ساعتها هو الخير.
نسأل الله أن يسعدك، وأن يوفقك، والله المستعان.