هل اتباع الأوامر واجتناب النواهي دليل على الإيمان؟

0 30

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع، أنا و-الحمد لله- مسلم، ملتزم بالصلاة مع الجماعة في جميع الصلوات، أقوم بالواجبات الدينية، وأجتنب الكبائر، وأسعى ما استطعت إلى اتباع منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحياة، وفي تربية أولادي، إلا أنني أواجه مشكلة كبيرة تعكر علي حياتي؛ حيث إنني في أحد الأيام كنت نائما وحلمت حلما له ارتباط بالدين، وبمجرد أن استفقت فزعا أحسست باضطراب في دماغي، وبدأت الشبهات والوساوس والشكوك في العقائد تهجم علي.

لا أعرف ماذا حدث لي، وكأن دماغي أصبح فيه خلل، إنني على هذه الحال مدة عام ونصف.

بالرغم من ذلك قررت زيادة في الطاعات؛ اعتقادا مني أنها السبيل الوحيد للتأكد من كوني على الإيمان، -والحمد لله- ما زلت ثابتا عليها.

أحس أن هذه الطاعات متجذرة في أعماقي، ولا أتصور نفسي دونها، أخاف أن أكون شاكا في الدين، أو من الذين في قلوبهم مرض، ومن الذين يضمرون ما لا يظهرون بسبب هذه الشكوك، أكره هذه الخواطر التي أصبحت ملازمة لي، أسأل الله في كل صلاة أن يثبتني على الدين.

سؤالي: هل اتباعي للأوامر واجتنابي للمعاصي يعتبر ضابطا للتأكد من وجود الإيمان في القلب؟ وهل كثرة ورود هذه الأفكار السيئة تعني أن الخواطر استقرت في القلب، بالرغم من قيامي بالواجبات الدينية؟

أرشدوني، -رحمكم الله تعالى-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الودود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يثبتنا وإياك على الحق المبين، وبعد:

إننا نحمد الله عز وجل على تمسكك بدينك، وعلى الاجتهاد في طاعته، وهذا والله هو الفوز العظيم لمن أدرك حقيقة الدنيا وفهم طبيعة وجوده فيها.

ونؤكد لك على ما يلي:

1- إننا أصحاب دين حق، ليس فيه ما يخجلنا ولا ما يقلقنا ولا ما يزعزع إيماننا، وقد حاول أعداء الإسلام منذ ولادة الإسلام تشويهه، فما ازداد إلا رسوخا وإيمانا، والحمد لله أن هدانا للإسلام.

2- الشبهات التي ترد على الناس، ومنها التي وردت عليك، لا تأثير لها البتة على إيمانك، ولا تضعف قدر أنملة تدينك، ولست محاسبا عليها بل أنت مأجور على مواجهتها.

3- استمرت الوساوس معك عاما ونصف لأنك واجهتها بطريقة خاطئة، ولو سألت منذ أن طرأت عليك لعلمت الجواب وارتحت منها.

4- قلما ينجو متدين من تلك الوساوس، فلا تقلق ولا تنزعج، بل اعلم أن وجودها في حد ذاته دليل عافية، فقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (جاء ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أوقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان).

لدفع تلك الوساوس عليك أن تفعل ما يلي:

- لا تسترسل معها ولا تجاريها ولا تحاول البحث عن كل شبهة ترد، فإن هذا مراد الشيطان منك أن يشغلك وأن يحزنك.

- اجتهد في أن تتعلم كتابا مبسطا في العقيدة، والموقع به كتب كثيرة مشروحة، خذ كتابا بسيطا وتعلم أصول عقيدتك.

كما نود منك أن تقرأ كتاب (التوراة والإنجيل والقرآن والعلم) لموريس بكاي، وهو طبيب فرنسي نصراني استعرض الكتب السماوية وبحث في الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلم يجد إلا القرآن، واعترف بذلك وهو نصراني، واستعرض شبها كثيرة ورد عليها، نود منك الاطلاع عليه.

أخي الحبيب: أنت على خير فلا تقلق، وما حدث معك هو من الشيطان لا منك، فاجتهد فيما أنت عليه ولا تخش شيئا، فاتباعك للأوامر الدينية واجتنابك للمحرمات والمعاصي ما أمكنك ذلك، وتوبتك إذا زلت القدم واستغفارك لما وقعت فيه من ذنب، يعد ضابطا أصيلا لوجود الإيمان في قلبك، بل نقول لك إن كثرة ورود الأفكار السيئة أو الخواطر المحرمة على قلبك مع إنكارك لها وعدم إرادتك وتأذيك هو أيضا ضابط لوجود الإيمان في قلبك، فاحمد الله على ما أنت عليه، واثبت على الحق، واتبع ما ذكرناه لك من إرشادات، وستجد الخير -إن شاء الله-.

بارك الله فيك، ويسر الله لك كل عسير، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات