السؤال
أنا شاب في الثلاثين، وفي صغري دعوت الله أن يعاقبني على كل شيء في الدنيا، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني إلى الآن؛ بل وتزيد معاناتي تدريجيا، ولكن كل المؤشرات تدل على أني مسحور، وقد ذهبت إلى أطباء باطنية، ومخ وأعصاب، وجراحة وكلهم بلا جدوى.
قصتي طويلة، فأنا أعاني منذ الصغر ابتداء من ألم مستمر في الرأس ، وكثرة النسيان، والكوابيس المرعبة، وزيغ البصر، وضربات القلب المرتفعة، والخوف بدون سبب...إلخ.
مع ذكر أني كنت ذكيا لدرجة كبيرة قبل ذلك، ومتفوقا جدا في الدراسة، فهذه قصتي باختصار، أفيدوني، رجاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك – أخي الفاضل – عبر استشارت إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
أخي الفاضل: لماذا نطلب من الله أن يعاقبنا؟ بل يلزمنا أن نطلب منه أن يخفف عنا ويرحمنا برحمته، ففي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد رجلا قد جهد حتى صار مثل الفرخ، فقال صلى الله عليه وسلم: (هل كنت دعوت الله بشيء) ؟ قال : نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تستطيعه أو لا تطيقه، فهلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)؟ قال: فدعا الله فشفاه.
فعليك بهذا الدعاء الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل، وهو الدعاء بالخير في الدنيا والآخرة، ونهاه أن يدعو على نفسه، فالإنسان لا يطيق تحمل آلام الأمراض والمصائب، ولكن الله يقدرها بحكمته سبحانه وتعالى.
أخي الفاضل: واضح أنك ذهبت إلى أطباء بتخصصات مختلفة، وكلهم أكدوا لك عدم وجود مرض بدني، ولذلك ربما ما تمر به هي حالة نفسية، في الواقع يصعب تشخيصها بشكل دقيق من خلال ما ورد في سؤالك، ولكن ما وصفته من أعراض ككثرة النسيان والكوابيس المرعبة، وزيغ البصر وسرعة ضربات القلب والخوف...إلخ. هناك عدة احتمالات.
هناك احتمال أنك تعاني من القلق والتوتر، والمترافق مع نوبات الهلع، حيث يتسرع القلب فجأة وتشعر وكأنه سيغمى عليك ويزيغ البصر.
الاحتمال الثاني: أنك تعاني من الاكتئاب النفسي، والذي يمكن أن يفسر أيضا بهذه الأعراض، بالإضافة إلى أعراض أخرى كعدم الرغبة بالقيام بالأعمال، وربما اضطراب النوم، والشهية للطعام أو غيرها.
كل هذه الأمور يمكن أن تعطيك انطباعا أنه قل ذكاؤك، ولا أظن هذا توصيف دقيق.
أخي الفاضل: طالما أنك ذهبت إلى عدة أطباء بتخصصات الأمراض البدنية المختلفة، أسألك: ألم يأن الأوان أن تراجع طبيبا نفسيا عندكم في السودان، وهم كثر، وذو خبرة جيدة -ولله الحمد-؟
لذلك أنصحك ألا تتأخر أو تتردد أو تتخوف من مراجعة الطبيب النفسي؛ لأنه سيقوم بفحص الحالة النفسية، ويسألك عن بعض الجوانب الأخرى التي لم تشر إليها في سؤالك، وبالتالي يضع التشخيص، ويصف لك الخطة العلاجية، سواء كان العلاج دوائيا أو عن طريق جلسات العلاج النفسي.
أرجو أن تسرع في هذا، داعيا الله تعالى لك أن يخفف عنك، ويشرح صدرك، ويكتب لك تمام الصحة والعافية، لتعود للحياة بهمة ونشاط، وتمارس عملك كشرطي.
وبالله التوفيق.