الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدَّثت أمي عن وفاة رجل أعرفه فمات بعد ثلاثة أيام!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قلت لأمي إن شخصاً أعرفه منذ أن كنت طفلاً، وأنه توفي ولا أعرف لماذا خطر على بالي فجأة، وبعد ثلاثة أيام منذ أن قلت هذا لأمي توفاه الله فعلًا، وخفت كثيرًا، فأنا كنت لا أعرف أي معلومة عنه.

أرجو الرد، فأنا في حالة من الخوف، علمًا بأن بعض أحلامى تتحقق في الحقيقة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب.

أخي: كما تعرف أن أمر الموت لا يعلمه إلَّا الله، الموت والحياة بيد الله، وقد قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]. هذه حقيقة مطلقة يجب أن نؤمن بها تمامًا، أمر الروح أمر غيبي لا يعلم بكنهه إلَّا الله تعالى.

أمَّا ما يحدث في بعض الأحيان من مثل ما ذكرتَ فهو من قبيل المصادفة، فالإنسان قد تأتيه خواطر في بعض الأحيان وتتحقق، ولا يعني هذا أبدًا أن الشخصية تتميز بخاصية معينة أو شيء من هذا القبيل، ويجب ألَّا نبني حياتنا أبدًا على هذه الخواطر، فقد تتحقق وقد لا تتحقق، والمهم هو أن يكون تفكيرنا تفكيرًا سليمًا وصحيحًا، وغير وسواسي، هذا مهم جدًا في بيانه.

هذا من وجهة نظري ينبغي أن يُدرك، فلا تخف، وأريدك ألَّا تبني أبدًا على ما قلته شيئًا، وهي أن بعض أحلامك تتحقق في الحقيقة، ونحن لا نفسر الأحلام أبدًا، وكل الذي نقوله: إن الرؤيا من الرحمن، والحلم من الشيطان، ومن الضروري جدًّا للذي تأتيه أحلام كثيرة أن يُحسن من صحته النومية وصحته النفسية؛ لأن الأحلام الكثيرة في بعض الأحيان هي مقياس على وجود القلق النفسي.

وعلى ضوء ذلك نقول لمن تكثر أحلامه: عليك أن تتجنَّب النوم النهاري، وأن تتجنب شرب الشاي والقهوة بعد الساعة الخامسة مساءً، وثبت وقت النوم، واحرص على أن تكون في حالة استرخاء بدني وذهني قبل النوم، واحرص على أذكار النوم، ويجب أن تكون وجبة العشاء في وقت مبكر من الليل، وأن تكون وجبة خفيفة، وألَّا تكون وجبة دسمة.

هذه الأحلام من الأفضل ألَّا تُحكى أبدًا، هي أحلام مزعجة أو هلاوس، ويجب على الإنسان أن يستعيذ بالله تعالى من شرها ويسأله خيرها، وألَّا يُحدِّث بها أو عنها، وإن استيقظ ومر بواحدة من هذه الأحلام فيجب أن يستغفر ويستعيذ بالله من الشيطان، ويتفل ثلاثًا على شقه الأيسر.

هذا ما ننصحك به، وهذا مجرد نوع من التماهي أو الصدفة، وليس أكثر من ذلك من وجهة نظري، وطبعًا التأثير المجتمعي موجود في مثل هذه الأشياء، فكثير من الناس لديهم نفس اعتقاداتك هذه، وطبعًا هنالك من يتحدث عمَّا يُسمى بالخوارق الفسيولوجية أو المعرفية، لكن هذا الأمر ليس ثابتًا أبدًا.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.
_______________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم .. استشاري طب النفس.
وتليها إجابة الدكتور الشيخ/ أحمد الفودعي .. الاستشاري الشرعي.
_______________________________________

مرحبًا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى أن يُقدِّر لك الخير، وأن يصرف عنك كل سوء ومكروه.

قد أفادك الأخ الفاضل الدكتور محمد فيما ينفعك ويفيدك من الناحية النفسية والسلوكية، ونزيد تأكيدًا على ما قاله الدكتور محمد، أن نؤكد بعض الحقائق من الناحية الشرعية.

أول هذه الحقائق - أيها الحبيب - ما أفادك به الفاضل الدكتور محمد من أن الموت وقَّتَ الله تعالى له وقتًا لكل إنسان، وهذا الوقت مخفي أخفاه الله تعالى عنَّا، كما قال سبحانه في كتابه الكريم: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34].

وإذا وقع أن رأى الإنسان في منامه رؤيا، أو خطر له خاطر بأن فلاناً سيموت بعد عددٍ من الأيام - أو نحو ذلك - فإن هذه الخواطر لا تُغيِّر من حقيقة الأمر شيئًا، والمسلم ينبغي أن يُربِّي نفسه على التعامل مع الحقائق، وعدم الجري وراء الأوهام والظنون، فالإسلام جاء يدعونا إلى بناء تصوراتنا على اليقين، وأن نتجنب الوهم، وما يؤدي إليه.

فإذا أيقن الإنسان المسلم بأن الأجل مكتوب قد قدَّره الله تعالى قبل أن يخرج هو إلى هذه الدنيا، وأن هذا الأجل المكتوب لا يمكن أن يتقدَّم أو أن يتأخر، فقد قضى الله تعالى بذلك كما قال: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34] ، وأن الله تعالى أخفى عنَّا هذا القدر لمصالحنا، حتى نتمكن من تعمير هذه الحياة والاشتغال بما ينفعنا ويفيدنا.

إذا أيقن المسلم بهذه الحقائق، وأيقن أنه إذا جاءه الموت لا يمكن أن يُصرف ولا أن يُؤخر، استراح قلبه، وهدأت نفسه، وعاش حياته بسكينة وطمأنينة واستقرار.

وليس المهم أن يُدرك الإنسان الوفاة ومتى ستكون، ولكن الأهم هو الاستعداد لما بعد هذا الموت، فالموت ليس إلَّا انتقالاً من مرحلة في حياة الإنسان إلى مرحلة جديدة من حياته، فحياته طويلة، والحياة الدنيا مرحلة من هذه المراحل، والانتقال منها إلى المرحلة التي تليها يكون بالموت، والموت بالنسبة للإنسان المؤمن انتقال إلى اللذة والراحة والنعيم المقيم الدائم.

فليس في الموت ما يخيف هذا الإنسان المؤمن، بل هو ناقلٌ له إلى ما هو خيرٌ له وأفضل، ولك أن تتفكر في شأن هذا الإنسان عندما يخرج من بطن أمه، فإنه لما أَلِفَ واعتاد على الحياة في بطن أمه أحبَّ ذلك البقاء، وإذا خرج فإنه يبكي ويصيح، وهو لا يعلم بأن هذه الدنيا التي خرج إليها هي أوسع وأكبر من ذلك المكان الذي كان يعيش فيه في بطن أمه، فهذه طبيعة الإنسان، يقلق ويضطرب ويخاف عندما يتذكر الموت، ولكن الإسلام جاء بعقيدة تُورث النفس السكينة والطمأنينة.

فاحرص على الاستعداد لما بعد الموت، فإذا اشتغلت بذلك وجدت السعادة من حيث لا تظن أنها ستدخل إليك، فبذكر الله تطمئن القلوب كما أخبر الله تعالى، والانشغال بالنافع من أهم الأسباب لطرد الكآبة والسآمة عن الإنسان.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنك كل سوء ومكروه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً