أفكر في نصر المسلمين وأخشى أن ما أفعله رياء!

0 37

السؤال

منذ فترة قريبة بدأت أشعر بالذنب والحزن تجاه ما يحصل للمسلمين في كل بقاع الأرض، ومنهم غزة، فبدأت أتوب من كل الذنوب التي أفعلها، وأجتهد في طاعة الله أكثر، عسى أن يرفع الله غضبه عن المسلمين؛ لأنني سمعت أن ذنوب القوم تنزل عليهم العذاب، وبدأت أجتهد أكثر في المذاكرة والعلوم المختلفة لكي أنفع بها المسلمين، وأجعل كلمة الله هي العليا في الأرض، لكن الصراحة بدأ يراودني شعور أنني لست أفعل هذا لأجل الله، وإنما لأجل الناس التي أشفقت عليها، أو أفعل هذا لأجل المسلمين، حيث إن المسلمين من نفس ديني، وإني أنصرهم بسبب الحمية ليس أكثر، وأن ما أفعله هذا رياء.

كما يراودني حلم يقظة أن أمسك منصبا قياديا بعلمي أو بقوتي، أو مهما كان، لكي أنصر به المسلمين، وأرى في نفسي أني هكذا مثل من اقتديت بهم كصلاح الدين الأيوبي وخالد بن الوليد، فأشعر أيضا أن هذا رياء، وأنني أريد المنصب لكي يقال فلان فعل، وهكذا.

أنا قلق أن يكون هذا رياء، وكل أعمالي تلك ليس لي عليها ثواب من الله، ما الحل؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إياد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر الأمة، ونبشرك بأنك على خير كثير، وسعدنا لأنك فهمت عوامل النصر التي تبدأ بتركنا للمعصية لله، فنحن أمة تنتصر بطاعتها لله، وتنكسر بعصيانها لله تبارك وتعالى، وأنت مشكور على هذه النية، وهكذا ينبغي أن نحول حماسنا واندفاعنا ونصرتنا لإخواننا إلى أعمال وأفعال؛ لأن الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).

فاستمر على هذه الطاعات، ولا تلتفت إلى الوساوس التي تأتيك، واعلم أن المسلم عندما ينصر إخوانه ويعمل من أجل نصرهم إنما يفعل ذلك طاعة لله الذي أمرنا بهذا، والذي حذرنا من خذلانهم؛ لأن عدم النصرة معناه أن ننتظر خذلان الله لهذه الأمة، فما من مسلم يخذل مسلما في موطن يحب فيه نصرته إلا خذله الله في موطن ينتظر ويتأمل ويأمل فيه نصر الله له، ولذلك الإنسان لما يساعد إخوانه هو ينطلق من قواعد هذا الشرع الحنيف، ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان، واعلم أن العمل من أجل الناس رياء، لكن ترك العمل من أجل الناس خطير، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.

وعليك أن تستمر في العمل، ولا مانع من أن يطلب الإنسان الريادة بالحق، ألم يقل سليمان عليه السلام: (رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب)، ألم يقل يوسف عليه السلام: (قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم)، فلذلك التمني هذا لا ينافي الإخلاص، ولكن الإنسان يظل يجاهد نفسه ويطلب معالي الأمور، ويسأل الله الفردوس الأعلى، ويكون صاحب همة عالية، وهو مع طلباته هذه للقيادة والريادة يجعل نيته نصر الدين، والاستفادة من هذه المواقع في خدمة الدين، ثم يراجع نيته ويصحح مسيرته؛ لأن الشيطان يريد للإنسان أن يتوقف ويقول: أنت ترائي. الحل في هذا أن يستمر ويجتهد في استحضار الإخلاص.

وإذا أخلص الإنسان في القليل فهو على خير، فلا تلتفت لهذه الوساوس، وكونك تحرص على أن تتوب وتصلي، وتجتهد في دراستك لتنصر أمتك، فهذا هو المطلوب، وهذا هو الفهم الجميل الذي نريد أن يسود الأمة؛ لأن الأمة لكي تنتصر هناك عوامل كثيرة، حتى من ضمنها التأهيل العلمي، والاجتهاد، ورعاية الصحة، والعمل، وتعلم العلم، والبعد عن المعاصي، كل هذا يصب في طريق النصر، ويهيئ الأمة لكي تنتصر، وهذا هو المعنى الفعلي، التعاطف الفعلي أن أغير نفسي لتستقيم على هذا الشرع الذي شرفنا الله به.

نسأل الله أن يعجل بنصر أهلنا في غزة، وأن ينصر المستضعفين في كل مكان، وأن يرينا في أعداء الإسلام يوما أسود، هو ولي ذلك، والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات